مدونة آسو
آثار خطاب الكراهية والتطرف والتمييز… تنظيم د|عش نموذجًا
هذه المادة منشورة بالتعاون بين شبكة الصحفيين الكُرد السوريين (SKJN) وشبكة آسو الإخبارية في برنامج تعاون ضمن مشروع إعلام يجمعنا، حول” تعزيز دور الإعلام في محاربة الإستقطاب وخطاب الكراهية من أجل مجتمع متماسك”.
آلاء ملا أحمد
بات من المتعارف عليه لدى غالبية سكان العالم التعريف المعتمد من قبل الأمم المتحدة لخطاب الكراهية، كونه الكلام المسيء الذي يستهدف مجموعة أو فردا بناءا على خصائص متأصلة مثل: العرق والدين والنوع الاجتماعي والذي من شأنه تهديد السلم الاجتماعي وتقويض أركان التعايش السلمي
ومن المفارقات التي لابد من الوقوف عندها، عدم وجود تعريف شامل لخطاب الكراهية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان
وهنا بات من الضروري وضع تعريف حقيقي لخطاب الكراهية بالنسبة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، بعد الظروف التي انتجت عن الحروب مثل المجازر والابادات العرقية والأثنية والدينية الحاصلة في مختلف بقاع الأرض وعلى مر الأزمنة والتي سبقها دائما تحريض واستقطاب للآراء وتلاعب في مشاعر فئة من الناس بهدف إلغاء وجود فئة أخرى، إضافة الى انتشار خطاب الكراهية والتحريض على أساس فكري وطائفي وقومي خاصة في المناطق التي تشهد نزاعات طويلة الأمد.
التأثير الإعلامي لتنظيم داعش
لعل نماذج خطاب الكراهية باتت واسعة ومنتشرة منذ بدء الأزمة السورية، والأمثلة كثيرة نكتفي بالتركيز على منطقة شمال وشرق سوريا، التي هددها تنظيم داعش وسيطر على مناطق فيها، فقد حمل التنظيم فكر استقصائي متطرف، معتمدًا لغة الدين، فلعب على أوتاره لاستقطاب فئة من سكان المنطقة والمناطق المجاورة وغير المجاورة، ليشكل لنفسه قاعدة وأرضية يطأ عليها بقدمين من حديد، ويبدأ بفكره المتطرف في محاربة الآخرين الذين يخرجون عن قناعاته، بوصفهم بالملحدين أو الكفار أو اتهامهم بالشرك، الصفات التي لطالما دغدغت مشاعر المتأثرين بفكر التنظيم.
استخدم التنظيم آلية استقطاب الشباب عبر شبكات الإنترنت بمافيها مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، فيس بوك وتويتر ويوتيوب، لتحقيق غاياته الفكرية لنفث أفكاره عن التكفير والتطرف الديني حيث تبث جماعات تابعة لتنظيم داعش يوميًا 40 ألف تغريدة على تطبيق تويتر وذلك بحسب رئيس لجنة مكافحة الإرهاب ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة “جون بول لابورد” مؤكدا على أن الأثر السلبي لا يتوقف على عدد التغريدات بل على محتواها
ولعل ما أعطى لداعش فاعليته في فضاء الإنترنت وما ساعده على استقطاب الشباب في العالم الغربي وإدخالهم معه في صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل هو استخدامه للدين كذريعة والعزف على وتر العقيدة، إلى جانب استقطابه للشباب العربي مستغلًا إحساسهم بالمظلومية وغياب المشاركة.
استطاع التنظيم اقناع الشباب من مختلف الدول للانضمام إلى صفوفه ومحاربة أعدائه عن طريق ترويجه لفكرة محاربة أعداء الإسلام وهي الصفة التي سيسم بها لاحقا من يستهدفه من مكونات المناطق المراد تخريبها وفقا لأجندات دولية واسعة.
صفات أطلقها التنظيم… والتي سبقت وقوع المجزرة
حارب التنظيم بفكره المتطرف، كل العالم، وأصبح صورة متطرفة مليئة بالقتل والخراب، تحمل الكثير من الإساءة للمجتمعات البشرية، وبات من لا يصادق على فكره عدو لدود، وهذا ما حصل في حرب الكرد ضد داعش، فقد وصف التنظيم الكرد بالملاحدة، وهو تعبير عنصري مليء بخطاب الكراهية والتحريض وينعكس في صورة وصف يأخذ بعد ديني لإقناع المتدينين، ليدفعهم لمحاربة الكرد، ومهاجمة المناطق التي يعيشون فيها في سوريا، وبعد فشل التنظيم في معركة كوباني ومحاولة اجتياحه لها، على غرار انكساره في العراق بمشاركة من الكرد هناك، عاود الهجوم عليها في عام 2015 والقيام بمجزرة مروعة بحق المدنيين، خالعين أي صفة دينية بكل جسارة عن أهالي كوباني، فقط بسبب انتمائهم للقومية الكردية، حيث تسلل عناصر التنظيم إلى مدينة كوباني وقراها، مرتكبا أبشع المجازر بحق المدنيين العزل تضاربت الأنباء حول أعدادهم.
وحدث الأمر ذاته في بلدة سنجار ضد أبناء الطائفة اليزيدية الذين لطالما استهدفهم التنظيم بصفات تكفيرية داعيا مؤيديه إلى وجوب قتالهم وفعلا وقعت المجزرة في 4 أغسطس 2014 في بلدة سنجار في شمال العراق ذات الغالبية اليزيدية، وبعد سيطرة داعش على المدينة قتلوا قرابة 5 آلاف شخص وتم سبي عدد كبير من النساء الإيزيديات تحت مسميات دينية، فيما هرب من تبقى من السكان إلى جبال سنجار حيث قام التنظيم بمحاصرتهم لعدة أيام ليموت العديد منهم جوعا وعطشا إلى أن تمكنت قوات البيشمركة وحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردي بدعم جوي من التحالف الدولي في تأمين هروب المحاصرين لمناطق آمنة
ولعل تمسك قادة التنظيم بمنهج السنة ما كان إلا لضرب بقية الطوائف الإسلامية وما حدث في مجزرة الشعيرات في 12ديسمبر 2012 خير دليل على ذلك، حيث وقعت المجزرة في قرية الشعيرات بريف حماة ضد أبناء الطائفة العلوية حيث قام مجموعة من مسلحي التنظيم بمهاجمة القرية وارتكاب جرائم وحشية ضد سكانها وبحسب التقارير الصادرة حينها، فإن عدد الضحايا بلغ أكثر من 300 شخص بينهم نساء وأطفال قتلوا جميعا بطرق مختلفة بعد تعرضهم للتعذيب ليتم بعدها حرق المنازل والمنشآت الحيوية في القرية كما تسببت المجزرة المذكورة بتهجير عدد كبير من سكان المنطقة.
فيما لم يكن السريان والكلدان والاشوريين أكثر حظا من غيرهم فقد طالهم من إرهاب داعش ما طال سواهم، وقد عرف عن التنظيم دائما بإلصاق صفة الإشراك بأبناء الطائفة المسيحية وما كان ذلك إلا لتجييش أنصاره ضدهم وما حدث في مجزرة تل تمر في 23فبرايرعام 2015 لايزال حاضرا في الذاكرة، هاجم التنظيم بلدة تل تمر في محافظة الحسكة واستهدف الغالبية المسيحية فيها ولاتزال صور الجرائم البشعة عالقة في رؤوس من شاهدها فقد تم تداول صور تظهر البعض من الضحايا مقيدين بأسلاك شائكة وقد تعرضوا جميعا للتعذيب قبل قتلهم بطرق وحشية كما هو معروف عن التنظيم الإرهابي ليقوم بعدها بتدمير منازلهم وممتلكاتهم الخاصة
ولعلنا لا نملك حصرا لجرائم التنظيم في مناطق سوريا والعراق في هذا المقال لكن ينبغي أن ندرك أن القاسم المشترك بين جميع المجازر كان دائما ما سبقها من خطاب يحمل في طياته الكثير من لغة الكراهية والحقد لاستقطاب فئة متقبلة لفكر التنظيم ضد فئة رافضة له.
حلول متاحة لمواجهة خطاب التطرف… لكن أليس من حل لمواجه خطاب الكراهية الداعي للعنف للتقليل من أثره
ربما يكمن الحل أولا في التوعية والتثقيف وتعريف السكان بالأضرار المترتبة عليه وذلك عن طريق الإعلام والتعليم على حد سواء، كما يجب وضع قوانين صارمة لمحاسبة مرتكبيه وتطبيقها بجدية مطلقة، ولا ينبغي أن نغفل عن أثر التعاون الدولي الجاد لمواجه خطاب التمييز ولتبادل الخبرات والتجارب في هذا المجال، وأخيرا استخدام الفن والرياضة لتعميم الفكر الحامل لثقافة تقبل الآخر.
*الصورة من النت