مدونة آسو
أمريكا ودرس أفغانستان
سيدخل يوم 15 آب 2021 في أفغانستان التاريخ، بعد عقدين من التواجد الأمريكي، كما دخل يوم 15 آب 1973 التاريخ، وهو اليوم الذي غادر فيه آخر جندي أمريكي فيتنام بعد أيضاً حوالي عقدين من الزمان.
ليس أمراً مرحبٌ به إعادة سيطرة طالبان على أفغانستان، إن طالبان حركة راديكالية متشددة، وتكمن خطورتها في إمكانية استضافتها كل متطرفي العالم، وهو الأمر الذي كان سبباً في تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان، وهو الانتقام من تنظيم القاعدة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001.
لن تستطع، ولن تريد حركة طالبان إقامة حكم إسلامي مدني، ولن تتمكن من بناء دولة بالمفهوم الحقيقي كما في العديد من الدول المتشددة، لا حتى كإيران أو كوريا الشمالية وغيرها. ستتصدر “إمارة أفغانستان الإسلامية” قائمة الدولة المرتكبة للانتهاكات بحق شعبها، وخاصة النساء والأطفال.
فشلت أمريكا، وفشل مشروعها في أفغانستان، حيث لم تستطع بناء دولة حقيقية، بل قامت بإقامة نظام مؤقت يتوافق مع التواجد الأمريكي، على الرغم من صرف مليارات الدولارات على الدولة والجيش والشرطة الأفغانية، إلا أنها لم تتمكن من تشكيل نظام حقيقي، قادر على الصمود، بل انهار كل ذلك في أقل من أربعة أسابيع وبدون قتال أمام مقاتلي حركة طالبان.
سيتكرر السيناريو الأفغاني ذاته في العراق، وشمال شرقي سوريا، وكل بقعة يتواجد فيها الجنود الأمريكان، لإن ما قامت به أمريكا في أفغانستان، كررته في العراق، وما الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003، ليست إلا نماذج مشابهة لحكومات أفغانستان خلال عقدي التواجد الأمريكي.
فشلت أيضاً شعوب هذه الدول، التي تدخلت فيها أمريكا، فلم تستطع هذه الشعوب من انتهاز فرصة الوجود الأمريكي، والغربي بشكل عام، لتقوم ببناء دول من الصفر، وفق المنهج الحضاري المتمدن، بل على العكس تماماً قامت بتدمير بقايا الدولة التي جاؤوا للحكم على أطلالها.
درس أفغانستان قاسٍ جداً، ومرعب جداً، ومهين جداً، ويدشن حقبة جديدة من العلاقات الأمريكية مع العالم، أقله ستتعلم باقي الدول وشعوبها بأن أمريكا هي أكثر دولة تخذل حلفاءها، وتتركهم لمصائرهم دون أن يهتز لها جفن، أو تشعر بالخيبة، وأنها حقاً لم تكن ذات مصداقية، ولن تتمكن من نيل ثقة أحد بعد اليوم.
مسعود عكو كاتب وصحفي كردي سوري