أخبار وتقارير
جنديرس… المدينة الأكثر تضررا والأكثر إهمالًا في محنة الزلزال
آسو- براءة محمد
تعتبر جنديرس من أكثر بلدات الشمال السوري تضرراً جرّاء الزلزال العنيف، الذي ضرب سوريا وتركيا يوم 6 شباط الجاري، وتجاوز عدد الضحايا فيها المئات، إضافة إلى آلاف الجرحى.
وبحسب الأرقام التي تم رصدها في جنديرس، فقد بلغ عدد الأبنية المنهارة فيها أكثر 214 بناء عدا الأبنية المتضررة التي أصبحت غير صالحة للسكن.
وقال شهود في جنديرس إن أهالي جنديرس وخصوصاً الكرد تركوا لمواجهة مصيرهم بمفردهم دون تقديم مساعدات توازي حجم الكارثة فيها.
وقالت أمينة مصطو وهي ناشطة إعلامية، إن أكثر من ثلاثة أرباع بلدة جنديرس تدمر بالكامل، ونسبة الضحايا الكرد لا تزال غير دقيقة، فأكثر الجثث تحت الأنقاض لم يستطع أحد إنقاذهم.
وناحية جنديرس تتبع منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية، وتم احتلال عفرين من قبل تركيا والجيش الوطني السوري في آذار 2018 حيث يعيش الأهالي بحسب تقارير لمنظمات دولية، ظروف صعبة وانتهاكات، فيما أسفر احتلال عفرين عن تهجير نسبة كبيرة من أهلها، وقامت تركيا بجلب مدنيين من محافظات سورية أخرى ووطنتهم في منازل العفرينين، الأمر الذي وصف بعملية تغيير ديمغرافي تقوم بها تركيا بحق الكرد في سوريا.
وأضافت أمينة لشبكة آسو الإخبارية، خلال حديثها عن كارثة ناحية جنديرس، إنه منذ الأيام الأولى للزلزال لم يأتِ أي فريق إنقاذ أو آلية لرفع الأنقاض، “برغم كل المناشدات لإرسال آليات لرفع الأنقاض عن العالقين تحتها في البلدة”.
وتتابع “اقتصرت المساعدات في جنديرس على بعض الشباب المتطوعين من عفرين والقرى القريبة منها، في سعي منهم لتقديم يد العون للمتضررين”.
وتذكر أمينة إن فرق العمل في جنديرس من المتطوعين، استطاعوا إخراج نحو 200 جثة تقريباً، وإنقاذ بعض العائلات، لكن تعيد وتؤكد أن المساعدات اقتصرت على دخول بعض الفرق إلى البلدة، “شهدت تمييز عنصري بين المستوطنين والكرد من أبناء المنطقة، فغالبية الدعم والمساعدات شمل العوائل المستوطنة في المدينة”.
وتقول “إذا علموا أن العائلة كردية يتركوها لمواجهة مصيرها تحت الأنقاض دون مساعدة”.
استمر أبناء المنطقة والقرى المحيطة بهم مساعدة من بقي تحت الأنقاض بأيديهم وبأدوات بسيطة تقول أمينة، وتضيف أن أصوات أقاربهم واستغاثتهم كانت مسموعة لهم في الأيام الثلاثة الأولى من الزلزال، “لكنها اختفت في اليوم الرابع”.
تتساءل أمينة أن آليات ومعدات البناء كانت متواجدة في منطقة جنديرس، لبناء شقق سكنية وأبنية خاصة بالمستوطنين في الأراضي المستولى عليها، قبل حدوث كارثة الزلزال، فأين ذهبت خلال الزلزال (..)!
الناشطة بالمجال الإنساني “همرين حبش” وهي من سكان عفرين، تقول لشبكة آسو الإخبارية، إنهم أطلقوا نداءات إنسانية لمساعدة المنكوبين في جنديرس، والعمل على المساعدة برفع الأنقاض وإنقاذ الأرواح، “تفاجأنا بتوجه الآليات من عفرين إلى مناطق منكوبة في تركيا، ومناطق أخرى قريبة مثل إعزاز”.
تقول همرين إن تركيا اهتمت بالكارثة هناك ولم تعطي أي اهتمام للكارثة في سوريا، برغم مسؤوليتها، فتركيا تحتل جزء من الأراضي السورية، تركت هذه المنطقة، دون مساعدة، حتى لم تفتح المعابر الحدودية لوصول المساعدات إلى سوريا في الأيام الأولى، “ساهم الجانب التركي في تخويف فرق الإنقاذ الأوربية، والعربية لمحاولة عرقلة دخولها إلى الجانب السوري، وتقديم المساعدة في عمليات الإنقاذ”.
شهدت منطقة جنديرس تقاعساً أممياً كبيراً في إرسال المساعدات، بحيث اقتصرت على بعض المساعدات مثل (الغذاء والخيم) المقدمة من الجمعيات الخيرية، والمساعدات المرسلة من أبناء المنطقة في أوربا إلى عفرين.
وأشارت همرين حتى هذه المساعدات البسيطة، تمت سرقتها من قبل الفصائل المسلحة التابعة للاحتلال التركي.
لكن أول الغيث حسب وصف همرين إلى مدينة جنديرس، كان إرسال قافلة المساعدات المقدمة من جمعية (بارزاني الخيرية) المقدمة من حكومة إقليم كردستان العراق، فتقول “قبل أن تدخل القافلة إلى سوريا، وذلك في الأراضي التركية تمت مصادرة نصفها من قبل الحكومة التركية، ثم قامت بفرض إتاوة 1000 دولار، على كل شاحنة تدخل إلى جنديرس”، هذا ما حدث بكل بساطة على حد قول همرين.
وذكرت همرين أنّ بدخول قافلة جمعية بارزاني الخيرية تم الاتفاق على أن يقوم أعضاء الجمعية بتوزيع المساعدات على المتضررين، “لكن الذي حدث في اليوم التالي هو اشتراط قائد فرقة سليمان شاه الملقب أبو عمشة ومسلحوه، بتوزيع المساعدات، حيث استقدموا النازحين من مخيمات قريبة من جنديرس مثل مخيم أطمه، وتوزيعها عليهم”.
تؤكد همرين أن الفوضى والعنصرية شملت آلية التوزيع، فتقول، خلال الأيام الأولى من الزلزال لم يظهر المسؤولون لمساعدة الأهالي، لكن عندما وصلت المساعدات، بدا ظهور المسؤولين واضح!!
ويعاني أهالي عفرين والمناطق المحيطة وخاصة بلدة جنديرس، من تعتيم إعلامي ومنع وسائل الإعلام الوصول إليها، في محاولة لإخفاء سوء الأوضاع الإنسانية، وخصوصاً المواطنين الكرد الذين تمسكوا بأراضيهم ولم يتركوها.
ويلاقي فيها المواطنون الكرد جميع أشكال الظلم والتمييز العنصري، والتضييق الذي يصل في بعض الأحيان إلى القتل على يد الفصائل المسلحة الموالية للاحتلال التركي، وظهر ذلك خلال استقبال الأهالي لقافلة جمعية بارزاني الخيرية، حيث وصفت دموع الأهالي بأنها فرحة لحظات عن ظلم لسنوات، وهذا ما عبر عنه العديد من الأهالي عبر وسائط مرئية تظهر مدى صعوبة المعيشة التي يعيشونها في ظل هيمنة فصائل الجيش الوطني السوري والاحتلال التركي.
*الصورة من النت