Connect with us

أخبار وتقارير

سوريا تغرق في الظلام بينما تكافح الحكومة المؤقتة لاستعادة الكهرباء

نشر

قبل

-
حجم الخط:

بقلم: كريم شهيب وعبد الرحمن شاهين
جرمانا، سوريا (أسوشيتد برس)

رنا الأحمد تفتح ثلاجتها بعد الإفطار مع زوجها وأطفالها الأربعة خلال شهر رمضان المبارك. باستثناء بعض البيض والبطاطا وبعض الخبز، الثلاجة فارغة لأن الكهرباء الحكومية في سوريا لا تأتي إلا لمدة ساعتين يوميًا. تقول: “لا يمكننا ترك طعامنا في الثلاجة لأنه سيفسد”.

زوجها، وهو سائق تاكسي في دمشق، يكافح من أجل تأمين لقمة العيش، لذلك لا تستطيع الأسرة تحمل تكلفة تركيب لوح شمسي في شقتهم المكونة من غرفتين في جرمانا بضواحي العاصمة.

بعد أشهر من إنهاء انتفاضة سريعة لأكثر من نصف قرن من حكم عائلة الأسد في سوريا، تكافح الحكومة الإسلامية المؤقتة لإصلاح البنية التحتية المدمرة بعد صراع دام 14 عامًا أتى على معظم البلاد. ولا تزال أزمة الكهرباء الحادة تلاحق البلاد التي مزقتها الحرب.

الفقر وانقطاع الكهرباء
تقدر الأمم المتحدة أن 90% من السوريين يعيشون في فقر، والحكومة السورية لا تستطيع توفير أكثر من ساعتين من الكهرباء يوميًا. ملايين السوريين، مثل عائلة الأحمد، لا يستطيعون تحمل تكاليف الاشتراك في خدمات المولدات الخاصة الباهظة أو تركيب ألواح شمسية.

حاولت السلطات الجديدة بقيادة أحمد الشراع تخفيف أزمة الكهرباء في البلاد، لكنها لم تتمكن من إيقاف الانقطاعات عبر حلول مؤقتة.

حتى مع صفقة غاز حديثة مع قطر واتفاق مع السلطات الكوردية التي تسيطر على حقول النفط، لا تزال البلاد تعيش معظم أوقاتها بدون كهرباء تقريبًا. وصول شحنات نفط من روسيا، الحليف العسكري والسياسي السابق للأسد، يشير إلى مدى الأزمة.

الظلام الدامس
في منزل الأحمد، لم يتمكنوا إلا من الحصول على بطارية صغيرة لتشغيل بعض الأضواء.

تقول: “البطارية التي لدينا صغيرة جدًا وتنتهي شحنتها بسرعة”. لكنها تكفي فقط ليتمكن أطفالها من إتمام واجباتهم المدرسية بعد المدرسة.

ولا يقتصر الوضع على عائلة الأحمد، فمعظم أحياء سوريا، من دمشق إلى درعا في الجنوب، تغرق في الظلام بعد غروب الشمس، مع بعض الأضواء القادمة من أعمدة الإنارة والمآذن ومصابيح السيارات.

التحديات السياسية والاقتصادية
سقوط الأسد في ديسمبر جلب الأمل للسوريين، لكن السلطات الجديدة تكافح لفرض السيطرة في جميع أنحاء البلاد وإقناع الدول الغربية برفع العقوبات الاقتصادية لإعادة بناء الاقتصاد.

في يناير، خففت الولايات المتحدة بعض القيود لمدة ستة أشهر، مما سمح ببعض المعاملات المتعلقة بالطاقة، لكن لم يظهر تأثير واضح على الأرض حتى الآن.

واشنطن والحكومات الغربية الأخرى تواجه معضلة في التعامل مع السلطات الجديدة في سوريا، وتبدو حذرة بشأن رفع القيود الاقتصادية بالكامل إلا إذا كانت عملية الانتقال السياسي ديمقراطية وشاملة للمجتمع المدني السوري، بما في ذلك النساء والأقليات غير السنية.

بعض الأقليات أعربت عن قلقها تجاه السلطات الجديدة، خاصة بعد تقارير عن هجمات انتقامية استهدفت الطائفة العلوية خلال الهجوم المضاد ضد أنصار الأسد.

إصلاح محطات الكهرباء وحقول النفط السورية يحتاج إلى وقت طويل، لذا تعمل دمشق على تأمين الوقود لتوليد المزيد من الطاقة.

حقول النفط المتضررة
السلطات السورية تركز الآن على المناطق الشمالية الشرقية، حيث تقع حقول النفط التي تسيطر عليها القوات الكوردية، وذلك لتعزيز الطاقة الإنتاجية، خاصة بعد توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار معها.

يقول الخبير الاقتصادي السياسي كرم شعار إن 85% من إنتاج النفط السوري يتمركز في هذه المناطق، وسوريا كانت تصدر النفط الخام مقابل منتجات نفطية مكررة لزيادة الإنتاج المحلي، لكن هذه الحقول تضررت بشدة خلال سنوات الصراع.

كانت هذه الحقول تحت سيطرة تنظيم داعش عندما أسس “الخلافة” في سوريا والعراق بين عامي 2014 و2017.

يقول شعار: “في تلك الفترة، حدث معظم الضرر لقطاع النفط”، مشيرًا إلى الضربات الجوية العنيفة التي شنتها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد التنظيم.

بعد سقوط داعش، سيطرت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة على الحقول، مما جعلها خارج سيطرة الحكومة المركزية في دمشق. السلطات الجديدة تأمل في حل هذا الأمر من خلال اتفاق تاريخي وقعته مؤخرًا مع قوات سوريا الديمقراطية.

يقول كاميران عمر، المشرف على الإنتاج في حقول رميلان النفطية في مدينة الحسكة: “نقص المعدات والإمدادات، واستمرار الاشتباكات مع تركيا والقوات المدعومة منها، أبطأ الإنتاج، لكن جزءًا من الإنتاج سيذهب إلى المنازل والمصانع في بقية أنحاء سوريا”.

هذه الحقول تنتج الآن جزءًا صغيرًا مما كانت عليه سابقًا، حيث ترسل حقل رميلان 15 ألف برميل فقط من أصل 100 ألف برميل يتم إنتاجها إلى باقي أنحاء سوريا لتخفيف الضغط على الحكومة.

كما تأمل دمشق في أن تكون الصفقة الأخيرة مع قطر، التي ستزودها بالغاز عبر الأردن إلى محطة رئيسية جنوب العاصمة، بداية لمزيد من الاتفاقيات.

الطاقة.. حجر الأساس للتعافي
لم تعترف السلطات السورية بتقارير عن إرسال روسيا شحنات نفط إلى البلاد. موسكو، التي كانت تدعم الأسد في حربه ضد تنظيم هيئة تحرير الشام الإسلامي الذي أطاح بالرئيس السابق، تبدو مستعدة لتوفير الوقود من أي مصدر متاح.

اعترف وزير الكهرباء المؤقت عمر شقروق في مؤتمر صحفي بأن استعادة الكهرباء إلى المنازل السورية على مدار الساعة ليس بالأمر القريب.

وقال: “سنصل قريبًا إلى أربع ساعات، وربما أكثر خلال الأيام القادمة”.

زيادة إمدادات الطاقة ستكون حاسمة لبلد منكوب، يأمل في تخفيف معاناة الملايين وتحقيق الاستقرار.

يقول شعار، الذي زار والتقى بالسلطات السورية الجديدة، إن التركيز على تأمين الوقود في ظل غياب تمويل لإعادة الإعمار هو أفضل ما يمكن لدمشق فعله الآن.

وأضاف: “الكهرباء هي حجر الأساس للتعافي الاقتصادي. بدون كهرباء، لا يمكن أن يكون هناك قطاع إنتاجي أو صناعات ذات مغزى”.

للقراءة من المصدر