أصوات نسائية
دون انتهاء جولات الحرب وعبء التشرد… نساء يؤرقهن النزوح
بشرى حامد
في إحدى المدارس في بلدة كركي لكي/معبدة شمال شرق سوريا توافد العشرات من النازحين إلى المنطقة بعد الهجمات التي شنها الجيش التركي على مدنهم وقراهم، مشاهد الأطفال وهم في صدمة بما يحدث، نساء تعبن من الترحال، نساء جالسات يسردن ما حدث معهن من مآسي خلال رحلة النزوح التي استغرقت عدة أيام تحت نيران العدوان التركي، أمهات مكلومات على ابنائهن وأخوات مفجوعة على أحبائهن، مشاهد إنسانية عصية على الإحتمال.
بعينها الدامعتين، وصوتها المتعب من الأنين والبكاء، تتحدث لنا “فاطمة عبدالقادر” الستينية النازحة من مدينتها كوباني “نزحنا من مدينتنا بعد أن اشتد القصف والنيران (العدوان) فوق رؤوسنا، لم يكن لدينا خيار آخر سوى الخروج، خرجت مع أولادي وعائلاتهم، وفي المسير تملكنا الخوف والرعب في الطريق بسبب القذائف التي كانت تنهال علينا”.
“تعبنا من الحرب” قالتها فاطمة وبدأت تجهش بالبكاء، وتتحدث منذ خمس سنوات تعرضت مدينتنا للدمار وهجمت علينا داعش، تركنا بيوتنا وكل ما نملك آنذاك، وحتى الآن نحن نعيش المعاناة ذاتها، إلى متى ستبقى نتعرض للقتل والتهجير؟ إلى متى سنبقى في هذه الحال؟ لقد تعبنا كثيرا، وأصبت بمرض القلب بسبب الخوف والرعب، وبعد وصولنا إلى البلدة، تم إيوائنا في هذه المدرسة وهي تفتقر إلى الخدمات الأولية، ولم تأت إلينا أي منظمات إغاثية حتى الآن، وكل ما أريده أن ننعم ببعض السلام، وأن نعود إلى مدننا وقرانا وألا يخاف أطفالنا”.
لم تكن النازحة “زوزان حميد” بأحسن حال من النسوة الأخريات، فهي قادمة من مدينة عفرين، تقول بأسى لم أرد أن يصاب أطفالي بأي مكروه وخاصة بعد أن قتل الطيران التركي زوجي، تنهال علينا الطائرات التركية بالقذائف، أتينا إلى مدينة قامشلو / القامشلي، ثم نزحنا مرة أخرى إلى كركي لكي /معبدة بسبب تركيا أيضا، كما ترون وضعنا صعب للغاية، وتم تشريدنا من قبل أردوغان، ماذا يريد منا ألا يكيفيه ما نعانيه من قهر وظلم؟”.
في غرفة صغيرة وهي أحد الصفوف بمدرسة تأوي نازحين جلست “نرجس شيخو” وهي أم لأطفال صغار، في زاوية الغرفة ووجهها المره، والمتعب من السهر تحت قذائف الغزو التركي، ولم تتمالك نفسها ودموعها من السقوط، وقالت بحرقة لقد نزحنا من مدينة كوبانى إلى قامشلو وها نحن ننزح مرة أخرى، أصيب أطفالي بالخوف، لم يكن باستطاعتهم النوم، لذا قررنا أن نغادر المدينة إلى مكان أكثر أمانا”.
في ركن الحمام الصغير في المدرسة، تقوم بغسل ملابس أطفالها، بعد رحلة نزوح إلى بلدة كركي لكي، “روشن محمد” أم ثلاثينية ونازحة من مدينة عفرين، تحدثنا ونبرة الغضب من هذا الوضع بادية في صوتها “ماذا نفعل بأنسفنا لقد تعبنا من التشرد هنا وهناك، نزحنا من عفرين وها نحن ننزح من القامشلي من القصف والقذائف، نريد أن تنتهي الحرب، نريد أن نعود إلى مدينتا وأن يعيش أطفالنا بسلام كبقية أطفال العالم”.
أوضاع مأساوية وصعبة للغاية تعيشها هؤلاء النسوة النازحات من مختلف المدن والمناطق في شمال شرق سوريا، مع أطفالهن وهاربات من قصف التركي إلى مكان أكثر أمنا، لكن رحلة النزوح والمشاق التي تكبدن به في رحلة النزوح والخوف التي رافقتهن كانن أكبر من كل شئ، وعيونهن مازالت ترقب السلام والعودة.