Connect with us

أخبار وتقارير

تنظيم الدولة الإسلامية يستعيد قوته في سوريا

نشر

قبل

-
حجم الخط:

أرسلت الولايات المتحدة مزيداً من القوات إلى سوريا للحد من التهديد الفوري، لكن الخبراء يحذّرون من أن التنظيم المتطرّف قد يتمكن من تحرير آلاف المقاتلين المتشدّدين من السجون.

بقلم: أليسا جي روبن وإريك شميت

أظهر تنظيم الدولة الإسلامية نشاطاً متجدداً في سوريا، حيث يجذب مقاتلين ويزيد من هجماته، بحسب الأمم المتحدة ومسؤولين أميركيين، مما يزيد من تقلب الوضع في بلد لا يزال يعاني بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

ورغم أن التنظيم لا يزال بعيداً جداً عن قوّته قبل عقد، حين سيطر على شرق سوريا وأجزاء واسعة من شمال العراق، إلا أن هناك خطراً، حسبما يقول الخبراء، من أن يتمكن من تحرير آلاف المقاتلين المتشدّدين المحتجزين في السجون التي تحرسها القوات الكوردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة.

عودة التنظيم بشكل جدي قد تقوّض فرصة نادرة أمام سوريا لتتجاوز مرحلة الديكتاتورية الوحشية، وقد يمتد أثرها الأوسع عبر المنطقة، ناشرة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. إذ إن التنظيم كان يستخدم سوريا سابقاً كقاعدة للتخطيط لهجمات في دول الجوار وأوروبا.

ما بين 9000 إلى 10000 مقاتل من التنظيم، وحوالي 40 ألفاً من أفراد أسرهم، محتجزون في شمال شرق سوريا. وإذا ما تمكّنوا من الهرب، فسيعني ذلك ليس فقط تعزيز صفوف التنظيم، بل تحقيق نصر دعائي كبير له.

يقول كولين كلارك، رئيس الأبحاث في مجموعة سوفان، وهي شركة استخبارات وأمن عالمية: “الجوهرة التي يسعى إليها تنظيم الدولة لا تزال السجون والمخيمات”. وأضاف: “هناك المقاتلون المخضرمون، وإذا فتحت هذه السجون، فالقيمة الدعائية وحدها ستعزز من جهود التجنيد لأشهر طويلة”.

قدّم كبار مسؤولي الاستخبارات الأميركية الشهر الماضي أمام الكونغرس تقييمهم السنوي للتهديدات العالمية، وخلصوا إلى أن التنظيم سيحاول استغلال سقوط حكومة الأسد لتحرير السجناء واستعادة قدرته على تنفيذ الهجمات.

أعلنت الولايات المتحدة أواخر العام الماضي أنها ضاعفت تقريباً عدد قواتها في سوريا إلى 2000 جندي، ونجحت الضربات المتكررة التي استهدفت معاقل التنظيم في الصحراء السورية في تقليص التهديد الفوري.

لكن الرئيس ترامب عبّر عن شكوك كبيرة بشأن بقاء القوات الأميركية في البلاد، وتتقاطع تطورات أخرى في سوريا تزيد من قلق الخبراء، الذين يقولون إن هذه العوامل مجتمعة قد تسهّل عودة التنظيم.

تعوّل الولايات المتحدة على أن تصبح الحكومة السورية الجديدة، بقيادة جماعة “هيئة تحرير الشام” التي كانت مرتبطة بالقاعدة سابقاً، شريكاً في مواجهة التنظيم المتجدّد. وقد كانت المؤشرات الأولية إيجابية، حيث قامت هذه الجماعة، استناداً إلى معلومات استخبارية أميركية، بإحباط ثمانية مخططات للتنظيم في دمشق، وفقاً لمسؤولين عسكريين أميركيين.

لكن أحداث عنف طائفية الشهر الماضي، راح ضحيتها مئات المدنيين، أظهرت فقدان الحكومة السيطرة على بعض الفصائل المسلحة، ومن غير الواضح مدى قدرتها على مواجهة تنظيم الدولة.

نشأ تنظيم الدولة، وهو جماعة سنّية مسلّحة، من القاعدة في العراق، حيث هُزم على يد الميليشيات المحلية والقوات الأميركية. ثم أعاد تشكيل نفسه واستغل فوضى الحرب الأهلية في سوريا ليستولي على مساحات واسعة ويعود إلى العراق.

أصبح معروفاً بعمليات الخطف، والعبودية الجنسية، و الإعدامات العلنية، ونفذوا سلسلة من الهجمات الإرهابية في أوروبا. وقد تمّت هزيمته بشكل كبير قبل أكثر من خمس سنوات على يد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركياً. لكن مع بداية 2024، كانت حكومة الأسد تتراجع، وحلفاؤها الإيرانيون والروس منشغلون بصراعات أخرى، واضطر الكورد السوريون إلى تحويل قواتهم لصد هجمات تركية.

ورغم أن التنظيم لم يعد يسيطر على أراضٍ، إلا أنه يواصل نشر أيديولوجيته المتطرفة عبر خلايا سرية، وفروع إقليمية خارج سوريا، وعبر الإنترنت. العام الماضي، كان مسؤولاً عن هجمات كبيرة في إيران وروسيا وباكستان.

في سوريا، وبحسب مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، أعلن التنظيم مسؤوليته عن 294 هجوماً في 2024، مقارنة بـ121 في 2023. وقدّرت لجنة تابعة للأمم المتحدة حوالي 400 هجوم، فيما قال ناشطون حقوقيون إن الرقم أعلى من ذلك.

الهجمات هذا العام تبدو أقل حتى الآن، بحسب جماعات حقوقية ومسؤولين عسكريين أميركيين – ويُعزى ذلك جزئياً إلى حملة القصف الأميركية الأخيرة – لكن لا يزال الوقت مبكراً والوضع هش.

يقول آرون زيلين، الباحث في معهد واشنطن، إن الاضطرابات التي تواجه الحكومة الجديدة من بقايا نظام الأسد والهجمات التركية تمثل أكبر التحديات حالياً، لكنه حذّر من أن تنظيم الدولة لا يزال يشكل تهديداً قائلاً: “هجوم كبير واحد في دمشق ضد الأجانب أو المغتربين سيغير كل شيء”.

تزايدت المخاوف من احتمال هروب سجناء التنظيم، بسبب استمرار العنف في الشمال الشرقي. السجون والمخيمات هناك تحرسها قوات سوريا الديمقراطية الكوردية، والتي تشتت انتباهها بفعل الهجمات التي يشنّها مسلّحون مدعومون من تركيا.

تركيا تعتبر القوات الكوردية السورية امتداداً للمتمردين الكورد في تركيا الذين حاربوا الحكومة التركية لأكثر من 40 عاماً، وتراهم إرهابيين.

وقد أثبتت السجون بالفعل أنها مصدر قلق. ففي عام 2022، فرّ نحو 400 سجين مرتبط بالتنظيم خلال هجوم للتنظيم على سجن في مدينة الحسكة، وساعدت قوات العمليات الخاصة الأميركية قوات سوريا الديمقراطية في استعادة السيطرة.

منذ ذلك الحين، ساعدت المعلومات الاستخباراتية الأميركية في إحباط محاولات هروب جديدة، بحسب مسؤول أميركي رفيع.

في مخيم الهول، حيث تُحتجز نساء وأطفال مقاتلي التنظيم منذ سنوات، بدأ التنظيم باختبار حدود السيطرة. في تقرير حديث، قالت لجنة أممية إن الفوضى التي رافقت سقوط الأسد سمحت لبعض مقاتلي التنظيم بالهرب من المخيم، لكن لم يتضح عددهم.

يقول كاوا حسن، المحلل العراقي في مركز ستيمسون:”إذا ضعف الكورد السوريون، فلا شك أن ذلك سيخلق فراغاً، والتنظيم سيستغل مثل هذه الفراغات للعودة مجددا”.

للقراءة من المصدر