أخبار وتقارير
عودة نصف مليون سوري من تركيا… ولكن هل أجبروا على ذلك؟
محمد حردان
ترجمة: هجار عبو
أصبحت قضية استضافة اللاجئين السوريين موضوعًا ساخنًا في تركيا قبل نحو ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية، وفي وقت تعاني فيه تركيا من أزمة اقتصادية حادة.
وكانت أحزاب المعارضة قد تعهدت بضمان عودة ملايين السوريين.
وهكذا يبدو أن مستقبل اللاجئين السوريين يعتمد على خطتين، الأولى أعلنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مايو، هو في الأساس مشروع يسمح “بالعودة الطوعية لمليون لاجئ سوري إلى بلادهم”.
وقال أردوغان، في رسالة مصورة بمناسبة افتتاح منازل للسوريين الذين يعيشون في إدلب شمال سوريا، إن الخطة ستكون “شاملة للغاية” وتنفذ في 13 منطقة على طول الحدود الشمالية لسوريا.
وتتكون الخطة الثانية، والتي كشف عنها زعيم المعارضة كمال كيليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري – من أربع مراحل، وصفها كيليجدار أوغلو خلال لقائه بالسوريين في 17 تشرين الثاني / نوفمبر في إقليم كيليس الحدودي، وقال كيليجدار أوغلو إن عملية التنفيذ ستتم في غضون عامين إذا وصلوا إلى السلطة.
وفي تقرير صدر في أكتوبر / تشرين الأول، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن تركيا اعتقلت ورحلت مئات اللاجئين السوريين هذا العام، معظمهم من الرجال والشباب الذين احتُجزوا تعسفيا وأجبروا على العودة إلى شمال سوريا.
وبعد ساعات من نشر التقرير، قالت الرئاسة التركية لإدارة الهجرة في بيان إن “مزاعم هيومن رايتس ووتش لا أساس لها من الصحة” وأن “تركيا تتعامل مع اللاجئين بما يتماشى مع القانون الدولي والتشريعات الوطنية، وفي هذا السياق، يتم نقل الأجانب فقط إلى بلدهم الأصلي أو بلد ثالث آمن”.
وقال طالب سوري في جامعة حسن كاليونكو في مدينة غازي عنتاب التركية تم ترحيله قسريًا إلى شمال غرب سوريا مؤخرًا، للمونيتور، بشرط عدم الكشف عن هويته: “تم اعتقال والدتي من قبل دائرة الهجرة لأنهم لم يجدوني في منزلي عندما جاؤوا يبحثون عني”.
قال “توجهت بعد ذلك إلى مديرية العدل في غازي عنتاب لمعرفة ما إذا كان هناك حكم قضائي ضدي أو إذا كان هناك اتهام ضدي، وكان الجواب أنه لا توجد مشكلة”، ثم ذهبت إلى دائرة الهجرة حيث تم اعتقالي وإطلاق سراح أمي، ثم تم ترحيلي إلى سوريا دون توجيه أي تهم إليّ، ولم أستطع العودة إلى تركيا”.
وأضاف “لقد فقدت جامعتي ومستقبلي هناك”.
وقال لاجئ سوري آخر يقيم حاليًا في مدينة غازي عنتاب التركية للمونيتور بشرط عدم الكشف عن هويته: “لقد تعرضت للضرب من قبل ضباط الشرطة في أحد مراكزهم من أجل الضغط علي للتوقيع على طلب العودة الطوعية إلى سوريا بعد أن تم إيقافي عد نقطة تفتيش في مدينة غازي عنتاب”.
وقال اللاجئ السوري: “تعرضت للتهديد عدة مرات داخل مركز الشرطة بأنني سأتعرض للتعذيب إذا لم أوقع، وأنه سيتم ترحيلي على أي حال حتى لو لم أوقع، لكنني رفضت” وأضاف، “مكثت هناك لساعات، ثم طلبت مكالمة لإبلاغ عائلتي بمكان وجودي، وطلبت منهم إرسال محام على الفور”.
“تمكن المحامي من إخراجي من هناك بعد ساعات من اعتقالي، لكن هذا لا يعني أن حقوقي لم تنتهك داخل مخفر الشرطة”.
في 15 تموز / يوليو 2016، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، اتخذت أنقرة إجراءات كبيرة في شمال سوريا لضمان أمن الحدود، ونفذت عدة عمليات عسكرية، درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام، ضد قوات سوريا الديمقراطية، وأمنت العمليات العسكرية مساحات واسعة لعودة اللاجئين السوريين والعيش بعيدًا عن مناطق الحرب، بمساحة تقدر بـ 11304 كيلومترات مربعة.
عاد حوالي 560 ألف سوري من أصل 3.7 مليون لاجئ سوري في تركيا إلى بلادهم منذ عام 2016، وفقًا لأردوغان، في غضون ذلك، تواصل وزارة الدفاع التركية التنسيق مع المؤسسات والمنظمات ذات الصلة من أجل ضمان الحياة الطبيعية في المناطق السورية التي أصبحت آمنة.
وبدعم من المجتمع الدولي، تأمل تركيا في مواصلة تمويل مشاريع الإسكان والبنية التحتية في شمال غرب سوريا، آخر منطقة تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية، حيث تنشر أنقرة قواتها.
وأرجع عبد الله سليمان أوغلو، الباحث في الشؤون التركية، عودة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم إلى العمليات العسكرية التي نفذتها تركيا في السنوات السابقة.
وقال للمونيتور” “في حال شنّ عملية عسكرية جديدة في مناطق تل رفعت والقرى المجاورة أو منبج، سيعود الكثير من السوريين إلى هناك أيضًا، سواء من شمال غرب سوريا أو من تركيا أيضًا”.
وقال حسن النيفي، صحفي ومحلل سياسي سوري، للمونيتور: “إن الهدف من العمليات التركية في شمال سوريا ليس فقط تأمين المناطق الحدودية ولكن أيضًا ضمان عودة جزء من اللاجئين السوريين إلى مناطقهم”
وقال النيفي “تضاعف عدد العائدين بعد تصاعد خطاب الكراهية ضدهم في تركيا ومشاريع الترحيل والمضايقات التي يتعرضون لها”.
معبرًا عن أنه لا يمكن تنفيذ جميع مشاريع العودة التي أعلنت عنها الحكومة التركية، وأضاف أن بعض التصريحات هي جزء من حملة انتخابية للحزب الحاكم لا أكثر.
وقال وائل علوان، الباحث في مركز جسور للدراسات في اسطنبول، للمونيتور: “معظم الراغبين في العودة من تركيا هم من المناطق التي سيطرت عليها فصائل المعارضة بعد المعارك مع قوات سوريا الديمقراطية. يفضل هؤلاء السوريون استثمار أموالهم في مناطقهم داخل سوريا بدلاً من العيش كلاجئين في تركيا”.
وتستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين الذين فروا تدريجياً من سوريا منذ اندلاع الحرب في عام 2012، ووفقًا لجمعية اللاجئين التركية، استقبلت تركيا حتى الآن 3،762،686 لاجئًا سوريًا.
*الصورة من النت
*للقراءة من المصدر هنا