مواطن وعدالة
العائدون من أهالي الرقة لمدينتهم يفقدون مراكز إيواء داخل المدينة
آسو-عبير محمد
تسير عجلة التطور رويداً رويداً في عملية إعادة الإعمار داخل مدينة الرقة، من فتح الشوارع الرئيسية وإزالة الأنقاض وبناء المؤسسات والكثير غير ذلك، إلا أن احتياجات الناس ومطالبهم تتزايد مع زيادة عدد العائدين إلى ديارهم الأم، وخاصة بعد دخول المدينة عامها الثاني على التحرير، بحيث تبقى “البنى التحتية وأماكن السكن” حجر الأساس لتلك الاحتياجات.
وتعرضت الرقة لكثير من الدمار في أبنيتها، أسفرت الحرب فيها إلى تدمير أحياء بشكل كامل، مع سير عملية الإعمار، تبقى مطالب الناس باستعجال استقرارهم تحدٍ أمام الجهات المسؤولة.
قامت شبكة آسو الإخبارية، بجولة في بعض أحياء مدينة الرقة، للاطلاع عن قرب على ظروف الواقع بعيون عينات من الواقع، بين إعادة الإعمار وعودة الحياة ومطالب الناس الذين يطالبون باستعجال المساهمة في عودتهم لمنازلهم.
فيقول “أحمد” وهو شاب في مطلع العمر من سكان مدينة الرقة أن معظم السكان يفتقدون إلى أمور معيشية وحياتية “نحن سعداء كوننا عدنا إلى ديارنا بعد طرد داعش، تاركين ذاك الوضع المأساوي في المخيمات، لكن بيوتنا صدقاً ليست بأفضل حال ولا تصلح للسكن”.
“محمد الشنعاء” يقطن مع عائلته المكونة من ثلاثة عشر شخصاً في بيتٍ مهدم، يتفق مع كلام الشاب “أحمد” من حيث المطالب بتهيئة منازلهم للعيش فيها، ويقول “عشت وعائلتي في مدينة سري كانيه/ رأس العين بعد الهرب من بطش داعش وعندما عدت بعد التحرير، رأيت منزلي مدمراً بالكامل، حيث قمت ببناء أحد جوانب المنزل بالحجارة المهدمة، أما ما تبقى منه بقي كما هو لأننا، لا نملك المال لإعادة بنائه، ونحن بحاجة إلى ما يسترنا من برد الشتاء القارس خلال الفترة القادمة”.
من جانبه يقول “أبو محمد” وهو اسم مستعار متسائلًا، أين هي تلك الوعود التي أُطلقت لمساعدة المدينة وسكانها! “نحن لا ننكر بأن العمل قائم وما زال مستمر، لكنه بطيء جداً بالنسبة لأهالي الرقة ومتطلباتهم، إذ لم تنفذ سوى جزء بسيط من هذه الوعود، فنحن نعاني من غياب الكهرباء والماء في الكثير من الأحياء، إضافة إلى تدهور الوضع مع الصرف الصحي المدمر في المدينة، وبذلك لا بد من إيجاد حلول سريعة ترأف بحال الناس”.
العم “أبو مصطفى”، يشكو مأساة الحال لشبكة آسو الإخبارية، فيقول إنهم لا يحتاجون معونات غذائية “المياه تأتينا عن طريق توزيعها بالصهاريج، والكهرباء أيضاً نستطيع أن نقضي ما نحتاجه منها من خلال المولدات” ويضيف ذلك لا يفيد في حال كنت تعيش بمنزلٍ يكاد أن تهدم ما تبقى من جدرانه، “نحن نعيش في كوم من الركام، أينما ذهبت وأينما التفت ترى دماراً”. تقاطع أم مصطفى زوجها، وبحسرة قلب تضيف تقول “هنا أشباه منزل وليس بمنزل، فهو لا يحتاج إلى ترميم، يفضل أن يدمر ما تبقى منه بالكامل وإعادة بنائه من جديد”.
أما “أبو علي”، الرجل العجوز في العقد الثامن من عمره يقول “ليس عندي ما أقوله سوى أننا بحاجة إلى الأمان، فالأمان هو السلام، والسلام خير الكلام وسيد الأحكام، بالنسبة لي، لا أكترث لما يحدث كثيراً فلم يتبقى من العمر ما يستحق أن أبحث عنه، ولكن أولادي وأحفادي مازالوا يعانون منذ قرابة الثمانية أشهر وحتى اللحظة من قساوة المعيشة، كون جميعهم يسكنون غرفة واحدة في بيت مدمر كان فيه 7 غرف من ذي قبل”.
الحياة نبضت من جديد في مدينة الرقة التي لاقت الويلات والإرهاب في ظل داعش، إلا أن هذه النبضات تحتاج إلى من يعجل سرعة ضرباتها وخفقانها بمختلف المجالات والأصعدة، لتفادي كوارث ومصائب عاشها أهل الرقة بمرارةٍ شديدة أثناء النزوح، وبالتأكيد لا يرغبون بعيشها مجدداً.