أصوات نسائية
“مها”… في حياتنا سجون كثيرة… أسوأها سجن المجتمع
الحكاية رقم 1
من: ش. ا
تحرير: لانا حاج حسن
تجلس “مها” في بيتها المتواضع وبجوارها ابنتيها الصغيرتين، تنظر حولها بأسى لما آلت إليه أوضاع الفتاة الحالمة الطالبة الجامعية في كلية التربية. لعنة الدواعش لم يسلم منها أحد تقول “مها”، فأبناء مدينة الرشيد المعروفة بثقافتها وآثارها عاشوا أسوأ الأيام فترة الدواعش الذين قلبوا حياتهم جحيماً.
“مها.ج” سيدة من الرقة، كانت طالبة في كلية التربية سنة ثالثة في الفترة التي دخل إليها الدواعش مدينة الرقة. نتيجة إطباقهم حصاراً على المدينة ومنع حركة البنات بدون محرم، تركت “مها” الدراسة، فأخوها الوحيد لا يستطيع الخروج من المدينة، وهو معيل العائلة نتيجة وفاة والدها.
تبدأ الحكاية بالقول:
في الحي الذي كنت أقطنه كان يوجد بيت يسكنه داعشي تركي عرفنا ذلك متأخراً عندما بدأت سيارات تابعة للحسبة بالوقوف أمام بيته، كنت أخرج أحياناً إلى شرفة المنزل عند قيامي بالتنظيف بحجابي ولكن بدون نقاب لم يتسبب لي حينها بأي مشاكل.
بعدها تقدم الشاب الداعشي لخطبتي من أهلي وهم رفضوا لانتسابه للتنظيم، وبعد ذلك بدأ بمراقبتي وعندما خرجت إلى الشرفة غير منقبة قام بالاتصال بالحسبة لتأتي سيارة ملآ بالنساء الداعشيات ويعتقلنني. تم سجني ليوم كامل ريثما أتى أخي ودفع الغرامة وقام بإخراجي.
عملية السجن التي تعرضت لها تسببت لي حتى باحتجاز داخل المنزل ممنوعة من الخروج منه، حتى شرفة المنزل كان ممنوعاً علي وطأ عتبتها. كان الخوف مسيطراً على أخي لأن الدواعش من أتفه الأمور كانوا يتسببون لك باعتقال أو بعقوبة قد تودي بحياتك.
السجن الكبير (المجتمع)
تجربة الاعتقال لدى الدواعش تسببت لي ولأهلي بحرج مجتمعي وضغط لا يُطاق وكان الجيران يتهامسون دائماً حول تجربة اعتقالي ويرددون “أخذتها الحسبة لأنها غير منقبة”، كان الجيران أيضاً قد بدأ عقلهم بمسايرة الدواعش أيضاً. أخي تعرض لضغوطات كبيرة نتيجة اعتقالي والتي انعكست علي أيضاً وعلى حياتي اليومية. وقد تحدث لأحد أصدقائه عن ظروفه التي يعايشها، فعرض عليه صديقه أن يتزوجني، أنا رفضت بداية لأن الشاب غير متعلم، وأنا كنت طالبة في كلية التربية ودخول داعش على مدينة الرقة هو هو ما منعني عن متابعة دراستي.
تم إجباري على الزواج، ولدي الآن ابنتان من زوج لم أرده يوماً ولكن تم فرضه علي للملمة ما يسمونه فضيحة اعتقالي لدى الدواعش. زوجي تقدم لخطبتي لأنه يعرف أخلاق وسمعة عائلتنا الجيدة.
أحاول اليوم أن أحافظ على أسرتي وأربي ابنتاي وسأسعى جاهدة على أن يحصلا على تعليم لائق يساعدهما على مجابهة قسوة الحياة.