مدونة آسو
في اليوم العالمي للصحافة
يعتبر يوم الثالث من أيار/مايو يوماً عالمياً للاحتفال بحرية الصحافة، وهو يوم حددته منظمة اليونسكو في كانون الأول/ديسمبر عام 1993، لتحيي من خلاله ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك التاريخي الذي أعلن عنه في اجتماع للصحافيين الأفارقة في 3 أيار/ مايو 1991.
حيث كان الهدف من هذا الإعلان، تذكير الحكومات بضرورة، ومدى أهمية احترام حرية الصحافة، وضمان بيئة إعلامية حرة وآمنة للصحافيين.
مما لا شكّ فيه أنّ حرية الصحافة تعكس مدى رقيّ المجتمعات والحكومات على حدٍّ سواء، وكلما زادت حرية الصحافة والتعبير وإبداء الرأي في بلدٍ ما، زاد احترام المواطنين للأسس والقيم التي بُني عليها هذا البلد، والعكس صحيح، كلما زاد التضييق على عمل الصحافة وكانت حرية التعبير بمثابة جريمة، فإننا نكون أمام خللٍ بنيوي في أساس الدولة والسلطة التي تديرها، وبالتالي تكتسب هذه السلطة صفة الاستبداد، التي تجعل الصحافة خصماً لها وتدأب على التضييق عليها، ومنع حرية التعبير؛ هذه الحرية التي تخشى من انتقالها إلى المواطنين، وتؤدي إلى تقويض هذه السلطة، في نهاية المطاف.
تعتبر حرية العمل، قيمة القيم بالنسبة لسالكي طريق الصحافة المحفوف بالمخاطر، ولا يمكن المساومة عليها أو التنازل عنها بأي شكلٍ من الأشكال، حتى لو كان ثمن ذلك خسارة حريتهم والعيش وراء قضبان السجون، بل وحتى فقدان حياتهم ثمناً لقول الحقيقة التي حمل هؤلاء عبئها الهائل على عاتقهم، وما أكثر هؤلاء الذين باتوا اليوم مناراتٍ على درب “صاحبة الجلالة”.
إنّ رقي المجتمعات يأتي من زيادة المعرفة وسهولة الحصول على المعلومات بين أفرادها، ولطالما كان للصحافة هذا الدور البنّاء في نشر الوعي وزيادة مخزون المعرفة العامة لدى الناس، وبالتالي فإنّ أي قمع لحرية التعبير التي تعتبر الشريان الحيوي للصحافة، ينعكس سلباً على المجتمع بأسره، ويغرقه في الجهل الذي تتولد منها جميع الآفات الاجتماعية والإنسانية.
على الحكومات أن تدرك مدى أهمية الصحافة الحرّة، الذي تعتبر صلة وصل بينها وبين مواطنيها، وتعرف أنّها تعمل على تحسين طريقة عمل مؤسساتها، ولها دور بالغ الأهمية في المتابعة والرقابة العنيدة الناعمة التي تفضي في النهاية إلى تحقيق الارتقاء المأمول.
في هذه المناسبة، علينا أن نؤكد على مسألةٍ أخرى، فكما يتوجّب على الحكومات الالتزام بحرية الصحافة، كذلك يتعيّن على الصحافيين الالتزام بمعايير وأخلاقيات المهنة، والحرص على قول الحقيقة كما هي، دون أيّ انحياز أو اعتبارات أخرى أيّاً كان شكلها.