Connect with us

محليات

عاصم الحاج أحمد شهبندر المؤونة الموسمية في الدرباسية

نشر

قبل

-
حجم الخط:

آفين علو
على طول الطريق الممتد في “سوق الخضرة” في الدرباسية، تشاهد عربات مصطفة، تتزين بألوان على شكل فسيفساء بين خضار وفاكهة على مدار العام. بين هذه العربات المتعددة في السوق، يقف السيد “عاصم حاج أحمد” كجزء من سوق، ترى فيه خطوات النساء والرجال الذين يقومون بشراء المواد المعيشية اليومية أو الأسبوعية، بالتزامن مع أصوات الباعة الذين يجذبون الناس لعرباتهم المزينة بشكل جاذب.

تحتوي عربة “عاصم” على أنواع مختلفة من الخضار، لكنه اعتاد أن يبيع كل ما هو موسمي، حتى ارتبط بيع “ورق العنب” الموسمي باسم عاصم وقبله والده (مرتبط بالعائلة)، فبجانب الخضرة على عربته، ترى في موسم قطف ورق العنب المادة على عربته، والتي ينفقها مع الساعات الأولى في الصباح بحكم أن ورق العنب موسمي وهناك اقبال للشراء عليه.

ويستخدم ورق العنب بشكل كبير في كل منزل بالمنطقة وسوريا، حيث يتم شراؤه بعد قطفه بشكله الأخضر ثم يتم القيام بمؤونته لاستخدامه في العديد من الوجبات، خاصة وجبة “ورق العنب” “اليبرق” المشهورة في سوريا.

وظيفة “طيارة” وموسمية
يرى عاصم أن مقابل بيع الخضار أو الفاكهة في سوق الخضرة، لا بد من معرفة المواد التي تستخدم بشكل موسمي لجبلها وبيعها، خاصة أن الناس باتت تثق به فهي تأتي إليه في كل موسم للسؤال عن المواد الموسمية ما يجعله يؤمن كل شيء لزبائنه الخاصين، لذا يصف بيع “ورق العنب” بـ”الوظيفة الطيارة”، لأن آلية موسم ورق العنب لديه خصوصية وحساسية، “بائع ورق العنب يحتاج الحصول على المادة من أماكن مخصصة وكروم محددة، يجب أن تكون طازجة ومن مزارع تم الاعتناء بها، كما يجب خلال جلبها أن يتم بيعها بسرعة كبيرة، لأنها قابلة للإتلاف وهذا خسارة للبائع”.

ورث عاصم الحاج أحمد مهنة بيع ورق العنب من والده المتوفي الذي عمل في الصنعة على مدى 45 عام.
وتحتاج مهنة بيع ورق العنب الموسمية، علاقات جيدة مع مزارع لكروم العنب، والقدرة على ضمان أن يكون المنتج جيدًا، والتعامل مع زبائن خاصين كي يبيع منتجه، فهو يقول إن بيع ورق العنب كلما بيعت الكمية الموجودة في أوانها، أدى ذلك لكسب مادي وبقاء الورق طازجًا، لكن في حال عدم بيع الكمية بسرعة مطلوبة فيتم اتلافها، ويعني ذلك خسارتها، لذا فإن هذه المهنة تعتمد ثقة الأهالي بالشراء من الشخص المضمون، فإن كانت المواد الموسمية جيدة وطازجة ينتظرها الزبائن من البائع وذلك يعني انفاقها بشكل سريع.

عاصم الذي يبلغ من العمر 47 عام، يرى أن عربة بيع الخضار وورق العنب والمؤونة الموسمية يشكل رزق العائلة، وقد اختار هذا العمل ليعيش منه مع عائلته.

ومثل العديد من عوائل المنطقة، تنحدر أصول عاصم من كردستان تركيا، ويعيش اليوم في كردستان سوريا، حيث لم يكن هناك في السابق حدود بين المنطقتين فكثير من العوائل على ضفتي الحدود أقرباء، وانتهى بهم المطاف للعيش في قرية “كوركند” التابعة للدرباسية.

المؤونة الموسمية ترتبط بثقة البائع بالزبائن
رحل والد عاصم الحاج أحمد عمرو في عام 2003، ليورث المهنة لابنه عاصم، فطبيعة هذه المهنة مرتبطة بالثقة مع الزبائن، لذا يقول “عاصم” إن والده أورثه مع حب المهنة، العمل على كسب ثقة المجتمع، “اشتهر والدي في مدينة الدرباسية بجودة بضاعته، وذاع صيته بين الناس، واستطاع كسب ثقتهم، حيث كان الناس يتزاحمون عليه في مواسم المؤونة بشكل خاص، حيث كانت هذه الثقة من خلال أن الحاج أحمد عمرو يبيع بجودة جيدة وخاصة ورق العنب الموسمي، وهذا ما نحن عليه حتى اليوم، فعند اقبال موسم ورق العنب يتواصل معي الزبائن لتأمين موسم هذا العام لهم”.

قرر عاصم الحفاظ على مهنة والده التي ورثها عنه لدافعين: الأول أن المهنة مصدر رزق له ولعائلته، والثاني دافع الحب للمهنة وثقة المجتمع، فيقول لشبكة آسو الإخبارية: “ارتبط اسم مهنة بيع المؤونة الموسمية وخاصة ورق العنب باسم عائلتنا في المنطقة، وذلك لان الأهالي يثقون بنا، عندما توفي والدي بقيت عاطلاً عن العمل، ونظرًا لوجود عدد قليل من الأشخاص الذين يتخذون هذه المهنة لكسب الرزق فقد اخترتها، إلى جانب تنفيذ وصية والدي أن استمر بها”.

“صعوبات.. لكن العمل ممتع”
لا يقف عاصم في مكانه وينتظر حتى تأتيه البضاعة الجيدة، وهذا أحد اسرار نجاحه في المهنة، بل اعتاد أن يجوب الطريق بين الدرباسية والحسكة بحثًا عن مزارع لخضار موسمية وخاصة كروم “ورق العنب”، فيقول: ” أخرج كل صباح في الساعة الرابعة فجراً إلى الحسكة، وذلك لأن أصحاب الكروم يحضرون منتجاتهم إلى السوق في ساعات الفجر، لذا عادة يكون الجهد فيها متعبًا لذا هي مكلفة، كما أن طول الطريق يؤثر على جودة ورق العنب لأن بقائها لساعات طويلة في العمائم يؤدي إلى إتلافها وهذا كله تحدي أمام القدرة على إيجاد البضاعة الجيدة، والقدرة على جلبها بسرعة وبيعها قبل اتلافها”.

يأتي موسم بيع أوراق العنب في شهر مايو من كل سنة، وتلعب الظروف الجوية في تمديد موسم قطف الأوراق، حيث يذكر عاصم، أن هذا موسم ورق العنب لهذا العام مثلًا، استمر فقط شهراً واحداً بسبب كميات الأمطار الهاطلة، في حين امتد موسم العام الماضي قرابة شهرين ونصف الشهر”.

ورق العنب والعنب
يستحضر ورق العنب من كروم العنب، حيث يتم قطافها بشكل موسمي، لبيعها، لكن يبدو أن هناك من يمانع فكرة قطف أوراق الشجر من أغصان العنب، فيقول “خالد سعدونكي” من مدينة الدرباسية، أنا لا أقطف أوراق العنب لأن ذلك يؤثر على شكل العنب ولونه، “عند قطف ورق العنب يبقى حجم حبة العنب صغير، فيما لو ترك الورق على شجره، زاد في نضوج الحبة وبالتالي في وفرتها”.
وتنتشر كروم العنب في المنطقة بشكل كبير، ويعرف عن أنواع من العنب في الأغصان، لكن تشتهر بلدة تل تمر بريف الحسكة بشكل خاص بورق العنب حيث ربما لوجودها على حوض الخابور (سكانها بمعظمهم أشوريين) خاصة في قرية معيشية.

“خضرة قاسم”، سيدة اعتادت شراء ورق العنب من والد عاصم منذ أكثر من ٤٠ سنة، تقول لشبكة آسو الإخبارية، إن المواد الموسمية التي يقوم ببيعها سابقًا الحاج أحمد عمرو ويبيعها اليوم ابنه عاصم، تكون ذو جودة ممتازة وخاصة ورق العنب حيث تكون الأوراق بحجم كبير، لذلك أفضل الشراء منه عن غيره من الباعة، حيث أخذ كميات جيدة من أجل تخزينها لفصل الشتاء”.

استخدامات ورق العنب
مفيد رشو من عفرين يتحدث لشبكة آسو الإخبارية عن أهمية ورق العنب فيقول لورق العنب استخدامات عديدة، “يمكن استخدام ورق العنب والاستفادة من ثماره بعدة طرائق، فعلى سبيل المثال، يزرع البعض العنب لبيعه من أجل استخدامه في الأكل كالمحاشي، حيث يكون مصدراً للرزق بالنسبة لهم، أيضا يمكن الاستفادة من الحصرم (فج العنب) ليصنع منه الخل، توضع في السلطات، كذلك يصنع منه العصائر هذا عدا عن استخدام العنب في صناعة النبيذ”.

يقول عاصم حاج أحمد إن بيع ورق العنب موسمي، وقد شهد موسم هذه السنة نقص في البيع بسبب هطول الأمطار وحبات البرَد، وأيضاً لارتفاع الدولار أمام الليرة السورية، ونقص الأيدي العاملة، كل ذلك أثر على المحصول وقلته في السوق، وأيضاً لارتفاع سعره حيث اضطررنا الى شرائه بقيمة أكثر من الأعوام الماضية”.

معايير قانونية عمل بسطات البيع
وأشارت الرئاسة المشتركة لنقابة العمال في مدينة الدرباسية “أمينة حريس” لشبكة آسو، إلى آلية البيع على الطرقات بأن العمال لا يرغبون في تسجيل أسمائهم لحماية حقوقهم من أولئك الذين يبيعون الخضار في الأسواق، والسبب في ذلك أنه منتج محلي ولا يوجد شيء ثابت، وليس لديهم ثقة كبيرة في المعايير والقوانين.

وأوضحت أمينة أنه بموجب قوانين النقابة، فإن هؤلاء العمال لهم حقوق، فعلى سبيل المثال؛ إذا لم يسمح أصحاب المتاجر لمالك العربات بيع منتجاتهم أمام محالهم، فيمكنهم التقدم إلى المركز للعمل، وختمت حديثها: “هذا الحق متاح فقط لمن لديه بطاقة عضوية ودفع 500 ليرة سورية كإعانة شهرية لفاتورة سارية”.

عاصم الحاج أحمد تمنى أن تزرع الأشجار بكافة أنواعها وخاصة أشجار العنب “الكروم” حول المدينة بشكل أكبر، وبمساحات أوسع حيث يرجع الفائدة في كلتا الحالتين للمنطقة، عبر المساحات الخضراء في المنطقة لما له من فائدة بيئية، وأيضاً من حيث تشجيع بيع المنتجات المحلية وبهذا لا يضطر الأهالي لاستيراد المواد من خارج المنطقة، داعيًا أصحاب الكروم والمزارع عدم بيعها الا في المنطقة لأنه منتج محلي يفيد المجتمع.