Connect with us

Local

الصواب والخطأ في التحقيق الصحافي حول التحرش بين الصحافيين….

نشر

قبل

-
حجم الخط:

شغل تقرير\ تقرير عميق\ تحقيق أعده الزميل حمزة همكي لمؤسسة “نورث بريس” النشطاء والفاعلين الكرد في شمال شرق سوريا. من حيث تباين الرؤى حول التحقيق الذي حُذف بعد ساعات من نشره دون أي إعلان من قبل المؤسسة لسبب الحذف، ليترك الحذف السجال والجدل، والتكهن في الوسط، بين أنه بضغط من الإدارة أو ضغط من مؤسسات أخرى، أو أنه لضعف المادة!

حقيقة السجالات وتباين الآراء واختلافها جوهر أي اشكالية، يجب الوقوف عليها لأنها أحيانًا تكون السبب الرئيسي في اشعال صراع رغبوي او انحيازي، حول قضية، ما دون الاحتكام للعلم في المجال والمعايير، وكيف ستناقش المعايير في وسط لا يمنح ذلك بالًا، ويفضل أم يقيس الأمور بهواه، حتى لو كان ذلك في عملية جراحية بمجال الطب البشري.

من حيث المبدأ المادة مهمة وتفتح تابوهات مغلقة في المجتمع، وقضية محلية، لكن امتدادها عالمي حيث أن قضية التحرش أو حملة “مي تو- ME TOO”باتت أقرب لانتفاضة نسائية ضد التحرش، والتي أدت لمحاسبة او فصل العديد من الصحافيين -طالما نتحدث في حقل الصحافة- من عملهم، نتيجة التحقيق في تحرش بحق زميلات.

الصواب أيضًا أن من حق أي صحافي أن يطرح قضية اشكالية، كي تكون القضايا الاشكالية تحت مجهر الصحافة والمجتمع ولا تبقى تابوهات تؤثر في ثقافة المجتمع.

الصواب أيضًا أن الزميل استطاع الوصول لبعض المعطيات في الفكرة التي أسس لها، وبهذا فإن اتفاقه مع المؤسسة والإعداد للمادة لا يخول للمؤسسة، ان تقوم بحذف مادته دون التوضيح او دون تبيان اذا كان هذا بموافقة الزميل أم لا! طالما انها لا تشكل خطر وخاصة ان المؤسسة قامت بنشر المادة لساعات هذا يعني انها اطلعت على المادة قبل النشر.

الصراع والنقاش الذي دار في الوسط هو أمر سليم وطبيعي ان يدور بين الفاعلين، وطبيعي جدا ان يكون محط اهتمام خاصة من الصحافيات اللاتي يتطرق الموضوع لقضية تخصهن، وايضا باعتقادي ان جميع الفاعلين كانوا مع المادة من حيث المبدأ، وإن اختلفوا في المضمون، وهذا مؤشر جيد ان هناك تقبل للفكرة والمادة، وهذا يعني ان هناك نوع من التوعية اتجاه قضية التحرش.

إن قضية التحرش ليست باعتقادي قضية من السهل الحكم فيها، كما ليس من الصعب اثباتها، وليست كما نعتقد انها بمجرد حالة عادية بقدر ما تحتاج التعمق في فهمها من جانب قانوني، وهنا اخطأ الغالبية في تفسير المادة من حيث الاحقيبة على أساس الانحياز.

إن مادة في استقصاء مثل هذه المادة كانت تحتاج لمراجعة قانونية كما تتطلب الدلائل التي من الممكن ان تطلب من الصحافي في حال كان هناك دعوة خاصةو وهذا يحمي الصحافي نفسه، ان المادة اشارت بطريقة غير مباشرة لمؤسسات فمن الممكن ان تضع التحقيق امام العدالة برفع دعاوي من مؤسسات او افراد.

المادة كانت تحتمل أيضًا البحث من حيث هل يتم التحرش بالزملاء الذكور! فمن الممكن أن الصحافي كان وصل لحالات من هذه فأيضًا يتطرق لها كي لا تتكرس نمطية ان الرجل ان تم التحرش به فلن يرفض!

الخطأ في المادة كان أن الفكرة لم تكن ناضجة وكاملة فكانت المعلومات فقيرة والبراهين والاثباتات ناقصة وهي اقرب لطرح فكرة دون عمق ودون تعزيز ببراهين وروايات وقصص.
صحيح ان المجتمع لا يتقبل بسهولة فكرة ان تخرج صحافية وتتحدث علنا عن التحرش بها لكن ايضا قضايا اتهام التحرش تحتاج لبراهين اكثر مما تم طرحه في المادة.

الخطأ ايضا أن الصحافي لم يقف عند قضية عمل الصحافيات فالمادة لم تعد في مجتمع سليم متطور كل العاملين في الحقل دخلوا من خبرة اكاديمية وعلمية! ايضا الحقل اليوم في مناطق الحرب مثل سوريا ومنها شمال شرق سوريا تستقبل اناس ليس لديهم الخبرة ما يفتح المجال لفساد باسقبال على اساس المصلحة وربما المصلحة او المنفعة تجعل من فتاة ان تقبل العمل في اي مؤسسة من اجل العمل ولا تقف عند قضية التحرش! فهذه ظاهرة كان من الممكن البحث فيها ايضا!

الخطأ كان في قضية الحديث عن فتاة تبلغ من العمر ١٥ عامًا والتركيز على التحرش بحقها دون التركيز على انها في الاساس قاصر وليست في سن يخولها للعمل! فنكون امام جريمتين اولا انها قاصر وتاليا انها تعرضت للتحرش وهذا يشوه سمعت الاعلام فكيف لمؤسسة اعلامية ان تشغل فتاة بعمر ١٥ عام! هنا نتساءل هل هذه مؤسسة اعلام!

الخطأ أيضًا أن الصحافي لم يقم بتوجيه تلك الاتهامات او المعطيات الي بين يديه للمؤسسات والافراد، فكان من الممكن ان يطرح القضية طالما ان العمل الصحافي بالاساس يهدف للاصلاح قبل الكشف او الفضح! فمن حق المؤسسات والاشخاص الذين اتهموا من قبل الفتيات أن يتم الحديث اليهم.

الخطأ ايضا ان المادة كانت تحتاج لتوسع اكبر، من حيث الوقوف على كافة المعطيات فمن حيث القراءة يتبين ان هناك فتيات تعرضن للتحرش لكن يبدو ان هناك من رضخ وتقبل الفكرة لاستمرار العمل كان هذا محور من الممكن ان ياخذ حيز جيد.

الخطأ ان التحقيق لم يتطرق لمراسلة مؤسسات اعلامية والحديث معها حول ان كان هناك قوانين داخل العمل تقف عند قضية تشغيل القاصرين وايضا الوقوف على قضايا الاحتكاك بين العاملين ان كان ينتج عنه التحرش!

الخطأ ان المادة قيمة جدا كانت تحتاج لتعمق دون ان تقدم بهدا الشكل الضعيف.

إن التحقيق الصحافي يعتبر من أهم الانواع الصحافية واكثرها حساسية لانه يوفر المعطيات حول القصة لكن يحتاج لبحث عميق من قبل الصحافي للبحث عن ابطال التحقيق والادلة والبراهين والاثباتات والاراء المختلفة التي تغني التحقيق وتترك القارى او المشاهد او المتابع يحكم على القصة.

للتحقيق الصحافي كما كل الانواع الصحافية قواعد وضوابط ومعايير لم تم العودة لها بالحكم على المادة سيتم قطع النقاش العشوائي بين الفاعلين ولن يكون هناك رأي فوق رأي طالما أن الحكم هو المعايير الصحافية.

ليس من المنطق محاسبة الزميل الذي تجرأ وطرح موضوع جريء ليكون بوابة لمواضيع اخرى وليس من المنطق محاسبة من انتقد ووضعهم بخانة الاتهام فكما ان المادة محقة سيكون الرد عليها وان كان بدعوة قضائية ايضا امر محق!

في النهاية ليس كل امر في فلك التحرش نستطيع ان نحكم عليه بالتحرش وليست كل علاقة بين موظفين او مدير\ة وموظف\ة هي تحرش!
والحديث يطول في هذا..

سردار ملا درويش