Connect with us

أخبار وتقارير

حصاد البطاطا في شمال شرق سوريا.. لا يبشر بإنتاج جيد

نشر

قبل

-
حجم الخط:

على الرغم من أن الوضع الزراعي لم يكن جيداً خلال السنوات الأربع الماضية نتيجة الجفاف والأمطار ونقص المحروقات، إلا أن هناك مزارعين مستمرين في عملهم، ويبدو ذلك واضحاً بالنسبة للمزارع فؤاد رمضان حسن المنحدر من ريف عامودا (عوينيك).

بدا انتاج المزارع في البداية جيداً ولكنه تأثّر كثيراً بتشكل الصقيع “هذا أول عام أزرع فيه البطاطا، لقد وزعنا 5 طن بذار على 15 دونم، وكانت تكلفتها أكثر من 2000 دولار (ما يعادل حوالي 20 مليون ليرة سورية) والإنتاج نحو 2 طن” يقول فؤاد.

كان انتاج المزارع من محصول البطاطا جيداً في فصل الصيف ولكن فؤاد حسن، زرعها في فصل الخريف، وهو بحاجة لدرجة حرارة مناسبة وسماد جيد، لذلك أثرت العوامل الجوية على نسبة الإنتاج، على حد قوله.

ويتابع: “الفرق بين بذار البطاطا في فصل الربيع والخريف هو أن الإنتاج في فصل الخريف لا يصل في أفضل الأحوال، إلى طن أو طنين وربما أكثر بقليل، ولكن موسم الربيع يكون دائماً أفضل والسبب يعود إلى أنّ البذار في الفصل الأخير يكون “هجين” والطن الواحد منه يصل إلى 2000 دولار امريكي”.

يبدأ موسم زراعة البطاطا في شهر شباط وقطاف المحصول في تموز بينما في موسم الشتاء يتم زراعته خلال الشهر العاشر وقطافه في الشهر الأول، بحسب فؤاد حسن.

كانت مساحة الأراضي المزروعة بمحصول البطاطا العام الفائت تتراوح بين 2000 و2500 دونم في منطقة الجزيرة، بحسب مديرية الزراعة التابعة للإدارة الذاتية.

تكاليف باهظة
يشتكي المزارعون من ارتفاع تكاليف الزراعة هذا الموسم، نتيجة عدم توفر المحروقات وشرائها من السوق الحرة بالإضافة إلى شراء البذار بالعملة الأمريكية.

على أمل أن يكون الموسم جيداً التجأ فؤاد (40 عاماً) لزراعة البطاطا، ولكنه يتوقع خسائر بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج حالياً.
ويقول لشبكة آسو الإخبارية: ” وصل الطن الواحد من البذار لـ 300 إلى 400 دولار، فيما بيع البذار الأجنبي بـ 1200 إلى 1700 دولار”.

ويوضح المزارع علي إبراهيم المنحدر من قرية “تعلك” بريف عامودا لشبكة آسو بأنه: “على الرغم من إن زراعة البطاطا أصبحت في المنطقة من المحاصيل الرئيسية، إلا إنه ليس هناك دعم من هيئة الزراعة لأي نوع من الزراعات سواء كان القمح أو القطن أو غيرها، وهذا يؤثر على تحقيق الاكتفاء الذاتي”.

ويذكر علي إبراهيم، أن توفير مادة المازوت بشكل مستمر لتشغيل الآبار سيساهم إلى جانب موسم القمح والقطن وجميع الزراعات في زيادة المساحات المزروعة بمحصول البطاطا وتوفيرها في أسواق شمال شرقي سوريا.

بدأت تجربة زراعة البطاطا للمرة الأولى في منطقة عامودا عام 2001، وتعتبر هذه المنطقة مركزاً لزراعته بنسبة 90% من إجمالي المساحات المزروعة سنوياً، بحسب هيئة الزراعة في الجزيرة.

ويرى إبراهيم وفؤاد بأن سبب ما ذكر أعلاه، هو أن قبل (2001) لم يكن للبعض منهم الاطلاع الكافي لزراعة البطاطا، ولكن فيما بعد اكتسبوا الخبرة من بعض الحلبيين وبدأوا بزراعتها.

ويضيف فؤاد حسين: “أعمل في مجال الزراعة منذ 25 عاماً وقبل ارتفاع تكاليف الإنتاج كانت الزراعة لها فائدة ومردود جيد، لكننا الآن نبيع محاصيلنا بالليرة السورية، ونشتري البذور بالدولار وعندما يرتفع الدولار نخسر كثيراً”.

تواجه الزراعة تحديات كثيرة، حيث أدت زيادة تكاليف الإنتاج، بما في ذلك أسعار البذور والأسمدة والوقود، إلى تدني أرباح الفلاحين، كما فاقم انخفاض قيمة الليرة السورية الوضع، حيث أصبحت المدخلات المستوردة أكثر تكلفة.

بالإضافة إلى ذلك، يعاني القطاع الزراعي من نقص حاد في الأيدي العاملة، حيث هاجر العديد من الشباب إلى الخارج بحثاً عن فرص أفضل، وقد أدى هذا النقص إلى ارتفاع تكاليف العمالة المتاحة.

ونتيجة لهذه التحديات، يواجه الفلاحون خسائر كبيرة، مما يدفع البعض إلى التخلي عن الزراعة، وقد يؤدي هذا إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي في البلاد، حيث يعتمد العديد من الناس على الإنتاج المحلي لتلبية احتياجاتهم الغذائية.

حلول ملحة
للتغلب على هذه المشاكل، هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، بما في ذلك توفير دعم مالي للفلاحين، وتسهيل الحصول على المدخلات الزراعية، وتقديم برامج تدريبية لتطوير مهارات العاملين في القطاع، كما يجب العمل على تحسين الظروف المعيشية في المناطق الريفية لجذب الشباب وتشجيعهم على البقاء في القطاع الزراعي.

يواجه القطاع الزراعي تحديات كبيرة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج، حيث تضاعفت أسعار الأسمدة والمبيدات الحشرية والوقود، مما أثقل كاهل المزارعين، في المقابل، تراجعت أسعار المحاصيل الزراعية المنتجة بالليرة السورية، الأمر الذي انعكس سلباً على الأرباح، ومع استمرار تدهور سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، يزداد الوضع سوءاً، حيث أن العديد من مستلزمات الإنتاج يتم استيرادها بالدولار، مما يجعلها أكثر تكلفة، وهذا الوضع أدى إلى تراجع المساحات المزروعة وتخفيض الإنتاج، مما يهدد الأمن الغذائي ويزيد من الاعتماد على الاستيراد، وللتغلب على هذه التحديات، يجب على الادارة الذاتية اتخاذ مجموعة من الإجراءات لدعم القطاع الزراعي، مثل توفير قروض ميسرة للمزارعين وتثبيت سعر صرف الليرة السورية.

رغم ذلك يقول فؤاد: “ميزة زراعة البطاطا هي عدم وجود رسوم جمركية، ومنتجه متوفر في الأسواق وسعره منخفض، مثلاً الآن تباع في الأسواق بـ (2000) ليرة سورية، أما قبل ذلك فكان بـ (3000).

إنتاج ضئيل
وفيما يتعلق بالمساحة المزروعة بالبطاطا وما إذا كانت تغطي حاجة مناطق شمال وشرق سوريا يشير موفق حسين وهو أحد التجار في منطقة الجزيرة، إلى إن زراعة وإنتاج محصول البطاطا تكفي لشهر أو شهرين فقط، وأسعار البطاطا المستوردة مقارنة مع المحلية رخيصة “لأن المزارع ينفق أموالاً أكثر على زراعته وجنيه وإذا لم يبعه بسعر مرتفع، يخسر”!

ويضيف” البطاطا سلعة، إذا لم يتم بيعها أو كان سعرها منخفضاً، يستطيع المزارع تخزينها في المستودعات وبيعها بسعر أعلى عندما يريد”.

ويؤكد ذلك إبراهيم علي أنهم في كل عام كانوا يشترون البذار من حلب وبالبيع الآجل، ولكن هذا العام، حالت الأحداث التي مرت بها حلب دون ذلك، وكان البيع نقدياً والمساحات المزروعة بالبطاطا كانت قليلة وهذا سوف يؤثر على الانتاج والمردود.

ويشير المهندس كيفوك غازار، إنه حتى لو كان موسم القمح والقطن جيداً، فإن زراعة البطاطا وكافة الزراعات تقوي التربة، نتيجة رش المواد الكيماوية والطبيعية، كما أن توفر التربة المالحة عامل جيد لزراعة المحصول.

ويقول غازار أن موسم البطاطا بشكل عام يتطلب توفير كامل المعدات، والمواد الأساسية من الأسمدة والري والاهتمام بها بشكل منتظم لحين وقت القطاف.

تواجه الزراعة في شمال شرق سوريا مستقبلًا مجهولاً، في ظل غياب خطط لدعم الفلاحين. فقد صرّحت هيئة الزراعة التابعة للإدارة الذاتية في الجزيرة لشبكة آسو الإخبارية، بأنها لا تمتلك أي برامج مستقبلية لدعم القطاع الزراعي، ما يضع المزارعين أمام تحديات أكبر قد تدفعهم إلى العزوف عن الزراعة تماماً.