مدونة آسو
صحافيون: إحداث الحكومة السورية قانون وزارة الإعلام الجديد يوحي بمخاوف تضييق أكثر على حرية الرأي
إعداد: براءة محمد
آثار قانون الإعلام الجديد رقم (9) بتاريخ 23 نيسان 2024 الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد، بدلا من وزارة الإعلام (تأسست عام 1961)، جدلاً بين إعلاميين وصحافيين سوريين، بسبب مخاوف من تأثيراته على العمل الصحفي والدراما سوية، أيضًا الخشية من أن يزيد القانون الجديد تضييق أكثر على الصحفيين في التعبير عن آرائهم وعدم ممارسة العمل الصحفي بحرية، كما يثير تساؤلات عديدة حول استقلالية الإعلام والدراما التلفزيونية اللذين أصبحا تابعَين وبشكل مباشر لوزارة الإعلام، خاصة أن إقرار قانون لإنشاء وزارة إعلام جديدة جاء دون طرحه على الإعلاميين والصحفيين للمشاركة في صياغته ووضع السياسات الإعلامية في البلاد، الأمر الذي ينعكس على الشفافية والمصداقية وضمان حرية الرأي.
مواقف من قانون وزارة الإعلام الجديد
تعتبر قوانين الإعلام أحد الجوانب الهامة في تنظيم عمل الإعلام والحفاظ على حرية التعبير وحقوق الصحافة والصحفيين\ات، ورغم صدور قانون الإعلام الجديد، إلا أنه لاقى انتقادات واسعة بين أوساط الإعلاميين والصحفيين، الذين وجدوا فيه تغييبًا لدورهم وآرائهم، ويعيدون هذا التغيب إلى أنه تمت تسريبات حول بنود للقانون لكن تم حذفها، وإقرار أخرى، دون طرح توضيح وشرح واضح لها، كذلك يثير القانون الجديد عدة تساؤلات حول مصير عملهم الصحفي ومدى تمتعهم بحرية الرأي على أساس حذف بنود قد تم الاتفاق عليها في السابق، تضمن حريتهم وتصونها بحسب صحافيين عاملين في سوريا ومطلعين على القانون الجديد.
الهدف من القانون الجديد كما ذكرت وكالة سانا: “هو تمكين وزارة الإعلام من مواكبة التطورات الحاصلة في الأنظمة والأدوات الإعلامية حول العالم، وتفعيل دورها بشكل أمثل خاصة في ظل ما يشهده القطاع الإعلامي من توَسع وتطور كبير ومتسارع”.
وبحسب ما نُشر في سانا أيضًا “أن القانون الجديد يضع الوزارة في صلب دورها من ناحية تعزيز ربط الإعلام بالمجتمع، وإنتاج خطاب إعلامي وطني يستند إلى تاريخ وحضارة الشعب السوري، وملتزم بقضايا الوطن والمواطن، وضمان حق المواطن بالحصول على المعلومة والخدمات الإعلامية بأنواعه المختلفة، وحرية العمل الإعلامي والتعبير عن الرأي في الوسائل الإعلامية الوطنية وفقا لأحكام الدستور والقانون”.
في حين يتساءل الصحافي السوري “كمال شاهين” ويعمل لدى جريدة السفير العربي من بيروت، عن أسباب التفكير أصلا بقانون إعلام جديد في سوريا!، ويقول في وقت تمت فيه إعادة إصدار قانون جديد يقضي بإحداث وزارة إعلام جديدة، بدلًا من الوزارة التي تأسست عام 1961.
ويؤكد شاهين أن مشروع القانون الجديد يتجاهل حقوق الصحفيين والصحفيات المستقلين بالعمل، ويحصر العمل الإعلامي لمن هم خارج الجهات الحكومية عبر بطاقة صادرة عن الوزارة، وهو ما يعني على حد قوله خضوع كل الصحفيين لإدارة الوزارة، وقدرة الأخيرة على سحب البطاقة بسهولة لأي سبب كان (..).
وكان رئيس تحرير صحيفة الوطن الموالية للحكومة السورية “وضاح عبد ربه” قد تساءل عبر صحفته على الفيسبوك: “أين التشاركية؟ وماذا عن الشفافية؟ ولماذا توقف نشر مشاريع القوانين على موقع رئاسة مجلس الوزراء لاستقطاب رأي أصحاب الاختصاص؟ أليس من حق كل صحفي أن يطلع على مشروع القانون قبل مناقشته وإقراره؟”
ونقلًا عن حسن م. يوسف خلال تعليقه على الوزارة الجديدة والقانون الجديد الذي تم إقراره، قال “أن وزارة الإعلام سمحت لنفسها مؤخراً بالتعاون مع عدد من الصحفيين والإداريين بصياغة قانون جديد للإعلام، أستطيع وصفه من خلال ما سرب من مواده بأنه تضييق على العاملين في الصحافة، كونه يقضم عدداً من حقوق الصحفي التي ينص عليها القانون الحالي، كما لو أن هناك من يود معاقبة الصحفيين الذي لم يهاجروا! وقد أحيل مشروع القانون إلى اللجنة المختصة في مجلس الشعب لمناقشته تمهيداً لإصداره، قبل أن يسمع به أحد من الصحفيين سوى أعضاء لجنة صياغته!”.
من جانب أخر يرى الصحافي جانو شاكر ويقيم في شمال وشرق سوريا، أن القانون الجديد الذي أقره مجلس الشعب السوري في نيسان الفائت، “قد شابه العديد من المثالب والعيوب التي تجعله بمثابة خطوة إلى الوراء، إذا ما تمت مقارنته بقانون الإعلام الصادر في العام 2011، والذي كانت تشوبه أساساً العديد من العيوب فيما يتعلق بحماية الصحفيين أو مدى مساهمته في تأمين بيئة آمنة للعمل الصحفي”.
منوهًا إلى إن القانون الجديد لم يطرح للنقاش العام “لم يتم الإعلان عن مسودته على موقع وزارة الإعلام أو مجلس الشعب، وهو ما اعتبرته جهات حقوقية سورية عودة إلى تقاليد تشريعية كانت متبعة قبل العام 2011”.
من جانبه يقول الصحافي السوري علي نمر رئيس شبكة الصحافيين الكرد في تعليق على القانون الجديد لوزارة الإعلام: إن “مشروع القانون الذي لم يتم توزيعه بالشكل المطلوب على الصحفيين والوسائل الإعلامية المختلفة كما هو العرف المتداول في عرض أي قانون قبل إقراره، يبدو من بدايته وحسب الطريقة المتبعة في مناقشته سيكون بمثابة «الضربة القاضية» لما تبقى من هامش الحريات، والاستمرار في التضييق على كل وسيلة إعلامية لا تتبع للإعلام الرسمي”،
موضحًا أن المساحة التي كانت مفتوحة للصحفيين خلال عملهم على أساس مواد القانون القديم، أو الذي عدل بعد 2011، أضحت في خبر كان، “الحجج التي سيقت على أن القانون لا بد من تعديله بسبب التطورات الحاصلة في مجال الإعلام والاتصال لم تكن دقيقة، لأن المواد التي عدلت سواء من حيث الكلمات أو المعاني أو المصطلحات، كانت بمثابة «فرملة» لحرية الرأي والتعبير قانونياً”.
وتساءل علي نمر “هل في العالم أجمع قانون خاص بالإعلام ولا يحمل كلمة المستقل؟ أين يذهب جميع الصحفيين المستقلين، والوسائل الإعلامية المستقلة بكل أنواعها سواءً أكانت مرئية أو مكتوبة او مسموعة؟ حين يلغي القانون صفة المستقل، فإنه بذلك يخالف جميع المعايير والمواثيق الدولية الناظمة للعمل الإعلامي، والتضييق على هذه الفئة استناداً لمواد القانون هو انتهاك صارخ لحرية الصحافة، وبالتالي فإن مصير هؤلاء إما البقاء في الشوارع دون عمل، أو العمل بشكل سريّ وهذا يعرضهم للاعتقال ودفع الغرامة، أو الحل الذي كلنا اخترناه لأنفسنا وهو «التطفيش» من البلد بأسوأ الأحوال”.
وأوضح الصحافي علي نمر، “أن البلدان تصدر القوانين لحماية مواطنيها، وليس للنيل منهم، وأيّة إجراءات تعديلية لأيّة مواد قديمة يجب أن تواكب مساحة الحريات الممنوحة، لا التقييد عبر اللعب بالألفاظ والمصطلحات الفضفاضة”، موضحًا أن مشروع القانون الجديد لم يضع بعين الاعتبار مئات الانتهاكات التي ارتكبت بحق الصحفيين والإعلاميين على مدار السنوات الماضية، وخاصة تلك الممتدة بين 2011-2024.
ويؤكد “نمر” أن لسان حال الغالبية من الصحفيين، وعلى وجه الخصوص الذين يعملون في الوسائل الإعلامية المتواجدة في مناطق سيطرة الحكومة السورية كان: “ما فائدة تعديل القانون إن لم يترك لي مساحة الحرية في الحصول على المعلومة متى أشاء، أو ما قيمة التعديل إن لم يستطع حمايتي حين أتعرّض للانتهاك من أيّة جهة كانت تحت حجة تجاوز الحدود والخطوط الحمر بناءً على توصية وزارية وبقرار من وزير الإعلام، لتتحول الوزارة هنا إلى جهاز أمني لمعاقبة الصحفيين، وليس لحمايتهم، وهذا منافي لمفهوم الصحافة كسلطة رابعة أولاً، والحصانة الممنوحة للصحفي في كشف الأخطاء والتجاوزات والفساد ثانياً”.
مواد تم حذفها ومواد أضيفت في قانون الإعلام الجديد
بعد صدور تسريبات حول مواد تم حذفها كانت موجودة في القانون القديم تضمن هامشًا من الحرية للعمل الإعلامي، وأخرى أضيفت في قانون الإعلام السوري الجديد، وجد فيها صحفيون تقييدًا لحرية عملهم وإلغاءً الدور الرئيسي للإعلام كسلطة رابعة في المجتمع، وخضوعه لسيطرة وزارة الإعلام، وذلك من عبر حذف مواد تنص على ضمان حماية الصحافي قضائيًا وخضوعه بشكل مباشر لرقابة الوزارة بدلاً من القضاء.
يقول الصحافي السوري لدى جريدة السفير العربي في بيروت “كمال شاهين”: حسب ما تسرب من قانون الإعلام الجديد “هناك مواد حُذفت وأخرى جديدة وما حذف يمس بشكل مباشر استقلالية الإعلام، حيث حذفت كلمة “مستقل” التي توجد عادة في قوانين الإعلام المتوافقة مع المعايير الدولية بما يتعلق بممارسة العمل الإعلامي بأنواعه”.
ويورد شاهين فقرات تم حذفها من القانون الجديد، منها الفقرة (ب) من المادة السابعة، والتي تقول: “لا يحق لأي كان مطالبة الإعلامي بإفشاء مصادر معلوماته إلا عن طريق القضاء وفي جلسة سرية”، كما حذفت المادة 101 التي تقول: “لا يجوز تفتيش الصحافي أو تفتيش مكتبه أو توقيفه أو استجوابه إلا بعد إبلاغ الوزارة أو فرع اتحاد الصحفيين لتكليف من يراه مناسبًا للحضور مع الإعلامي”. موضحاً إن “حذف هذه الفقرة تحديدًا يمثَل انتهاكًا لمفهوم العمل الإعلامي واختلافه عن الأعمال الأخرى لجهة كونه واحدًا من السلطات التقويمية الأربعة للمجتمع، ويتيح الحذف أيضًا استخدام مختلف الحجج لملاحقة الصحافي\ة والتضييق عليه\عليها”.
ويرى شاهين “وفق ما سُرب” فإن من أبرز المواد المحذوفة ما نصت عليه المادة 15 في الفقرة (ج) لجهة شرعنه الإجراءات التي كانت تلجأ إليها بعض إدارات المؤسسات الإعلامية الرسمية من إيقاف صحافيين لديها عن العمل لأسباب يقال عادة إنها مهنية فيما هي “عمليًا رضوخ لضغوط كانت تأتي من هنا وهناك”.
ولزيادة تشديد رقابة الوزارة على العاملين في حقل الإعلام يقول “شاهين” أنه تم نقل اختصاص القضاء إلى لجنة مشكلة في وزارة الإعلام يشكلها الوزير برئاسة قاض يسميه وزير العدل مهمتها النظر بالمخالفات واتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين وفقًا لأحكام هذا القانون وتكون قراراتها نهائية ومعجلة النفاذ وقابلة للطعن أمام محكمة القضاء الإداري خلال مهلة عشرة أيام من تاريخ تبليغها.
يلفت “شاهين” إلى أن هذه التغييرات ببساطة تشير إلى تضييق متزايد لحرية الإعلام في سوريا، وخضوعه المتزايد للتحكم من قبل الجهات المختصة في الوزارة أو غيرها ومنها إصدار “وزارة الإعلام” تعميمًا يحصر منح البطاقات الصحفية التعريفية للعاملين في الإعلام، ومن أي نوع كانت، بوزارة الإعلام حصريًا، “ربما تمهيدًا لإصدار رسوم عليها وبالضرورة للوصول إلى قائمة بأسماء العاملين في هذا القطاع”.
وعن ملاحظاته على بعض المواد التي عدلت، يقول الصحافي علي نمر “تم تعديل المواد الجوهرية، والتي من خلالها سيتم التحكم بالإعلام من بابه لمحرابه”، على سبيل المثال “كيف بواضع القانون أن يحذف الفقرات الرئيسة للمادة السابعة التي كانت تمنع المراقبة على المحتوى قبل نشره، لأن هذا الحذف يعطي الحق للأجهزة الرقابية مراقبة الوسائل الإعلامية وإغلاقها عند أي تجاوز. أما من جهة حقوق الصحافي فالمادة ذاتها كانت تعتبر حرية العاملين في هذه المهنة مصانة بالقانون ولا يجوز المساس بها ومحاسبته على رأيه إلا في حدود القانون، فمن الإجحاف أن تحذف هكذا مادة التي كانت بمثابة الحماية للصحافي، وتستبدل بمادة غير مفهومة ومطاطة مضمونها أن حرية الإعلامي تصان في إطار المبادئ والقيم! ألا يحق لنا معرفة تلك المبادئ والقيم، ومن الذي يقررها؟
وأشار “نمر” إلى أنه في حال تمرير المشروع بصيغته المسربة، فإن “جميع الملفات المهمة وخاصةً تلك المرتبطة بشبكات الفساد الكبرى، والتي كانت تنشر عبر تحقيقات صحفية واستقصائية، لن ترى النور بعد اليوم”، موضحًا أن الفقرة التي كانت تمنع أيّة جهة رسمية وأمنية من مطالبة الصحافي بإفشاء مصادر وثائقه ومعلوماته إلا عن طريق القضاء وفي جلسة سرية، قد تم حذفها (بجرة قلم).
ويرى “نمر” أن “الهدف الحقيقي للحذف ترويع وتخويف كل صحافي يتناول القضايا الإشكالية وعلى رأسها ملفات الفاسدين وجرائم المتجاوزين على مستوى الهرم”. مؤكدًا أن القائمين على التعديلات تابعوا انتهاكهم للقانون حين قاموا بحذف المادة 101 المتعلقة بالإجراءات المتبعة بحق أيّ صحافي في حال ارتكاب أخطاء مخالفة للقانون، والتي كانت تؤكد على عدم توقيف واعتقال أي إعلامي والتحقيق معه أو تفتيش مكتبه، إلا بعد إبلاغ وزارة الإعلام أو فرع اتحاد الصحفيين، وحضور مندوب من الجهتين واقعة الاستدعاء والاستجواب.
وفي معرض حديث “نمر” عن المصطلحات الواردة في نص القانون الجديد والتي لخصها بثلاثة أشياء: (انتهاك النظام العام، وتجاوز الآداب العامة، والقيم الوطنية للمجتمع السوري) التشابيه الثلاثة موجودة في القوانين الناظمة للعمل الإعلامي في مختلف الجغرافية السورية، باختلاف الجهات المسيطرة على الأرض، ومن المعلوم أن هناك على أقل تقدير أربع «حكومات» تتحكم برقاب الشعب السوري وليس الإعلاميين فقط؛ لا ندري من هي الجهة المحقة في تحديد حرمة النظام العام، والمحافظة على الآداب العامة، والراسخة للقيم الوطنية، لم يبق إلا أن يخرج علينا ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» ويطالبنا بالحفاظ على تلك القيم والآداب، لذلك فإن التلاعب بالمصطلحات بهذا الشكل هدفه التأويل والتفسير والغرق في التفاصيل من أجل ضياع حق الصحفي.
وعن المواد والمصلحات الواردة في قانون الإعلام يسجل الصحافي جانو شاكر، عدداً من المواد والبنود التي تكرس احتكار الحكومة السورية عبر وزارة الإعلام، للنشاط الإعلامي وتلغي أي هامش ضئيل كان متوفرًا للعمل الإعلامي المستقل، فعلى سبيل المثال:
-يضم القانون عبارات فضفاضة وقابلة للتأويل بأكثر من معنى، ما يتيح للسلطة ومؤسساتها محاسبة الصحفيين في حال إعداد مواد تراقب أداء الحكومة أو تنتقدها، ومن هذه العبارات “انتهاك حرمة النظام العام والقيم الوطنية للمجتمع السوري”.
– هناك خشية من أن يتم استغلال هذا القانون وتعريفه للمحتوى الإعلامي، والاستناد إليه لمحاسبة الصحفيين وحتى رواد مواقع التواصل الاجتماعي ليس على المنشورات التي يتداولونها، بل حتى على التعليقات والتفاعل مع المنشورات.
– هناك تعقيد فيما يتعلق بإجراءات الترخيص، ما يلغي أي هامش لإمكانية عمل الصحفيين المستقلين أو غير التابعين للمؤسسات الحكومية.
الموقف من تشكيل اللجنة الوطنية للدراما
ومن ضمن المواد التي نص عليها القانون الجديد الاعلام تشكيل اللجنة الوطنية للدراما بقرار من الوزير وتكون برئاسة معاون الوزير المختص حيث تنص المادة على “تشكيل اللجنة الوطنية للدراما مهمتها وضع السياسات العامة للإنتاج الدرامي والأفلام الوثائقية والتلفزيونية والسينما بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية وتلقي النصوص والأعمال الدرامية الواردة إلى الوزارة والمراد إنتاجها أو بيعها أو تصديرها ومنح إذن التصدير للأعمال الدرامية والأفلام الوثائقية بعد إقرارها نصًا ومشاهدة وتقييم الأعمال الدرامية المنتجة خارجيًا ومدى صلاحية عرضها محليًا”
ويبدي جوان تتر “صحافي وشاعر” رأيه بتشكيل اللجنة الوطنية للدراما: “حقيقةً أن ربط الدراما بالإعلام، ليس إلَّا مجرد سياسة من السياسات المتَّبعة لتحويل الدراما السورية –التي أثبتت جدارتها على مرّ السنوات الطويلة من الصراع السوري رغم بعض الاختلافات أحيانًا في المضامين- إلى آلة إعلامية أخرى شبيهة بالقنوات الرسمية، التابعة للحكومة السوريَّة بشكل رسمي وحكومي”.
حيث يرى “تتر” أنه يتم تحويل: “المتنفس الوحيد” للسوريِّين –أي الدراما- إلى آلة توجيهية (وطنية) مفرغة من محتواها الإنساني الاجتماعي، فقرار استحداث وزارة إعلام جديدة كهرم أعلى تحوي ضمنها الدراما أمر سياسي بحت، والهدف منه السيطرة على المحتوى والمضمون، وتمرير أي نص أو عمل درامي تحت مجهر (التشديد الأمني والمخابراتي) وبالتالي استنساخ أعمال دراميّة لا علاقة لها بالواقع الحقيقي المُعاش في سوريا”.
ويقول جوان تتر “عادةً ما يتم القيام بفعل: “الضحك على اللحى” فيما يخص القوانين “الوطنيَّة” السورية، من منطلق إظهار حضارة سوريا والتشديد على هذه النكتة السمجة، أو التبجح بنظرية ربط المجتمع بالإعلام أو العكس”، مؤكدًا تناسى أصحاب القرارات والمراسيم الحكومية السورية “أنه في الوقت الراهن ومنذ سنوات طويلة لم يعد للمجتمع السوري أي ارتباط بالإعلام في سوريا، ولا يمكن أصلاً في ظل هكذا حكومة أن يكون هناك أي ارتباط للإعلام بالمجتمع”
ويتابع “جوان تتر” في توضيح موقفه من ربط الدراما بالإعلام السوري “الإعلام السوري منذ نشأته وحتى الآن لا ينقل سوى الصورة الضبابية والمخادعة للأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية، نقل المشاهد عبر الإعلام الرسمي المقُونن، على أن سوريا بخير، أما بالنسبة للحضارة فحدِّث ولا حرج، وفي هذا السياق (الحضاري المزعوم) هل يتناسى أصحاب القرار، أن أكثر من نصف الأماكن التاريخية (الحضارية) السورية تعرضت للنهب والسرقة، فعن أي حضارة من الممكن التحدث إعلامياً في وقتنا السوري الراهن؟!!”
يعتقد الصحافي علي نمر، أن قرار ضم ما يخص الدراما، هو بمثابة ممر قانوني لوضع اليد على كل ما يتعلق بالإنتاج الدرامي ماديًا ومعنويًا، بعد أن استفاد المنتجون من الهامش في السنوات الأخيرة وتجاوز بعضهم الخطوط الحمراء الموضوعة سابقًا، بالإضافة إلى مناصفة الأرباح التي حققتها المسلسلات السورية جراء عمليات البيع والتصدير، بالإضافة إلى أن جميع الفقرات الواردة في المادة التاسعة التابعة للجنة الوطنية للدراما توضح بما لا مجال للشّك انها من الآن وصاعداً ستكون تحت رقابة الوزارة كما مواد قانون الإعلام تمامًا، ولن يسمح بعرض أيّ منتج محليًا أو خارجيًا إلا بعد تقييمه ومشاهدته، ومدى صلاحيته.
الخلاصة
يجد “كمال شاهين” في حصر العاملين في قطاع الصحافة “هو هدف إنشاء وزارة جديدة للإعلام، لا يتحقق بغير “ضبَ” جميع الصحفيين تحت أعين الوزارة” الحريصة على “ضمان حق المواطن بالحصول على المعلومة والخدمات الإعلامية وحرية العمل الإعلامي والتعبير عن الرأي في الوسائل الإعلامية الوطنية وفقا لأحكام الدستور والقانون” حسب نص سانا، في وقت يكاد يستحيل فيه على أي صحافي\ة الحصول على معلومة من أي وزارة في نفس اليوم الذي يسأل فيه وحتى ولو بعد أسبوع في غالب الحالات، وهذا حال “صحافي\ة” لديه\ لديها بطاقة من اتحاد الصحفيين، أما من هم خارجه، فلا يحملون بردَ ولو كان سؤالاً عن اسم الوزارة الرسمي فقط.
وختم الصحفي السوري، علي نمر، حديثه بالتأكيد على أن المقدمات السيئة، من الطبيعي أن تأتي بنتائج أسوأ، وهذا هو حال العاملين في الحقل الإعلامي مع مشروع القانون وتعديلاته، والمقدمة الأسوأ حين احتكرت وزارة الإعلام القانون، ولم تطرحه للعلن كي يدلو بدلوه كل من يعمل في الحقل الإعلامي، وإن لم تعٍ الوزارة مسبقًا أن التعديلات التي أدخلتها مخالفة صريحة للمعايير الدولية الخاصة بحرية الصحافة، وحرية الرأي والتعبير، لكانت نشرت مشروع القانون على موقعها الرسمي دون خوف، أو حساب للمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الصحفيين وحمايتهم، وفي مقدمتهم منظمة (مراسلون بلا حدود، الاتحاد الدولي للصحفيين، لجنة حماية الصحفيين…)، لذلك إن تم تمرير المشروع، بالتزامن مع مرسوم تحديث وزارة الإعلام، فإننا أمام تقييد كامل للعمل الإعلامي وبالقانون، وتوسيع دائرة الحظر والعقوبات، وبالتالي فقدان الحماية القانونية للصحفيين بعد أن تحولت الوزارة كسيف مسلط على رقاب الإعلاميين.
*الصور منشورة بتصرف