Connect with us

مواطن وعدالة

ثوب زفافها استبدل بكفن أبيض لخطيبها…

نشر

قبل

-
حجم الخط:

آسو-لورين صبري

كانت “دعاء مهند سليمان” تنتظر مثل كل فتاة وتحلم بيوم فرحتها، فهي تستعد ليوم زفافها، كي تعيش حياة جديدة مع زوجها، في بناء أسرة تتطلع أن تكبر وتعيش في أمن، لكن لم تكن تدرك أن العدوان التركي على روجآفا/ شمال وشرق سوريا، سيحرمها من فرحة عمرها.

فبينما كانت “دعاء” وهي من سكان قرية “أم الخير” جنوب سري كانيه/ رأس العين، في يوم 10 تشرين الأول 2019، تقف أمام الحافلة التي ستقلهم مع 5 عائلات، غالبيتهم نساء وأطفال، هربًا من القصف والاجتياح التركي المصحوب بفصائل المعارضة السورية المسلحة (الجيش الوطني السوري)، كانت تنظر “دعاء” للأفق البعيد في أطراف القرية، عسى أن تلمح خطيبها “محمود” وهو المكان الذي اعتادا اللقاء فيه، لكن عبثية الحرب زادت من جراح “دعاء” دون أن تراه.

سارت “دعاء” (22 عامًا) مع الأهالي في السيارة، نازحين قسرًا، فارين من طائرات تركيا، وبطش فصائل المعارضة، على أمل أن تلقى محمود مجددًا، ففي هذه المرة تأخر عنها ولم يكن موجودًا ولم تستطع أن تعلم أين هو نتيجة الظرف الذي كان يتطلب السرعة في الفرار، من أصوات المدافع والطائرات من العدوان التركي

كان محمود (28 عامًا) مع مجموعة شباب قرروا البقاء لحماية المنازل، حيث من كل منزل شاب سيقوم بحماية المنزل.

انطلقت الحافلة بسرعة في حين ترك الطريق جرحًا عميقًا في وجدان “دعاء” التي كانت تنتظر أخبارًا من “محمود” لكن جميع السبل متقطعة، كما هو واقع الظروف التي كانوا يعيشونها آنذاك، فتقول “دعاء” لشبكة آسو الإخبارية، لقد سارت السيارة كالبرق كان داخل السيارة يحمل ثقلًا كبيرًا ووحدة بالنسبة لي”.

في صباح اليوم التالي، كانت أصوات الرصاص والقصف وروائح البارود تملأ كل مكان، فلا أصوات للحياة في ريف سري كانيه القريب، لا وجود سوى لصوت كلاب تنبح، وقطط جائعة تحوم في الأمكنة، كي تستطيع الحصول على ما يسد رمقها.

مع اشتداد العدوان التركي في يوم التاسع من تشرين الأول 2019، اضطر أهالي سري كأنيه للنزوح من المدينة وريفها.

باتت أخبار “محمود” مقطوعة، لا أحد يعلم أي خبر عنه حتى ساعات الصباح الأولى من اليوم التالي، تقول “دعاء” إن الهلع كان يسكنهم “كان الأقسى هو غياب محمود”.

بينما كان الأمل يعايش دعاء المقبلة على حياة أسرية جديدة، سمعت صرخات شقيقها لوالدها يقول “لقد فقدنا محمود ابن عمي شكري لقد فقد حياته أمس بقصف الطيران التركي”. وفي لحظة انفجرت “دعاء” بالبكاء “فلن ترى محمود مرة أخرى”.

لقد انكسرت جميع أحلام “دعاء”، وتوقفت آمالها، فتقول إن الخبر كان من الصعب تحمله لفتاة مقبلة على الزواج من الشخص الذي ترغب “هل يعقل أن أفقد رؤية محمود مجددًا (..)”.

كان “محمود” قد قضى في قصف للطيران التركي على قرية أم الخير.

كان من المقرر أن يتم عرس “دعاء ومحمود” بداية شهر نيسان المقبل، “كان ينتظر أن يستلم رواتبه المتراكمة في شركة البناء والتعمير بلبنان، حيث كان يعمل هناك ليقوم بجمع المهر الذي سيتزوج به”.

في اللحظات التي تتحدث بها “دعاء” تفتح هاتفها المحمول كي ترينا صورة الفستان الذي اختارته مع “محمود” لارتدائه في يوم العرس، “الموت غيب محمود عن عرسنا قبل ست أشهر من العرس”، تجهش “دعاء” في البكاء أكثر فتتذكر العرس مجددًا لتحدثنا عن مفارقة فتقول “الحياة فيها تناقضات كثيرة فبدل أن ارتدي أنا الفستان الأبيض ارتدى” محمود” الكفن الأبيض لن أسامح من كسر قلبي وسرق فرحتي وأبعد عني ابن عمي وشريك حياتي”.

“دعاء” حزينة على فراق محمود، تقول “الحزن اكساني ثوب أسود طوال الحياة، لقد تحطم قلبي بهذا العدوان والقذائف، إن الحرب تريد أن تغيب ملامح” محمود” وتحاول أن تمحي نظراته التي كانت تمدني بالأمن”.

ما يواسي “دعاء” اليوم هو قبر “محمود” الذي تزوره وتلتقط الصور معه وتحدثه، حيث دفن محمود في تل تمر بتاريخ 12 تشرين الأول 2019.