مدونة آسو
الملفونو “أبو آزاد”.. خمسون عاماً نزداد شباباً
أمضى أكثر من خمسين عاماً وهو يعمل في عالم الكي وصباغة الملابس ليشكّل بيديه قطعة قماش متناسقة مرتبة تسرّ الناظر إليها. فبأدواته وأجهزته البسيطة يسعى للمحافظة على مهنة بدأت تتلاشى في مجتمعه المحلي، فحاول نقل خبرته وأسرار “الكار” لأولاده لعله بذلك يساهم في إحياء هذه المهنة والوقوف بوجه اندثارها.
يعمل “عبد الباقي رمضان” “أبو آزاد” ابن مدينة الدرباسية بجد على إبراز مهنته التي تعلمها منذ الصغر حتى أصبحت كهواية ومهنة يكسب منها قوت يومه.
يتحدث لشبكة آسو الإخبارية بالقول: أول ما عملت في هذه المهنة في عام 1964 عملت بها في مصبغة في مدينة “حلب” وبحي السريان تحديداً، فمن خلال عملي ومثابرتي استطعت أن أنال احترام جميع زبائني وأطلقوا علي اسم “ملفونو” وهي كلمة سريانية تعني باللغة العربية “المعلم”.
عن حياته ودخوله عالم مهنة الصباغة يقول: أنا من مواليد الدرباسية عام 1951، وبعد أن انتهيت من دراسة المرحلة الابتدائية لم يتم قبولي في المرحلة الاعدادية لكبر سني فطُلب مني أن أغير تاريخ ميلادي عبر رفع دعوى في المحكمة، لأكتشف بأن جنسيتي كانت غير معينة وليس لدي سجل مدني وقيودي كانت “أجنبي”، فاُجبرت على ترك المدرسة التي ظلت بالنسبة لي كحلم و لم أستطع أن أحققه.
أردت أن أمتهن عملاً وبسبب قلة المهن التي كانت موجودة في منطقة الجزيرة والتي كانت تقتصر إما على الزراعة أو العمارة كصناعة الطوب والبناء، فلم أعمل بها وتحولت للعمل عند أخي الأكبر الذي كان يمتلك مصبغة في المنطقة وكان آنذاك عمري لا يتجاوز الـ 13 سنة .
عمل “عبد الباقي” عند أخيه لبضعة شهور حتى تعلم المهنة جيداً ومن ثم ذهب إلى حلب وقام بإدارة مصبغة بحي السريان لمدة سنتين أو أكثر بقليل، فاقترح عليه أحد أصدقائه بأن هنالك شركة إيطالية تقوم بتمديد أنابيب البترول في “تل عد” في الرقة وهم بحاجة إلى موظفين، حيث كان راتبهم آنذاك 310 ل.س فعمل لديهم لمدة أربعة شهور ولكنه لم يستطع أن يستمر بسبب اشتياقه لمهنته فعاد إلى الدرباسية .
افتتح مصبغته الخاصة في العام 1968 في مدينته الأم الدرباسية، لم يحالفه الحظ في عمله الجديد ففي عام 1971 قام بنقل عمله إلى مدينة القامشلي وافتتح مصبغة بحي الآشوريين بـ”قدوربك” لمدة 3 سنوات حتى قرر أن يعود مرة أخرى إلى مدينته وأن يستقر فيها.
يقول عن تلك الفترة: استقريت في الدرباسية وعدت لافتتاح مصبغتي الخاصة مرة أخرى، أسست عائلة وبقيت أعمل بمهنتي حتى كبر أولادي لأورثهم المهنة التي أعمل بها والآن أحد أبنائي سافر إلى “ألمانيا” وافتتح مصبغة هناك وأسماها “مصبغة ملفونو”.
بالحب والعمل والإصرار استطاع “عبد الباقي رمضان” أن يحافظ على مهنته من الاندثار وأن تكون مصبغته نقطة علاّم في تاريخ المدينة الصغيرة.