Connect with us

صوت المغترب

حين تتجسد ملامح مدينة في روايات مغتربة

نشر

قبل

-
حجم الخط:

آسو- آريا حاجي

هو ابن مدينة ديريك/المالكية، من أبناء المكون الكردي فيها، حبه لمدينته جعل اسمها يتجلى في كل كلمة يخطها يراعه، حين بدأ بالحديث عن لمحة من حياته، شبهها بيوميات شخصية معروفة لكل شخص عاش بالمدينة وهو حسين ويوميات عطارته.
“وليد حاج عبد القادر” الأديب الذي قضى حياته في المهجر بعيداً عن مدينته التي يعشق ولكنها دائماً حاضرة بقلبه وكتاباته.

كتب “عبد القادر” في الكثير من المجالات الأدبية، لكنه وعلى حد تعبيره رأى نفسه ينساب دون علمه إلى مجال الرواية حين بدأ بكتابة “ديركا حمكو طفلة الماء” التي كانت استذكاراً لمجموعة قصص أبت إلا أن تستمر لتجر كل ما في ذاكرته حولها حتى ارتسمت على شكل رواية.

استمد “وليد عبد القادر” أولى إله امات كتاباته من مدرسته الإعدادية بكل تفاصيلها إضافة إلى مواضيع التعبير التي كانت واجباً مدرسياً تحول شيئاً فشيئاً إلى بدايات الكتابة الأدبية، كان للقرآن وكتاتيب الملالي في المدينة إضافة إلى بعض قصائد “ملاي جزيري” و”أحمدي خاني” دوراً كبيراً في مسيرته البدائية في الكتابة.

يتحدث عبد القادر عن أولى قصصه التي كتبها قائلاً: “هَوَسي في الإرث والقصص الشعبية وأيضاً التعمق اللغوي كانعكاس مكثف للمطالعات فكانت أول قصة لي وبتأثير كبير بأسلوب المنفلوطي والنزعة الرومانسية المتوائمة لسني حينها والدور المرادف لعشق أزلي لا زلت أعانيه إن للتاريخ بسردياته والغنى التراثي الكوردي والتي كنت أرى ظلالها في كتابات جرجي زيدان ومنها كانت أولى مزاعمي الكتابية القصصية فكانت قصة خالد وصباح بنهايتها الفجائعية”.

لم يكن للرواية فقط نصيب من قلم عبد القادر إنما كان للمسرح أيضاً جزء من إبداعه، وفي هذا المجال كتب ثلاث مسرحيات إحداها ” كاوى الحداد” والتي عُرضت في عيد النوروز في دمشق من قبل فرقة كاوى للفلكلور الكردي وكانت باللغة العربية وفرقة خلات في قامشلو/ القامشلي وكانت باللغة الكردية، المسرحية الثانية كانت “مم و زين” ولعدم توفر الإمكانيات لم تعرض، أما المسرحية الثالثة كانت تحمل اسم ” جيربون” أي ” الوعي” كانت نسخة واحدة و باتت من نصيب أحد أصدقاءه.

في العام 1992 تعرض الكاتب الروائي وليد عبد القادر للاعتقال وتجرد من حقوقه المدنية ليغادر بعدها إلى الإمارات التي يعيش فيها منذ العام 1995 حتى الآن.
كانت تجربة الاعتقال ذات تأثير كبير على قلمه حيث لم يكن قد حدد حينها ماهية المجال الأدبي الذي سيمشي فيه، كان ما يكتبه هو الخاطرة التي كانت تحمل كل البقاع التي تتعلق بمدينته وما حولها.

حصيلة سنوات طويلة من الكتابة “عبد القادر” بعدة نتاجات أدبية حتى اليوم هي أربع روايات ” ديركا حمكو طفلة الماء، كاساني وملحمة درو دينو وليلاني، في دوامة آطاش والجنون، في التيه ومأساة قمو ديني “، إضافة إلى مجموعة قصصية تحمل اسم ” هاي هاي ممو”.

رغم استقراره في مدن كبيرة إلا أن عشق مدينة ديريك فخصص لها حصة الأسد من كتاباته، حيث يصف مدينته بأسماء عدة شخصيات نحتوا أسماءهم عبر أصواتهم في ذاكرة كل من عاش في هذه المدينة فيذكر لنا “أحمو علانا، سعدو، عبد العزيز سمي” وغيرهم حيث أن سماع أية أغنية بأصواتهم تهيج كل مشاعر الشوق لديه وذلك ما ينعكس بكل وضوح ضمن كتاباته.
الاغتراب بحسب رأيه هو السبب الرئيسي لإفراز كل الأوجاع التي تتحول إلى أقلام تستمد حبرها من وجع الكاتب وتترجم المشاعر المغلفة بالاشتياق إلى كلمات حسب قوله.

كثيراً ما كان لبعض الدراويش المعروفين في ديريك مثل “درو دينو” الذي كان يعرف بهذا الاسم من قبل أهل المدينة، حصة كبيرة من كتابات عبد القادر وحول سؤالنا عن سبب التركيز عليهم وعلى قصصهم قال: “أتقصد في اختيارهم لا كمنصات عابرة بقدر ما هي أصلاً كإقرار حقيقي لنبل كان موجوداً فيهم ولم نستطع أو لم نعطهم حقهم”.

توجهنا بسؤال للروائي عبد القادر حول ما إذا كانت حقوق الروائي محفوظة أم لا أجاب بالتالي: ” بالنسبة لحقوق الروائي أرى أنها تدخل تحت يافطة الحقوق العامة للمجتمع، أي مجتمع وأقر بأنها كمفردة تحتاج إلى خصائصية قد تتجاوز البعد المادي من ناحية المردود وإمكانيات الطباعة وبالتالي تسليط الأضواء بعيدا عن البروباغندا من جهة ورغائبية دور النشر التي تنحى صوب الاستثمار التجاري رغم أنها لا تعد نقيصة، وهنا، سأذكر الأهم في المسألة وهي تتعلق بالنقد وأيضاً لا التسويقي منه بل المحفز للارتقاء وهذا يقودنا إلى القراء “.

الروائي وليد عبد القادر متفائل بالواقع الروائي في المنطقة رغم كل ما تمر بها المنطقة من أوضاع سيئة وهو يرى بأن ملامح الكتابة الروائية بدأت تظهر في ديريك حسب متابعته على الرغم من أن الشعر كان مهيمناً على الوسط الثقافي في السابق إلا أن أقلاماً بإمكانات عديدة باتت تظهر للعيان وتفرد لنفسها فسحة ويأمل أن يكون لها مستقبلاً مشرقاً.

حول أعماله المستقبلية أوضح الروائي عبد القادر أن هناك أعمالاً جديدة ستبصر النور قريباً

منها رواية ” آرسي والآفاق المجهولة” وكذلك كتاب ” ملامح ميثولوجية” كما أنه يتأمل أن تكون ولادة رواية ” يوميات حسينو العطار” في عيد النوروز القادم.

من الجدير بالذكر أن “وليد حاج عبد القادر” من مواليد مدينة ديريك/ المالكية عام 1956، درس في مدينته حتى بداية المرحلة الثانوية وأكلمها في مدينة قامشلو/ القامشلي، تخرج من جامعة دمشق حاصلاً على الإجازة بالجغرافيا، يقيم في الإمارات منذ العام 1995 وله عدة نتاجات أدبية.