مدونة آسو
“مازلنا نسيرُ على خطى إعلام مهني”… شبكة آسو الإخبارية: مسيرة وتحديات أمام أعتاب العام الخامس
(تعيش سوريا اليوم أزماتٍ كثيرة في حقيقة الأمر، من بينها أزمة الحقيقة، مع اتساع مساحة الإعلام، بظهور الإعلام السوري الجديد، لكن الأخير المحسوب على مناهضة السلطة، وقع في مصيدة الانحياز بمساحة واسعة، وتزامنًا مع تواجد الصحافة المطبوعة والمسموعة والمرئية، استطاعت الصحافة الرقمية أخذ مساحة واسعة من حصة الإعلام، خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، التي فرزت نوعاً جديداً من الصحافة، كما فرضت نفسها على الواقع، الذي يتطلب مواكبة المؤسسات الصحفية والأفراد الصحفيين لهذا التطور)..
قبل أربعة أعوام من الآن (٢٠١٦)، بدأ مشروع شبكة آسو الإخبارية، من فكرة تطوعية وبجهود بسيطة، جاءت بالتزامن مع تحرير مدينة “منبج” من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”. كانت مواجهة الإرهاب من متطلبات المرحلة الأهم آنذاك، وإيمانًا بأن يتم التأسيس أو المساهمة في تشكيل إعلام حقيقي في المنطقة، إضافة لضرورة متطلبات الواقع في سوريا بعد حراك ٢٠١١، للإسهام بإعلام وطني وأيضًا إعلام محلي. من هنا انطلقت شبكة آسو الإخبارية، في شمال وشرق سوريا، من ضرورة بناء صحافة\ إعلام محلي مجتمعي، قادر أن ينظم الصورة ليكمل الواقع، الشعار الذي اتخذته الشبكة، بهدف القرب من حياة الناس، ومعايشة واقعهم وتجاربهم، خاصة وأن فسيفساء المنطقة، بدأت تعاني من التطرف، والتحريض وخطاب الكراهية، مع انتشار “الفكر الإرهابي” في محيط المنطقة وداخلها، والقصد هنا “شمال وشرق سوريا”، فكان لا بد من مناهضة الفكر، والعمل من الإيمان بفكرة التغيير، وضرورة تعزيز ايجاد سلطة رابعة قادرة على تفسير الواقع، وأخذه باتجاه الديمقراطية لمستقبل البلاد.
برغم تحديات الواقع، وبدائية عمل السلطات المحلية التي انتجتها الظروف، وضعف الوعي المجتمعي، وتأثر الأهالي بمعايشة واقع استبدادي في سوريا لعقود؛ السلطة التي أوجدت الكثير من العوائق ومنعت التطور، ومن بينه الإعلام الحر وحرية التعبير وحقوق الإنسان، وعلى الرغم من كل هذه التحديات التي تقف عائقاً، استطاع فريق العمل سلك المسار الصحيح من خلال رفع راية الموضوعية والمهنية، واحترام قيم وأخلاقيات العمل الصحفي، وكانت أسس ومبادئ العمل الصحفي من بين أهم القيم التي أجمع عليها الفريق.
انطلق عمل الشبكة من مدينة سري كانيه/ رأس العين في ٢١ تشرين الأول ٢٠١٦، بفريق إداري وآخر تنفيذي؛ فريق يدير الشبكة كمؤسسة، وفريق يعمل على الأرض بجهود تطوعية، مكون من أكاديميين وصحفيين وناشطين ومواطنين صحفيين وهواة.
انطلقت الشبكة بفريق صغير، بدأ يكبر يوماً بعد آخر، حمل على عاتقه المشاركة بمهام تغيير المجتمع، كما أراد أن يكون المرآة التي تعكس الواقع، بقدراتٍ وامكانيات بسيطة، تترافق مع واقع وظروف الحرب التي تعيشها سوريا، مدكين أن الواقع ليس بمثاليًا بالشكل الذي يترك المجال للتطور والعمل براحة، فشهدت المؤسسة في السنوات الماضية، الخبرة من واقع متغير، ولم تقف عند حدود مناهضة فكر الإرهاب المنتشر، بل سعت أيضًا إلى البحث في التوازنات والمتغيرات السياسية والعسكرية في سوريا، وأيضًا الظروف الاقتصادية والمعيشية التي يعايشها الأهالي، وظروف الهجرة والتهجير، والنزوح الطوعي والقسري، فعدا عن مرحلة مناهضة التطرف، عملت الشبكة على مواكبة عودة الحياة مجددًا، حتى بدأت مرحلة احتلال مناطق بشمال شرق سوريا من قبل تركيا، بدأت في عفرين ثم سري كانيه\ رأس العين و كري سبي/تل أبيض، حيث كانت المتغيرات على الأرض تفرض ذاتها، ثم جاءت جائحة كورونا التي الزمتنا في المؤسسة العمل بحسب الظروف والمتغيرات والاجتهاد مع جائحة عالمية.
ساهمت شبكة آسو الإخبارية بشكل فعال في إبراز الإعلام المجتمعي في المنطقة، واستطاعت أن تسجل رقمًا بجهود كادرها ومأسسة عملها، كما كانت صوت الناس، ومرآة تعكس صورة المجتمع للداخل والخارج، كما استطاعت أن تتجاوز الظروف وأن تعطي مساحة جيدة وكبيرة للعمل في الصحافة الرقمية الحديثة، وأن تخلق نوعاً جديداً من صحافة “الأون لاين” في المنطقة، حيث جزء كبير من العمل يعتمد على العمل الإلكتروني والتعامل “أون لاين” عن بعد، وكان لهذا تحديات متنوعة، لكن مع انتشار ظاهرة كورونا فايروس، كان لدى الشبكة قدرة جيدة وكبيرة وخبرة في مجال العمل عن بعد.
حاولت شبكة آسو الإخبارية، أن تؤسس لبيئة أخلاقية اجتماعية، بأن تكون قريبة من الناس وتظهرهم في محتواها محترمة حقوقهم، وأن تكون على خطى قريبة من كافة المؤسسات الإعلامية، تتقبل حتى الأن ومستقبلًا أي توجيه وارشاد ونقد، وأيضًا مبادرة باتجاه تأسيس تجمعات إعلامية، وقد ساهمت في أكثر من مناسبة، في إقامة شراكات مع مؤسسات أخرى، وأيضًا دعمت كمؤسسة، عمل المجتمع المدني في المنطقة، وكانت قريبة من الجميع بهدف تطوير المجتمع، أما في جانب الجندرة، فالشبكة لديها مساحة كبيرة لعمل النساء، وغالبية العاملين في الفريق هم من النساء وأيضًا شغلت النساء إدارة المكتب التنفيذي للمؤسسة لدورتين، لأن الشبكة تؤمن أن العمل لمن ينتج ويكون فاعلاً، بعيدًا عن التفكير بحالة الجندرة، رجل أو امرأة، هذا عدا المكانة المخصصة للطفولة التي يحتويها عمل المؤسسة.
نحن اليوم على أعتاب العام الخامس؛ يحدونا أمل الاستمرار في خدمة الأهالي واتخاذ دور الإعلام في تقدم المجتمع، والمساهمة بفاعلية في تغيير المجتمع بحسب الظروف والقدرات، كما نسعى إلى مأسسة المؤسسة بكثافة أكثر، والاستمرار في العمل، وغايتنا من ذلك أن نكون جزءاً من التغيير في المجتمع، وتأهيل وتطوير ذاتنا بشكل أكبر..
ونحن نخطو باتجاه العام الخامس، ندرك أن العالم يعيش أمام جائحة بشرية، ترى المؤسسة نفسها مسؤولة أمام المجتمع للعمل على توعية الأهالي، والمساهمة في إبعاد خطر الجائحة عنهم، كما ترفع شعار التماسك المجتمعي، ونبذ خطاب الكراهية، والوقوف في وجه التحريض على العنف، والعمل للارتقاء بالعمل الإعلامي، والإيمان بدور وفاعلية الشباب، والاجتهاد لتأسيس إعلام متطور قادر أن يكون فاعلاً في تغيير المجتمعات نحو ديمقراطية وعدالة تؤمن بهما الشبكة، كما تؤمن بقيم ومواثيق حقوق الإنسان، وترفع راية الالتزام بالقيم والمبادئ وأخلاقيات الصحافة…
معًا نحو عالم يعم فيه السلام
عالم خالٍ من الخطر
عالم خالٍ من جائحة كوفيد- ١٩
معًا نبني لصحافة وإعلام قادرين على تطوير المجتمع
سردار ملادرويش
المدير العام لشبكة آسو الإخبارية