أصوات نسائية
“ازدهار الناصح”… فانتازيا الحكاية السورية
لا تعرف “ازدهار الناصح” ابنة “البوكمال” بدير الزور من أين تبدأ عندما تروي قصتها، فهمومها المبعثرة تشبه واقعها المبعثر الحزين. فهي الأرملة الثكلى التي لم تستلم جثة زوجها المفقود، المسجون، ومازال الأمل بعودته يسكن قلبها. وهي الأم المتعبة لسبعة أطفال يعاني بعضهم من إعاقات دائمة التي حفرت فيها سنوات القهر والنزوح عميقاً. فهل حقاً عبارة “رفقاً بالقوارير” حقيقة في يومنا هذا.
تقول “ازدهار” في حديثها لتاء مربوطة: نحن من سكان البوكمال ونزحنا إلى القرى المحيطة ومنها إلى مخيم عين عيسى نتيجة القصف.
لقد شهدت بأم عيني كل فترة حكم داعش للمنطقة لمدة تقارب الخمس سنوات وعندما أصبح القصف عشوائيا اضطررت للخروج خوفاً على أطفالي.
تتابع بالقول: من أكثر المواقف التي أتذكرها في فترة حكم داعش، هو اعتقال عناصر “الحسبة” لابني الذي كان يبلغ آنذاك 12 عاماً فقط، كنا حينها في شهر رمضان المبارك وبانتظار السحور فخرج ابني برفقة صديق له إلى الحارة واعتقلته سيارة الحسبة لأنه كان يحمل موبايل بيده، وأطلقوا سراحه بعد عدّة ساعات بعد أن أقنعهم بأنه كان يقوم بتحميل مقاطع دينية وأن الموبايل جديد واشتراه حديثاً، شعرت بالحزن عليه وقتها لأنه حُرم من صيام ذلك اليوم.
زوجها ليس متوفياً وقد أطلقوا عليها لقب الأرملة بسبب اختفاءه منذ ما يقارب 9 سنوات، فقد كان معتقلاً في أحد سجون دمشق ولا تعرف عنه أي خبر، حاولت كثيراً البحث عنه عن طريق توكيل محامين مختصين ولكنهم أكدوا لها مؤخراً أنه متوفي إلا أنها لا تفقد الأمل في عودته إلينا سالماً.
تبين ازدهار أنها كانت تعيل عائلتها من أجار شقة كانت قد ورثتها فتقول: كنا نعيش أنا وأبنائي من أجار الشقة ولكن بعد قدومنا إلى المخيم تراكمت علي الديون فعملت لمدة شهر في تنظيف دورات المياه في المخيم وبعدها لم تتاح لي فرصة عمل أخرى.
الآن ابني يساعدني فهو يعمل بالحفر ولكن أجره زهيد وهو طفل لا يقوى على تحمل هذا العمل ولكننا مضطرون لكسب لقمة العيش، نحمد الله على كل حال.
وتتابع حديثها: لدي ثلاثة أطفال مصابون بنقص النمو لذلك أرغب بالاستقرار في دمشق لمتابعة علاجهم هناك، سابقاً كان هنالك شخص متكفل بعلاجهم ولكنه توقف عن ذلك بسبب ظروف خاصة، لدّي مراجعة للطبيب في دمشق خلال شهر آذار ولا أملك المبلغ المطلوب للسفر وباقي المصاريف ولا أستطيع الخروج من المخيم فهناك الكثير من الصعوبات المتعقلة بالخروج من المخيم خاصة أن مراجعة أبنائي هي كل ثلاثة أشهر.
تختم ازدهار بالحديث عن آمالها في المستقبل قائلة: أحلم أن تكون الأيام القادمة أجمل وأن يصبح كل شيء أفضل ويتوفر كل ما نحتاجه ويشفى أبنائي من هذا المرض وأن يعود زوجي إلينا بأسرع وقت، هذه جُل أحلامي وآمالي فهل هي كثيرة ومستحيلة التحقق؟!!
*الصورة تعبيرية من الانترنت