أصوات نسائية
جميلة ورفيقاتها رماهن قدر الحرب لمصير “دار مسنين”
آسو- عاليه محمد
تجلس “جميلة محمد” (اسم مستعار) في ردهة صغيرة، يتسلل البؤس ملامح وجهها، وهي تتكىء بجسدها النحيل على جدار يعود لـ “دار مسنين” في مدينة “رميلان”، وهي تنظر في الأفق، تتحدث تأملاتها عن الوحدة، ولوعة الاشتياق للأهل.
لم تعد تمتلك “جميلة محمد” وهي بالعقد الثامن من العمر، القدرة على الحديث مع أحد، أو التواصل مباشرة مع من حولها، منذ أن بات أولادها الأربعة خارج البلاد، سالكين طريق الهجرة، فهي اليوم تعيش منذ عامين في دار للمسنين بمدينة رميلان.
وشهدت الحرب السورية، تشريد الكثير من الأهالي، ووحدانية لرجال ونساء مسنين كثر.
يعيش مع “جميلة” اثنين من النسوة، مسنات وفي عمرها، في دار للمسنات دون الرجال، والذي يشرف عليه “هيئة المرأة في إقليم الجزيرة”. ففي الممر الذي يؤدي إلى غرفتهن، تقوم مربية بمساعدة “جميلة” للنهوض لأنها لم تعد تستطيع الوقوف دون مساعدة، حيث تقوم ثلاث مربيات بالإشراف على المسنات الثلاث، ويقدمن الرعاية لهن.
وتقوم المشرفة الاجتماعية “نازي علاوي” بتقديم الدعم المعنوي للمسنات، وتساعد المشرفات، لأجل أن تتمكن المسنات من تجاوز المعاناة التي مرت بهن.
وتقول “علاوي” لشبكة آسو الإخبارية، إن الدار تم افتتاحه في عام 2015 بمدينة “قامشلو/ القامشلي”، ولكن بسبب ضعف الخدمات الأساسية “سواء الكهرباء أو المياه وغيرها تم نقل الدار في عام 2018 إلى الرميلان”.
لكل مسنة في الدار قصة مختلفة، فيما يجمعهن أنهن بدون معيل، فقد تم قبولهن لإيفاء الشروط المطلوبة من قبل دار الرعاية، حيث يشترط قبول المسنات اللواتي ليس لهن عوائل يعتنين بهن.
فتقول “نازي علاوي” إن الكثير من الحالات التي وصلت لدار المسنين تم رفضها لأن لهن (المسنات) عائلات، “خصصنا الدار للنساء الأكثر حاجة لمن لا يملكن أقرباء”.
فكرة دار لإعالة المسنين تلقى نظرة سلبية من المجتمع، لكن من وجهة نظر “نازي علاوي” فإن دار المسنين أمر إيجابي للعوائل، التي لا تستطيع إعالة مسن لديها لذا تكون الرعاية في دار المسنين الحل الأنسب”.
أكثر ما كان يجذب النظر أثناء الجلوس في غرفة المسنات، هو نحول جسد جميلة ونظرة الحزن البادية على ملامحها المغطاة بالتجاعيد الكثيرة، وعلى الرغم من تقديم الرعاية لها ولصديقاتها، إلا أن الحسرة والاشتياق للعائلة لا تفارقهنّ، وأكدت هذا الشعور عنهن “نازي علاوي” لشبكة آسو الإخبارية.
ويعد دار المسنات في مدينة الرميلان هو الوحيد في إقليم الجزيرة الذي يقدم الرعاية والدعم للنساء الكبيرات.
ملاحظة: تم إخفاء الأسماء برغبة من المسنات اللاتي رفضن تقرير مرئي فقامت الشبكة بإعداد تقرير كتابي عنهن.
*الصورة تعبيرية من الانترنت