مدونة آسو
هل تجد أزمة المياه والكهرباء في قامشلو وعامودا حلولاً في الأفق؟
ملخص:
تتفاقم معاناة الأهالي في مدينة قامشلو\ القامشلي (شمال وشرق سوريا) في ظل أزمة الكهرباء والمياه في ظل الوضع الاقتصادي المتردي، الذي يتراجع باستمرار، فلم تكن مواجهة الوضع الاقتصادي وانخفاض الدخل والارتفاع المتواتر للأسعار، هي سبب معاناة أهالي المدينة وحسب، بل أصبحت أزمة كهرباء المنازل ومياه الشرب مصدر قلق للكثير من الأهالي.
قصفُ المسيرات التركية، الذي يستهدف المنطقة، ولم يعد يستثني المنشآت الحيوية وآبار النفط ومحطات إنتاج الوقود، أدى إلى فقدان الكهرباء الرئيسية بشكل شبه تام من المنطقة، والتي هي بالأساس، قليلة من حيث ساعات التشغيل، وكثيرة الأعطال.
هذا الوضع جعل من كهرباء الأمبيرات (الاشتراك) ضرورة ملحة لمواجهة حرارة الصيف والحاجة للكهرباء في فصل الشتاء، مع عدم القدرة على الحصول على كميات وفيرة من مادة الوقود.
لكن الظروف الاقتصادية الصعبة لأغلب الأهالي لا تمكنهم من الاشتراك بشكل كافٍ، ويشتركون بساعات قليلة لا تسد حاجتهم اليومية الكاملة، فالغالبية مشترك بنظام الثماني ساعات وهي قليلة وغير كافية.
وهناك نظام ساعات مختلف في استخدام كهرباء الأمبيرات (8 ساعات، 16 ساعة، 24 ساعة) وتتضاعف الفروقات المادية للاشتراك، فكلما ارتفعت نسبة الاشتراك ازدادت القيمة المادية للاشتراك الشهري، كما أن الاعتماد على الأمبيرات هو نظام اشتراك تقوم مولدات كبيرة بمنح الأمبيرات للأحياء، وهذه المولدات بالأساس ليست حلاً مستداماً بحكم أنها مضرة بالبيئة والمناخ وينتج عنها انبعاثات تلحق الضرر بالمجتمع وتتسبب بأمراض وفقاً للعاملين في المجال الصحي.
وفي فصل الصيف يتسبب انقطاع الكهرباء بحالات إصابة بلفحة الشمس، وحالات تسمم عند الأطفال، ويضطر البعض إلى شرب المياه الحارة بعض الأحيان.
وتبقى بعض البيوت الشعبية في الأطراف بدون اشتراك أمبيرات بسبب تردي الواقع الاقتصادي لهم، فأغلبهم من العمال المياومين، وأجورهم لا تسمح لهم بالاشتراك، ويظلون عرضة لموجات الحر ولفحات الشمس وحالات تسمم الأطفال.
وقد شهدت المدينة في هذا الصيف حالات تسمم أطفال سببها شدة الحر، وقد ترك العديد من عمال الحدادة والمهن التي تحتاج كهرباء متواصلة مهنهم، بسب فقد الكهرباء الرئيسية وارتفاع تكاليف الاشتراك بالأمبيرات وذلك فاقم المشكلة المعيشية والصحية والاقتصادية لأغلب الأهالي.
وفيما يتعلق بالمياه أثر تراجع ضخ المياه وتراجع جودتها بشكل سلبي ومباشر على حياة أهالي المدينة، فساعات الضخ قليلة لا تسمح بوصول المياه للجميع، وكثرة الأعطال وضعف البنية التحتية فاقم المشكلة، فبعض الأحياء لا تصلها المياه بشكل جيد في الصيف، إضافة لعدم استخدام خطط رشيدة في استخدام المياه يساهم يهدر كبير.
يضاف إليها النواتج الصحية السلبية الناجمة عن التقنين المفرط في مياه المنازل والتوجه لشراء المياه من الصهاريج الجوالة مجهولة المصدر في أغلب الأحيان، والتي لا تخضع لمعايير جودة مياه الشرب، ما ينذر بالإصابة بأمراض الجلد والكلى خصوصا ًعند كبار السن والأطفال.
مــــقــدّمـــــــــة
إن مشكلة تفاقم الكهرباء والمياه مشكلة عامة في سوريا ككل وخاصة في شمال وشرق سوريا، وعليه أخذنا منطقتين في محافظة الحسكة \ الجزيرة السورية، وهما قامشلو\ القامشلي ومدينة عامودا كنموذجين يمكن تعميم حالتهما على مناطق أخرى.
تعاني مدينتا قامشلو وعامودا في شمال شرق سوريا، من أزمات متفاقمة في قطاعي المياه والكهرباء، حتى أضحت الانقطاعات اليومية للتيار الكهربائي وقلة المياه، ولا سيّما في فصل الصيف، واقعاً مريراً يعيشه الأهالي.
في ظل استمرار غياب الكهرباء لساعات طويلة، بشكل يومي، تزداد معاناة الأهالي ويؤثر ذلك بشكل مباشر على حياتهم اليومية.
مقابل معاناة الكهرباء، تتفاقم مشكلة نقص المياه، فهي لا تقل خطورة، إذ تهدد هذه المشكلة الصحة العامة وتجبر الأسر على البحث عن حلول بديلة، قد تكون مكلفة أو غير فعالة. وتأتي هذه المشكلات في ظل ظروف أمنية واقتصادية قاسية وبنية تحتية هشة، مما يثير تساؤلات حول قدرة المؤسسات المحلية والدولية، على إيجاد حلول فعالة ومستدامة لهذه التحديات.
في هذه الورقة البحثية، نحاول استعراض أهم الأسباب الكامنة وراء أزمتي المياه والكهرباء، ونسلط الضوء على المبادرات المطروحة للتخفيف من آثارها، مع استكشاف الخيارات المستقبلية لإيجاد حلول دائمة، وذلك باختيار مدينتي “قامشلو وعامودا” كعينتين، حيث تشهد المنطقتان أزمات مستمرة مع المياه والكهرباء.
أزمة المياه في قامشلو… الأماكن والأسباب
تعتبر أزمة المياه في قامشلو واحدة من أكثر المشاكل الحاحاً التي تواجه أهالي المدينة، وتتركز هذه الأزمة بحسب المتابعة الميدانية في معظم أحياء المدينة، وعلى وجه الخصوص في أحياء الهلالية، السياحي، الكورنيش، والخليج. حيث يعاني أهالي هذه الأحياء من انقطاع المياه لفترات طويلة، قد تمتد لعدة أيام في بعض الأحيان، ما يدفع الأهالي إلى اللجوء لشراء المياه من صهاريج متنقلة بتكاليف مرتفعة، الأمر الذي يتسبب بأعباء معيشية واقتصادية إضافية على الأهالي.
يقول سليمان عثمان من حي الهلالية في حديث لشبكة آسو الإخبارية، “مشكلتنا مع قلة تدفق المياه للحي، أصبحت حديث المدينة ومواقع التواصل الاجتماعي، مقابل ذلك مشهد وجود صهاريج بيع المياه في الحي باستمرار، أصبح أمراً اعتيادياً.”
مضيفاً: “نعاني من قلة تدفق المياه ونبقى أيام دون مياه، حيث عدد ساعات الضخ القليلة وضعف البنية التحتية للشبكة وطبيعة جغرافية المنطقة، تحول دون وصول المياه للحي بالشكل المطلوب”.
ويشير سليمان عثمان من مدينة قامشلو، إلى أنهم قدموا الكثير من الشكاوى وطلبات المساعدة “لكن لم نر حلولاً مرضية حتى اللحظة، فاهتراء وقدم الشبكة وضعفها يجعلها بحاجة لإصلاح كل مدة، وفي هذا الوقت تخرج الشبكة عن الخدمة حتى يتم الإصلاح، فيما يعاني السكان من عدم توفر المياه”.
كما يعاني أبو وسام من أهالي قامشلو، ويعيش في حي الخليج، هو الآخر من قلة تدفق المياه، يعيش أبو وسام في منزل في الطابق الرابع، وهذا يُصعّب من وصول المياه إلى منزله حتى مع وجود المضخة.
ويقول “سليمان عثمان” في حديثه لشبكة آسو الإخبارية: “نشتري المياه من الصهاريج بمبلغ كبير، وهي مياه غير موثوقة المصدر ولا تخضع لاختبار جودة المياه”.
وتحتوي مياه قامشلو التي يتم تغذيتها من عدة مصادر ومحطات غير صافية من الشوائب والترسبات، على نسبة عالية من التكلس وفق خبراء مياه، الأمر الذي قد يزيد من ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الكلية والجلد، ما يتوجب على الأهالي استخدام الفلاتر قبل استخدامها للشرب.
وبحسب واصل أسعد، وهو المسؤول السابق لدائرة المياه في مدينة قامشلو، فإن قساوة المياه في المدينة عالية، وقد تصل إلى 350 درجة، في حين حدها الطبيعي 100 درجة، وذلك بعد استخدام الفلاتر للتنقية.
وأضاف أسعد، أن ارتفاع نسبة التكلس ليست جديدة، ويعيد سبب ذلك إلى اعتماد المدينة على مصادر مائية متعددة، فيتم إضافة الكلور للتعقيم.
وتتم تغذية مدينة قامشلو من ثلاثة مصادر مائية، أبرزها محطة الهلالية القريبة من قرية “نافكور” غربي قامشلو، ومحطة عويجة قرب المنطقة الصناعية بالمدينة، ومحطة جقجق على الحزام الشمالي للمدينة، إضافة لمحطة سفان بديرك والتي تأتي مياهها إلى محطة عويجة ومنها يتم ضخ المياه للأحياء.
وأشار مسؤول المياه إلى ضرورة استخدام الفلاتر لتنقية المياه من الشوائب والتكلس، في حين أن تصفية مصادر المياه في المدينة، تتطلب ميزانية كبيرة، تفوق إمكانيات” الإدارة الذاتية” على حد قوله.
الدكتور موسى داوود، وهو أخصائي في أمراض الأطفال في مدينة قامشلو، يقول لشبكة آسو الإخبارية، إن شرب مياه نسبة التكلس فيها مرتفعة، تؤدي إلى ارتفاع نسبة الكلس في الدم، مشيراً إلى أن ارتفاع نسبة الكلس في الدم لسنوات، قد يتسبب بظهور حصيات في الكلية وأمراض جلدية بمرور الوقت.
وللوقاية من ذلك، يحرص بعض سكان مدينة قامشلو على صحة أطفالهم بغلي المياه وتبريدها قبل الشرب، وذلك بعد أن أوصى أطباء أطفال بضرورة شربهم مياه معدنية أو مغلي، كما يستخدم أهالي في المدينة فلاتر لتنقية المياه داخل المنزل.
انتظار طويل ومياه ملوثة
يقضي محمد خير الملقب أبو يزن (60 عاماً)، ليالي طويلة خلال فصل الصيف، بانتظار ضخ المياه إلى الخط الرئيسي، على أمل أن تصل المياه المنقطعة منذ نحو 15 يوماً إلى صنبور الخط الرئيسي في منزله الكائن في حي السياحي وسط مدينة قامشلو.
ويقول خلال حديثه لشبكة آسو الإخبارية، إنه تفاجأ ذات مرة، فبعد طول انتظار، شاهد “خرخرة” مياه موحلة سوداء كريهة الرائحة، كتلك المنبعثة من مجاري الصرف الصحي.
وفي الصباح أخذ هو وجاره الآخر ماهر عنترات (42 عاماً)، عينة منها في عبوة إلى دائرة المياه في القامشلي التابعة للإدارة الذاتية، ليخبرهما المخبري أن شبكة المياه قد تسرب إليها مجرى صرف صحي، ربما بسبب كسر في إحدى خطوط شبكات المياه، على حد قوله.
تقاعس وسط تكرار المشكلة
يقول ماهر عنترات، وهو من أهالي قامشلو، لشبكة آسو الإخبارية، إنه رغم خطورة المشكلة، وتكرارها، لم تكشف اللجان المختصة بصيانة شبكات المياه في مدينة قامشلو في شمال وشرق سوريا، على الخطوط منذ صيف العام الماضي (2023)، رغم تكرار المشكلة في خطوط المياه الواصلة إلى منزله وجاره “محمد خير”.
ويشير عنترات إلى أن مشاكل المياه لا تزال قائمة، معتبراً إياها “إهمالاً وتقاعساً” من المؤسسات المعنية في الإدارة الذاتية تجاه صحة الأهالي في “حي يفتقر إلى أهم مقومات الحياة” في فصل الصيف على حد وصفه.
ويحدث أحياناً، أن تنقطع المياه عن بعض الأحياء في قامشلو لعدة أيام، أو لا تتزامن فترة ضخها مع ساعات وصل الكهرباء، ما يحول دون تعبئة الخزانات المنزلية، ما يدفع بعض الأهالي في هذه الحالة إلى شراء المياه من الصهاريج، والتي تكون غير معروفة المصدر.
وتعزو دائرة المياه في مدينة قامشلو التابعة للإدارة الذاتية، سبب قطع المياه في العديد من الأحياء، إلى قدم البنية التحتية في المدينة، وعدم استبدال خطوط المياه، التي تعتبر تالفة منذ زمن بعيد.
وتدعو دائرة المياه التابعة لمقاطعة الجزيرة الأهالي في فترات مختلفة، إلى ترشيد استخدام المياه، وذلك مع بلوغ ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، معتبرة أن الترشيد يساعد في تأمين المياه لكافة الأحياء، لكن يبدو أن المناشدات وحدها لا تشكل أي تغيير ما يحتاج لخطط واضحة واستراتيجيات تساهم بتوفير المياه عبر الترشيد.
وبحسب الأهالي فإن الاستجابة من قبل الجهات المعنية (ويقصد بها المؤسسات المحلية التابعة للإدارة الذاتية) مع الأزمة ضعيفة، وأن ساعات ضخ مياه الشرب قليلة، ولا تكفي لتعبئة خزان البيت، مما يجعلهم يضطرون إلى طلب المياه من الصهاريج الجوالة، التي ارتفعت أسعار تعبئتها من 30 ألف ليرة سورية الخزان الواحد (1000 لتر) إلى أكثر من 50 ألف ليرة.
أسباب أخرى للمشكلة
يشير مسؤولون في مكتب الدراسات بدائرة المياه في مدينة قامشلو، التقت بهم شبكة آسو الإخبارية لرصد الأسباب الكامنة وراء المشكلة، إلى أن سبب المشكلة في حي الهلالية التي تنقطع فيها المياه بشكل أكبر رغم وجود محطة مائية فيها، هو طبيعة جغرافية المنطقة وضعف البنية التحتية للشبكة وقدمها.
ويرى مكتب الدراسات أن مشكلة المياه في المدينة تكمن في زيادة الكثافة السكانية، وازدياد الطلب على المياه ولا سيّما خلال فصل الصيف، كما أن ضعف البنية التحتية وقدمها وعدم توفر المعدات اللازمة من مولدات وغيرها بالإضافة لعدم ترشيد استهلاك المياه من قبل الأهالي.
ومع توسع الأزمة في سوريا منذ عام 2011، شهدت مدن مختلفة تضخم سكاني، ومدينة قامشلو من المدن التي استوعب نازحين ووافدين ومهجرين ما أدى لتوسع سكاني وتضخم في المدينة، في المقابل لا يوجد دور للحكومة السورية في المنطقة، وتدير المنطقة الإدارة الذاتية الديمقراطية، في منطقة غير مفتوحة على حدود دول مجاورة، ما يمنع أن يكون هناك قدرة وبرامج داعمة للبنية التحتية.
وبحسب مسؤولي دائرة المياه، لا يوجد انقطاع تام للمياه، وأن ساعات التدفق ثابتة إلا في حالة الأعطال الصعبة والخارجة عن الإرادة، بحسب تعبيرهم.
التحديات والعقبات
بيّن مكتب الدراسات أن التحديات تكمن في عدم وجود مصادر طاقة مستدامة لتغذية الآبار بالكهرباء، وكذلك صعوبة إصلاح الأنابيب ذات الأقطار الكبيرة، لعدم توفر الإكسسوارات اللازمة للإصلاح فهي غير متوفرة في الأسواق ويتم تصنيعها وتفصيلها حسب الطلب.
وبحسب مسؤولي الإدارة الذاتية، فإن الهجمات التركية أثرت بشكل كبير على ساعات تدفق المياه من خلال استهداف محطات الكهرباء، الأمر الذي أدى لعدم ثبات ساعات التشغيل والتدفق.
وكان للهجمة نفس الأثر على جهود إصلاح البنية التحتية، من خلال استهداف طواقم الإصلاح بشكل متكرر.
وعن تأثير الوضع الاقتصادي على المياه في المدينة، يقول مسؤول مكتب الدراسات، إنهم يواجهون صعوبة في فرز الكتل المالية الخاصة بالصيانة، خصوصاً مع تزايد الهجمات التركية على البنية التحتية للكهرباء والمياه، ولا توجد تقنيات حديثة ومتطورة لزيادة الكفاءة.
وعن ساعات الضخ قال المكتب: توجد ثلاث محطات لتغذية المدينة بالمياه وهي محطة العويجة (تغذي القسم الشرقي للمدينة)، ومحطة جقجق (تغذي وسط المدينة)، ومحطة الهلالية (تغذي القسم الغربي للمدينة، إضافة للمياه المستجرة من سد سفان وهي رديفة للمحطات وتنقسم ساعات الضخ لقسمين: شرقي وغربي.
وعن الحلول والمقترحات لتحسين وضع المياه ودعم كفاءة الشبكة، يرى مكتب الدراسات في مديرية المياه، أنه ينبغي زيادة عدد الآبار في المدينة وإعادة تأهيل الآبار القديمة واستثمار الآبار المتوقفة عن العمل، إضافة إلى زيادة عدد المولدات التي تغذي الشبكة، وزيادة كفاءتها وترشيد استهلاك المياه، من خلال حملات توعية للأهالي، فضلاً عن البحث عن مصادر مائية جديدة.
وتبقى مشكلة المياه في مدينة قامشلو/ القامشلي مشكلة متجذرة تنتظر من الجهات المعنية والمنظمات الدولية العاملة في المنطقة، حلولاً تنهي معاناة الأهالي من المياه إضافة إلى الكهرباء وهي ضرورية لحل مشكلة الماء.
ولم يتسن لنا الحصول على أي تعليق من الإدارة الذاتية حول هذا الملف، إذ توجهنا بالسؤال إلى كل من هيئتي الاقتصاد والطاقة شمال وشرق سوريا عن واقع البنية التحتية، وكيفية معالجة الأزمات.
ولم تخضع البنية التحتية لشبكة المياه والكهرباء في مدينة القامشلي/قامشلو وعامودا للترميم أو التجديد رغم قدمها، واقتصر الأمر على إصلاح الأعطال ومعالجة ما يلزم للضرورة فقط.
مشكلة قلة ضخ المياه في عامودا
تستمر معاناة بعض الأحياء في مدينة عامودا من قلة ضخ مياه الشرب، وخاصةً في حي حديقة الطلائع، المعروف حالياً باسم “حديقة إنانا”، حيث يُعاني أهالي الحي منذ عدة أشهر من ضعف شديد في ضخ المياه.
تقول سوزدار بكزو، إحدى قاطنات الحي، لشبكة آسو الإخبارية، إنهم يواجهون مشكلة انخفاض ضخ المياه منذ أكثر من نصف عام، موضحةً أن المياه تصلهم فقط في ساعات متأخرة من الليل، وتحديداً في الساعة الثانية صباحاً، ولكن بقوة ضخ ضعيفة جداً، ما يدفعهم لاستخدام المضخات الهوائية لتعبئة خزاناتهم.
كما أشارت مروة إبراهيم، وهي أيضاً من أهالي الحيّ المذكور، في حديثها لشبكة آسو إلى أن المياه لا تصلهم إلا بعد منتصف الليل، ما يجعلهم غير قادرين على تعبئة الخزانات بسبب انقطاع الكهرباء في هذا التوقيت.
ودعت مروة والعديد من أهالي الحي عبر شبكة آسو الإخبارية، الجهات المعنية إلى إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة.
إبراهيم حسن، مسؤول دائرة المياه في عامودا، أوضح أن ضعف ضخ المياه في حي حديقة إنانا يعود إلى بُعد المنطقة عن نقاط تجمع المياه، مشيراً إلى أن ضخ المياه في باقي أحياء عامودا يتم بشكل جيد. كما أضاف أنهم يعملون على تحسين الوضع عبر استخدام بئرين لضخ المياه بشكل أفضل.
وعن ساعات ضخ المياه في المدينة، أوضح حسن أن المياه تُضخ في الأحياء الجنوبية من الساعة الواحدة ظهراً إلى الرابعة مساءً، وفي الأحياء الشمالية من السابعة مساءً حتى منتصف الليل، وهي فترة تشغيل المولدات التي تتيح للسكان فرصة تخزين المياه.
بشكل عام يعتبر ضخ المياه في مدينة عامودا جيداً حيث تتجاوز ساعات الضخ 15 ساعة وتصل إلى جميع المنازل لا سيما البنية السكنية، إلا أن ثمة ضعف في الضخ في بعض أجزاء القسم الغربي في حي حديقة إنانا، لبعدها عن نقاط تجمع مياه الشرب.
مشكلة الكهرباء في قامشلو
تشهد مدينة قامشلو، شأنها شأن باقي مدن شمال شرقي سوريا، أزمة كبيرة في الكهرباء. انقطعت الكهرباء “النظامية” عن المدينة بشكل كامل منذ بداية العام الحالي بسبب الهجمات التركية على محطات توليد الكهرباء في شمال وشرق سوريا. ويعتمد الأهالي الآن على مولدات خاصة، إلا أن هذا الحل بديلٌ مكلف، حيث تتزايد أسعار الاشتراك شهرياً وسط تردي الوضع الاقتصادي.
أبو محمد، أحد أهالي حي طي في قامشلو/ القامشلي، يوضح لشبكة آسو الإخبارية، أنه رغم اشتراكهم بعشرة أمبيرات كهربائية، يضطرون لإطفاء أحد المكيفات في فصل الصيف الحار. إضافة إلى ذلك، تواجه المولدات أعطالاً متكررة، خاصة في فصل الصيف، ما يزيد من معاناة الأهالي. ولتجاوز هذه المشكلة، اضطر أبو محمد إلى تركيب ألواح طاقة شمسية بتكلفة باهظة بلغت 1400 دولار (ما يقارب 21 مليون ليرة سورية)، رغم ضعف قدرته المالية.
وبمقارنة أسعار الأمبيرات بين هذا العام والعام الماضي، بالنسبة لسعر الأمبير لمولدات تعمل وفق نظام تشغيل 8 ساعات يومية في العام الماضي، كان يبلغ 24 ألف ليرة سوريا أما هذا العام 60 ألف ليرة سورية.
أما بالنسبة لأسعار الأمبيرات وفق نظام تشغيل 24 ساعة، فكان سعر الأمبير الواحد بـ 6 – 8 دولارات وهذا العام 10 دولار (حوالي 150 ألف ليرة سورية) وما فوق.
وبحسب ما هو متداول بين أصحاب المولدات فأن استخدام خط 24 ساعة يعتبر رفاهية، وعند الإقدام على الاشتراك بالمولدات، يتم أخد مبلغ 50 دولار تدفع لمرة واحدة مقابل الحصول على كل أمبير، أي إن استخدمت عائلة أو منزل أو محل 5 أمبيرات تحتاج لدفع مبلغ 250 دولار أمريكي لمرة واحدة كاشتراك أمبيرات وهذا عدا عن ثمن الأمبيرات المشترك بها كل شهر.
وتشير أم سيدرا، من حي الكورنيش، في قامشلو، إلى أن تكلفة الكهرباء أصبحت مرهقة بالنسبة لها، إذ تدفع ما يعادل نصف راتبها لاشتراك أربعة أمبيرات على مدار 24 ساعة، وتجد صعوبة في تلبية باقي احتياجاتها الأساسية، بحسب ما ذكرته لشبكة آسو الإخبارية.
من جانبه، يقول أبو محمد من حي النقل البري، إنهم لا يستطيعون الاشتراك بأكثر من أربعة أمبيرات لمدة ثماني ساعات يومياً بتكلفة تصل إلى 60 ألف ليرة سورية، مؤكداً أن هذه الكمية لا تكفي احتياجاتهم، ولا توجد بدائل متاحة لهم في الحي.
أعطال المولدات والحلول البديلة
تعتبر أعطال المولدات المزمنة إحدى أكبر التحديات التي تواجه أهالي قامشلو/ القامشلي وعامودا، حيث يُسجل تكرار الأعطال بشكل كبير خلال فصل الصيف، ما يزيد من تعقيد الأوضاع، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة واعتماد الأهالي الكامل على هذه المولدات لتأمين الكهرباء.
وبطبيعة الحال فأن توقف المولدة لأيام واسابيع إن حصل لا يتم مراعاة الأهالي مادياً، وتبقى قيمة الدفع مستمرة حتى إن كان الأهالي دون كهرباء والمولدة معطلة.
أحمد حوبان من حي مركز الأعلاف في عامودا يقول لشبكة آسو الإخبارية، إنه لم يشهد كهرباء مولدة الحي منذ نحو شهر، مشيراً إلى أن المولدة خارج الخدمة منذ ثلاثة أشهر، وهذا الحديث خلال فترة اعداد الورقة البحثية.
ويشتكي العديد من أهالي عامودا من الأعطال المتكررة للمولد والتأخر في صيانتها حيث تتوقف بعض المولدات عن العمل لأكثر من أسبوع أو أسبوعين، وعدم تعويض ساعات التشغيل وفي بعض الأحيان تقليل ساعات التشغيل أو عدم الالتزام بها والتي تصل إلى 8 ساعات يومياً.
ومؤخراً ظهرت مشكلة جديدة وهي القواطع الإلكترونية التي تفصل بشكل متكرر في بعض الأحياء والتي يعدها البعض أسوء من القواطع العادية.
وكان إيجاد القواطع الالكترونية كحالة مساعدة للأهالي حيث عند فصل القاطع يعود للعمل بشكل إلكتروني بينما في السابق عند فصل القاطع كان على الأهالي الوصول لمكان القاطع اليدوي في الحي لإعادة الكهرباء، ومع أن آلية القواطع الالكترونية جاءت لكي تخدم الأهالي إلا أنها تعاني من مشاكل الفصل المتكرر.
كما أن بعض الأحياء تصلها كهرباء المولدات بقوة ضعيفة، والتي تتسبب في عدم تشغيل الأدوات الكهربائية الرئيسية مثل البرادات والمكيفات لا سيما خلال فصل الصيف.
تركيب ألواح الطاقة الشمسية، تعتبر حلول بديلة ناجعة، في حين تبقى مشكلة الأعطال متكررة نتيجة الضغط الكبير على المولدات، حيث يصل عدد المشتركين أحياناً إلى أكثر من 400 مشترك لكل مولدة.
فمن الممكن تركيب أربعة ألواح لذوي الدخل المتوسط، سعر اللوح يتراوح بين 105 إلى 110 دولار للنخب الأول بينما يتراوح سعر النخب الثاني من الألواح بين 70 إلى 85 دولار، ويتراوح سعر جهاز الأنفرتر 4 كيلو واط مفتوح بين 250 و300 دولار ويصل سعر بعض الأنواع 325 دولار. أما البطاريات ذات الجودة الممتازة سعرها يتراوح بين 200 و300 دولار، وبشكل عام تصل تكلفة تركيب مجموعة الطاقة الشمسية إلى 1300 دولار ذات 4 ألواح وتغذي المنزل بـ ٨ أمبيرات، وذلك وفقاً لبعض أصحاب محال بيع الواح الطاقة الشمسية.
لكن بالبحث والوصول لمنازل ومكاتب ومحال قامت بوضع ألواح الطاقة فإن هناك معاناة في فصل الشتاء كبيرة بانخفاض عدد الأمبيرات وهذا لا يخدم الأهالي خلال فصل الشتاء.
كما يلجأ البعض إلى تركيب الألواح بدون بطاريات جديدة تعتمد فقط على الشمس لتشغيلها فقط صباحاً لا سيما خلال فصل الصيف وحاجة الأهالي إلى الكهرباء.
ويحمل شراء ألواح الطاقة أعباء مادية، في حين يعد البيع بالتقسيط أمراً نادراً والشروط الأساسية أن يكون البائع على معرفة شخصية بالمشتري والدفع يكون على شكل دفعة واحدة وقد تكون دفعتان فقط.
يشير محمد ولي، الإداري في لجنة المولدات التابعة لبلدية عامودا، إلى أن عدد المولدات في المدينة يبلغ 42 مولدة، بينما يصل عددها في الريف إلى 22 مولدة، ويضيف أن ساعات تشغيل المولدات تقدر بثماني ساعات يومياً، مقسمة بين فترة النهار والليل، مع تخصيص 13 ألف لتر من المازوت لكل مولدة شهرياً، ويؤكد “ولي” لشبكة آسو الإخبارية، أن اللجنة تراقب حالة المولدات باستمرار، ويتم خصم كميات المازوت في حال تعطيل أي مولدة لعدة أيام.
كما يبين أن اللجنة توجه مجالس الأحياء “الكومينات” لخصم الاشتراك الشهري للسكان حسب أيام التعطيل، حيث يتم خصم 2200 ليرة سورية عن كل يوم تعطل.
وفي حال تجاوزت فترة تعطل المولدة ثمانية أيام، يتم فرض غرامة مالية على مالكها بقيمة مليوني ليرة سورية، وإذا استمر التعطل لفترة أطول، تُنشر إعلانات على صفحة البلدية للبحث عن مستثمر جديد لوضع مولدة بديلة وإزالة القديمة.
سعدية محمد من أهالي عامودا تقول لشبكة آسو، إن الكهرباء تشكل أمراً مهماً في حياتهم اليومية فهم يحتاجون إلى وسائل التبريد خلال فصل الصيف المتميز بحرارته العالية في المنطقة، وأيضاً خلال الشتاء بسبب الحاجة إلى تشغيل سخانات المياه، والسخانات الكهربائية المنزلية وهذه بحاجة لتوفير الكهرباء للشبكة الرئيسية لأنها لا تعمل على أمبيرات المولدات.
وتعتبر سعدية إلى أن تشغيل المولدات لنحو 8 ساعات يومياً هو أمر جيد، ولكن ذلك لا يقارن بالكهرباء الرئيسية حيث لا يمكن تشغيل كافة أدوات الكهربائية، مثل الغسالات والسخانات على المولدات، بحسب قولها.
كما يقول يونس علي، وهو خياط من عامودا، لشبكة آسو الإخبارية، إن الكهرباء ضرورية لعمله في الخياطة، وأن كل أدوات عمله تتطلب كهرباء متواصلة.
ويشير إلى أن عدد ساعات الكهرباء للمولدات الخاصة مقبولة، ولكنها ليست وفق المأمول، حيث يتم تعطيل المولدات أحياناً ما يعود آثارها بالضرر عليهم، نظراً لتوقف أعمالهم.
خاتمة
تعكس أزمة المياه والكهرباء في مدينتي قامشلو وعامودا جزءاً من التحديات التي تواجه أهالي شمال وشرق سوريا، والتي تتفاقم بفعل الظروف الجغرافية، والأوضاع الاقتصادية، والهجمات العسكرية المستمرة. وعلى الرغم من الجهود المبذولة من بعض الجهات المحلية لتحسين الأوضاع، إلا أن الحلول الحالية لا تزال غير كافية لتلبية احتياجات الأهالي. وتعتبر الاستجابة العاجلة والمستدامة من الجهات المعنية، من خلال تعزيز البنية التحتية، وتوفير مصادر مياه جديدة، وتحسين كفاءة محطات الضخ والكهرباء، هي المفتاح لتخفيف معاناة الأهالي وتأمين استقرار حياتهم اليومية.
تُعَدّ الإصلاحات العاجلة في البنية التحتية غير كافية لتلبية احتياجات المنطقة، التي تعاني من ظروف سياسية تعرقل استيراد المواد الأساسية. فلا توجد بوابات حدودية تربطها بدول الجوار، على غرار تلك الموجودة في مناطق سيطرة الحكومة السورية والمعارضة. كما أن معبر تل كوجر/اليعربية، المطل على المنطقة، مغلق بسبب الضغوط السياسية، بينما يُمنع عبور المواد الأولية عبر معبر سيمالكا / بيشخابور الإنساني لغياب قرار أممي يتيح استخدام المنافذ الحدودية لشمال وشرق سوريا في الاستيراد والتصدير. ولاتزال مشكلة المياه والكهرباء في مدينة قامشلو مشكلة تتجذر يوماً بعد يوم، وأصبح هم أغلب الأهالي وشغلهم الشاغل كيفية تأمين الكهرباء المنزلية والاستعداد لأزمات المياه خصوصاً في وقت الصيف.
أثر ذلك على تغييب بعض المهن التي تحتاج إلى الكهرباء مما سبب زيادة في البطالة والعبء الاقتصادي، كما أن فساد الطعام وحرارة الجو خلال الصيف تتسبب بالكثير من الأمراض ولا سيّما عند الأطفال، ويؤثر انقطاع الكهرباء على قطاعات اقتصادية وصحية وحياتية مختلفة، وتعتبر من المشاكل المتفاقمة في المنطقة، بل هي حديث أولوي للسكان المحليين.
وتعاني المنطقة وسط تجاهل الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني للعمل على حلول ممكنة ومتابعة المشكلة وحلها من جذورها، وتبقى الحلول ممكنة لكنها تحتاج لعمل ومتابعة ودعم.
فجلب مولدات ذات استطاعة عالية مع أخرى احتياطية وحفر آباء جديدة ودعم البنية التحتية قد ينهي مشكلة المياه في المدينة.
كما أنّ مراقبة عمل المولدات واتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين وتقسيط ألواح الطاقة الشمسية وتخفيض أسعارها ودعمها قد يكون أحد الحلول الجيّدة المتاحة لمشكلة الكهرباء في المدينة.