أخبار وتقارير
“شرق الفرات” الملف الساخن في الصراع السوري
آسو-إعداد عبير محمد
تحرير (س.م)
مع اقتراب إعلان انتهاء عصر تنظيم داعش في سوريا، في الجيب الأخير له بدير الزور، تعيش منطقة شرق الفرات صراعات محلية وإقليمية ودولية، بل تكاد تكون المحور الساخن في المشهد السوري، لا تبدأ بقضية الصراع القومي السوري ولا تنتهِ بإعلان تركيا الحرب على المنطقة تحت مبرر وجود القوات الكردية في شمال وشرق سوريا.
ويقف الشمال السوري\ روج آفا (شرق الفرات) عند سيناريوهات عدة في الآونة الأخيرة نتيجة تهديدات تركية أعلنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق ومستمرة بوتيرة مختلفة، بالتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة ستقوم بسحب قواتها من سوريا.
إعلان ترامب الذي سبق أعياد الميلاد، لم يلق الاريحية والدعم من قبل القوى الدولية حيث كانت فرنسا وبريطانية سباقتان لضرورة عزف الرئيس ترامب عن القرار خاصة أن مازال خطر تنظيم داعش يهدد المنطقة، وكان موقف قادة في الإدارة الأمريكية متفق مع موقف ضرورة بقاء الولايات المتحدة للقضاء على داعش، بينما كانت تركيا من بين الدول التي أيدت قرار ترامب، بل واستغلت تركيا الإعلان باتصال بين ترامب واردوغان طلب الأخير من الأول الخروج من سوريا على أساس أن تركيا ستقضي على إرهاب (..) فكان جواب ترامب “هي لك”.
إثر إعلان ترامب الانسحاب ازدادت المباحثات الدبلوماسية واللقاءات والعمل على العودة عن القرار، حتى أن تركيا قامت بتخفيف حدية لغة التهديد إثر قرار ترامب المفاجئ للجميع، وأمام تكثيف الجهود الدبلوماسية خفت وطأت التهديدات لكن بقي الغموض يلف مصير المنطقة، التي يسعى مسؤولون في إدارة شمال وشرق سوريا خوض جولة دبلوماسية لأجل الحفاظ على وجودهم، ذلك بعد سنوات من خوض معارك ضد “داعش” في مناطق روج آفا\ شمال وشرق سوريا.
يجري مسؤولون من إدارة شمال وشرق سوريا ممثلة بـ”مجلس سوريا الديمقراطي” جولة في الولايات المتحدة بلقاء شخصيات في الإدارة الأمريكية متمثلة بأعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ ومسؤولين آخرين في الحكومة، من أجل تبادل وجهات النظر وبحث سبل الحلول للمنطقة التي تسيطر عليها الإدارة، والعمل على الوصول لنتيجة في وجه التهديدات التركية لمنطقة شرق الفرات تحت حجة محاربة الإرهاب.
بينما يكثف الحراك الدبلوماسي تستمر قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والتحالف الدولي، في عملياتها ضد داعش وتقترب من إعلان القضاء على التنظيم بريف دير الزور، بعد سلسلة انتصارات حققتها تلك القوات مدعومة من التحالف الدولي بتحرير مناطق في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور في روج آفا\ شمال وشرق سوريا من داعش.
وفي مقابلة تلفزيونية بتاريخ 30 يناير 2019، مع قناة “سكاي نيوز” عربية، تحدثت الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطي “إلهام أحمد” التي تزور واشنطن، عن أهم النقاط التي تمحورت حولها النقاشات خلال زيارتهم وقالت إن هذه ليست المرة الأولى التي يدلي بها الأمريكان ببخصوص حماية الكرد في شمال شرق سوريا، “رسالتهم كانت تتضمن تأمين الحماية اللازمة، على أنهم لن يسمحوا للدولة التركية بشن هجمات على المنطقة، وتأمين حماية المناطق التي تم تحريرها من داعش، بحيث سيكون هناك آلية لتنفيذ ذلك بشكلٍ أو بآخر”.
وذكرت أحمد في اللقاء التلفزيوني أن الرأي العام في الولايات المتحدة غير مؤيد لقرار الانسحاب المباشر من سوريا “هناك رغبة لتعديل هذه القرار الصادر” مضيفة ولكن حتى الآن صياغة تعديله غير واضحة.
تحدثت أحمد عن مساعي في عزف الرئيس الأمريكي عن قرار الانسحاب وصفتها بـ”الجدية”.
وتقول “نريد أن نوصل لهم رسالة بأن ترك الحلفاء في وسط الطريق هو عملٌ غير أخلاقي سياسياً، وعلى هذا نرى أنه من الضروري الاستمرار في الدعم، وخاصةً أن المعارك ضد داعش لا تزال مستمرة والخلايا النائمة لا تزال موجودة بكثافة، فالموقف الأصح في هذه الفترة بالتحديد هو الاستمرار في الدعم، إلى جانب السعي لوقف التهديدات التركية على المنطقة، سواءً من خلال الحوار أو الضغط على الطرف التركي”.
وكشفت أحمد في اللقاء عن أن الولايات المتحدة تقوم بلعب الدور الوسيط حاليا بين إدارة شمال وشرق سوريا وبين تركيا بهدف “التخفيف من حدة الخلافات الموجودة بيننا، أو لتخفيف من حدة التهديدات التركية على المنطقة”.
إلى من تميل واشنطن اليوم؟
سؤالٌ يطرح بشدة على الساحة المحلية والدولية والذي يخفي الكثير من الأسرار التي تحض في مصلحة المنطقة من جهة وتجزأتها من جهةٍ أخرى كان هذا سؤال المذيعة حيث ردت عليه إلهام أحمد قبالقول إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد أن تخسر الدولة التركية كحليف أساسي لها في الناتو، كما أنها لا تريد أن تخسر قوات سوريا الديمقراطية كشريك رئيسيي في المعارك الطاحنة ضد داعش.
في الجواب عن المنطقة الآمنة قالت أحمد إن ما يتم الحديث فيه بخصوص التنسيق الأمريكي- التركي حول إنشاء “منطقة آمنة” فقالت إنه “من خلال النقاشات التي دارت بيننا وبين المسؤولين الأمريكين لم نسمع من قبلهم بما تتحدث به الإدارة التركية حول إقامة منطقة آمنة في شمال شرق سوريا تحت الحماية التركية”. وأضافت أحمد بالقول “كنا نشير بشكلٍ دائم إلى أن هذا الأمر غير مقبول تماماً لأن المنطقة ستتحول إلى مستنقع إرهابي ولن تكون منطقة آمنة، وعفرين هي المثال الواضح والصريح حول المنطقة الآمنة التي تتحدث عنها تركيا”.
من وجهة نظر إلهام أحمد أن منطقة أمنة برعاية تركيا ستولد الإرهاب من جديد إلى جانب إمكانية حصول التغيير الديمغرافي كما حصل لعفرين على حد قولها “ناهيك عن القتل والنهب والسرقة واغتصاب النساء، فكل هذه الانتهاكات التي تحدث بحق المدنيين بعفرين يجعل كل ما تدلي به تركيا غير مقبول بتاتاً”.
في السياق ذكر ممثل مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن الدكتور “بسام إسحاق” في تصريحاتٍ لقناة العربية الحدث بتاريح 26 يناير 2019، أن إقامة منطقة آمنة في شمال البلاد، وكذلك إنسحاب القوات العسكرية الأمريكية من سوريا، هي في مقدمة الملفات التي يتناولها الطرفان، مشيراً إلى أن أغلبية أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ الأمريكيين يعارضون الانسحاب المبكر للقوات الأمريكية من الأراضي السورية.
وكان مسؤولون أمريكيون قد أشاروا بتصريحات تطمئن الحلفاء في سوريا حيث قال وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، إن انسحاب قوات بلاده من سوريا ”ليس نهاية معركة أمريكا“، مطالبًا الحلفاء بتجديد الالتزام بهدف إلحاق الهزيمة النهائية بداعش كون التنظيم مايزال يشكل خطرًا”.
من جانبه قال جوزيف فوتيل المسؤول عن القيادة المركزية الأمريكية، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، أنه لم يتم استشارته بشأن قرار ترامب المفاجئ بسحب نحو ألفي جندي أميركي من سوريا، وهو ما دفع وزير الدفاع جيمس ماتيس للاستقالة، مشدداً على خطر استئناف داعش في أعقاب الانسحاب الأميركي الذي أمر به الرئيس دونالد ترامب في ديسمبر الماضي.
ليس هناك استراتيجية واضحة لأجل شرق الفرات، ففي الوقت التي تكثر الجهود الدولية حول وقف القتل في سوريا تحاول دول اقليمية استغلال ضعف التوازنات باستباحة المنطقة، مقابل ذلك تطفو توافقات جديدة على حساب المنطقة، كل هذا يعطي اشارات استفهام مختلفة حول مصير المنطقة دون القدرة على تحديد مستقبلها.
*الصورة من النت