أصوات نسائية
زواج الغربة… سعادة برسم القدر
تحقيق: أحمد دملخي
تحرير: لانا حاج حسن
تُعتبر “ريم.ك” إحدى بنات مدينة منبج السورية، واحدة من بين العشرات في المدينة اللاتي يستعدن للسفر لملاقاة أزواج المستقبل اللاتي تمت خطبتهن بطريقة الزواج المدبر. فحلم الفتيات بحياة أفضل بعيداً عن ضغوطات الحرب ومُلحقاتها بات هاجساً لكثيرات بالرغم من المخاطرة التي تقوم بها الفتاة وأهلها بزواج من شاب لا يعرفون عنه سوى أنه مناسب وابن عائلة ذات سمعة طيبة.
تقول “ريم” لتاء مربوطة، خلال أشهر سأسافر إلى ألمانيا لملاقاة زوجي المستقبلي. بعد إتمامي لدراستي الجامعية حاولت جاهدة للحصول على فرصة عمل لائقة ولكن كل جهودي كانت سُدى في ظل الوضع المزري في منبج وعموم سوريا.
زارت عائلة “ريم” إحدى نساء المدينة والتي تربطها بوالدتها صداقة قديمة لتبدي رغبتها بخطبة الفتاة الشابة لابنها المقيم في ألمانيا. تقول “ريم”، كنا دائما نتحدث خلال الفترات الأولى عن تفاصيل لم الشمل، ومع بدء الإجراءات تحدد وقت المقابلة بعد شهر من الخطوبة نهاية العام الحالي، واليوم بدأت كل التحضيرات للسفر فأمامي فرصة لا تعوض وخاصة في وقت قل فيه الشباب بالمدينة بسبب الأوضاع وموضوع خدمة الدفاع الذاتي المفروضة والخوف من حرب أخرى قد تشهدها المدينة في الأيام القادمة.
لا تخفي “ريم” خوفها وترددها لملاقاة زوج لاتعرفه وبلد لا تنتمي إليه، ولكن كل من تتواصل معه يؤكد لها أن زواجها سيكون فرصة العمر وبداية جديدة لكل شيء ولاسيما أن الوضع في ألمانيا مناسب.
تعتبر الفتاة الشابة أن برامج التواصل الاجتماعي والواتس آب ساهم في توطيد علاقتها من خطيبها لذلك صارت تعرف عنه الكثير ولم يعد شخصاً غريباً عنها خلال الأربعة أشهر الماضية.
رأي النساء في منبج عن هذه الظاهرة
“أم محمد” من نساء منبج تتحدث لتاء مربوطة عن هذه الظاهرة بالقول، “تنتشر اليوم هذه الظاهرة بشكل كبير في منبج وخاصة مع ارتفاع تكاليف الزواج في المدينة وانخفاض فرص العمل لدى الشباب أو انعدامها، فأنا اليوم أم لعدد من الأبناء في كل من تركيا وألمانيا والنمسا منهم من هو متزوج ومنهم من هو عازب وفي حال فكرت في تزويج أحد الشباب العزّب فالأفضل اليوم أن يكون الزواج في مكان إقامته، صحيح سأخسر فرحتي به لكن تكاليف الزواج التي سيضعها هنا هو أولى بها، بالمقابل ستكون تكاليف لم الشمل مرتفعة، ومع ذلك سأكون سعيدة لأن أبنائي مرتاحين ولا يمكن لشيء أن يحدث لهم بسبب الأوضاع.
رهان كبير
أما “أم علي” فتقول، “سمعنا الكثير عن فتيات سافرن إلى الدول الأوروبية وبعد الوصول ألغين الخطوبة وبدأن حياة خاصة بهن بعيد عن الأهل ولكن بحسب الروايات التي تروى بين الأهالي في المدينة كن من مناطق أخرى، هذا الحديث لا يمكن أن أنكره أو أثبته، لكن في رأي أن هذه الطريقة في الزواج من الممكن أن تكون كارثة أو مشكلة كبيرة وخاصة في حالات لا يعرف فيها الطرفين بعضهما أو أن يكون العريس من خارج حدود مدينة منبج و ريفها.
فرصة لا تفوت
“فاطمة.د” شابة تبلغ من العمر (24) عام وعن رأيها في حال تم خطبتها لشخص من مدينة منبج ويعيش في إحدى دول المهجر تقول، لقد أصبح عدد الشباب في المدينة قليل بسبب الهجرة والقلة المتبقية معظمهم لا يملكون القدرة المادية بسبب الغلاء الحالي في كل شيء، لذلك سيكون الجواب موافقة لأن فرصة كهذه في هذه الفترة قد لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر، لو أن الأمر طُرح علي قبل الأزمة السورية بالتأكيد سيكون جوابي هو الرفض القاطع فأغلب الفتيات في منبج كن يرفضن فكرة الزواج لخارج المدينة إلا في حالة كانت هناك عودة إليها ولو طال زمانها، لكن مع هذه الأوضاع فالخروج يعني أن العودة غير معروفة التوقيت وقد لا تحدث مطلقاً.
وتستمر “فاطمة” في حديثها فتقول، “اليوم تسعى الفتيات في المدينة إلى الاستقرار وتشكيل أسرة وإنجاب أطفال مهما كانت الأنثى قوية ستكون في حاجة إلى أن تتزوج، فمجتمعنا ينظر إلى الفتاة التي بلغت قرابة الثلاثين عام ولم تتزوج على أنها عانس وستكون ناقصة في رأي المجتمع، لذلك أرى أن الزواج اليوم بهذه الطريقة يجنب الكثير من الفتيات هذا الموقف وبشكل عام هذه الظاهرة حتى الآن مقيدة بشكل كبير على الزواج بين الشباب والشابات من نفس المدينة يعني أنه بالإمكان السؤال والاستفسار عن الشاب قبل الموافقة ومعرفة أهله فالمدينة تعتمد على هذا الأسلوب في الزواج بالطرق العادية.
تعتبر هذه الظاهرة في مدينة منبج اليوم مقبولة لدى الكثيرين من الأهل والفتيات، فالكثيرات يعتبرنها فرصة بداية جديدة ومكان أفضل للانطلاق وتكوين أسرة مثقفة ومتعلمة، كما أن الحصول على إقامة أو جنسية في دولة المهجر تعتبر ميزة جيدة للحصول على امتيازات غير متوفرة في سوريا.
– الصورة تعبيرية من الانترنت