Connect with us

أخبار وتقارير

دوار النعيم يستعيد حلة البهجة من جديد

نشر

قبل

-
حجم الخط:

آسو-عبير محمد

يُعتبر “دوار النعيم” الواقع عند شارعي المجمع وعدنان المالكي وسط مدينة الرقة، علامة فارقة في مدينة الرقة. سُمي بهذا الاسم نسبة إلى محل لبيع المثلجات قرب الدوار يسمى بمثلجات النعيم.

خلال حقبة داعش تم استخدام ساحة الدوار لتنفيذ الإعدامات وتعذيب الأهالي هناك، فكان شاهداً على مقتل وقصاص المئات من المدنيين الأبرياء، ناهيك عن تعليق الرؤوس على سياجه.

واليوم يشهد دوار النعيم حركة نوعية لاستعادة البهجة مجدداً من خلال (إعادة تأهيله وترميمه)، حيث تنتشر المحال التجارية من حوله وتتوافد الأهالي إليه بكثرة، كعودةٍ لحياةٍ طبيعية على هذا الدوار، لطالما اعتاد عليها سكان المدينة قبل حكم داعش.

في استطلاع، أجرته شبكة آسو الإخبارية، في مدينة الرقة مع عدد من الأهالي لمعرفة مكانة هذا الدوار في ذاكرتهم، فيقول العم “أبو مروان”، “دوار النعيم قبل سنيين طويلة كان يعني الكثير (منتزه، حديقة للسيران، مكان لتغيير الأجواء..)، لكن على أيام داعش فقد مذاق الحياة ورونق الطبيعة كما كنا معتادين عليه، ففي تلك الأيام سُمي بدوار الجحيم، نسبةً إلى المجازر التي ارتكبت فيه، والمناظر المرعبة التي زرعت على سياجه، علاوة على رائحة الدم التي لم تفارقه طيلة هذه الفترة القاسية”.

أما “حمدية أم خالد” قالت، “كان داعش يجمع الأهالي عند الدوار كي يشاهدوا عملية القصاص التي كانت تنفذ بحق المدنيين، فكان مكاناً رسمياً لتنفيذ أحكامهم، بهدف إدخال الرعب في قلوبنا وإرضاخنا لهم، لكنني واثقة من أن هذا الطابع سيتغير قريباً بإذن الله، ويمكنك رؤية بوادر هذا التغيير بشكلٍ واضح منذ اللحظة نتيجة الحركة من حول الدوار”.

فيما قال “أحمد”، “حالياً نلاقي تغيير جذري في إعادة تأهيل الدوارات، كدوار النعيم ودوار الساعة وغيرهما، وبصراحة هذه خطوة إيجابية لخلق روح معنوية جديدة اشتاق لها الكثيرون من الناس الذين عاشوا في المنطقة خلال حكم داعش”.

في حين قال الشاب “محسن”، “لن ننسى أبداً ما جرى على هذا الدوار من سفك الدماء وعمليات القصاص وتعليق الجثث، فهذه المشاهد ستخلد في ذاكرتنا للأبد، لكن الحياة بطبيعتها تتغير، ونحن الآن بمرحلةٍ جديدة بعيدة كل البعد عن فترة حكم داعش، حيث يتم الآن العمل على إعادة الدوار في هذه الأيام، وأنا أحد الأشخاص الذي كنت أتردد كثيراً مع عائلتي لهذا المكان في السابق، وسأسترد تلك الأيام الجميلة كما كنا نعيش لأن الأمور تسير نحو الأفضل، ودوار النعيم من أكثر الدوارات في المدينة الذي كان يقصده الكثيرين للتنزه”.

المهندس “حسين حاج الحمود”، أحد المشرفين على إعادة تأهيل دوار النعيم، ذكر في حديثه لشبكة آسو الإخبارية أن “الدوار كما هو معلوم سابقاً لأهل الرقة، عبارة عن تجمع اجتماعي لمختلف العوائل في أيام الربيع والصيف، يعني نستطيع القول على أنه كان كحديقة صغيرة يرتادها الجميع، بحيث لاقى إقبالاً كثيفاً جداً من الناس آنذاك، لكن بسبب تطور الأحداث ودخول مجموعات داعش للمدينة، تحول دوار النعيم إلى دوار الجحيم، وذلك بسبب تعليق الرؤوس على سياجه، فأخذ منحة معنوية نفسية عكسية تماماً عما كان، والآن نحن كفريق تدخل مبكر (ERT) نقوم بإعادة تأهيل هذا الدوار لما طبع من آثار نفسية سلبية على أهالي المدينة”.

أضاف “الحمود” قائلاً، “وكما هو ملاحظ، يتألف الدوار من أربعة بحرات، فيه شبكة تغذية مياه ونوافير، وإنارة (سبوتات ضوئية)، بالإضافة إلى أعمال الحجر وأقواس عباسية لزيادة المنظر الجمالي والفن المعماري، آملين أن يلاقي آثراً إيجابياً تمحو مآسي الماضي خلال الأعوام السابقة والتي أجبرت الناس على رؤيتها في هذا الدوار”.

مهما جرى من ظلم وقهر واستعباد وأفعال لا إنسانية اتبعها داعش بحق المدنيين العزل والأبرياء في جميع المناطق التي سيطر عليها بشكل عام وفي مدينة الرقة بشكلٍ خاص، إلا أن الحق يُعلا ولا يُعلا عليه، ولإعادة تأهيل دوار النعيم تأثيرٌ بالغ الأهمية على النفوس لاسترجاع البهجة ورونق الحياة لطبيعتها.