مواطن وعدالة
هي ضحية عدم اهتمام المجتمع أيضًا… “أم أحمد” ضحية من آلاف ضحايا إرهاب داعش
آسو- بنيامين أحمد
تحرير: (ب. ح)
أمضت السيدة “أم أحمد” (اسم مستعار)، أرملة وأم لطفلتين، أربعة سنوات من عمرها تحت حكم تنظيم داعش في مدينة الرقة حتى عانت الأمرين، وبشكل خاصة بعد وفاة زوجها.
تعيش “أم أحمد” في مدينة “سري كانيه/ رأس العين” كنازحة منذ عام 2015، تقوم بدور الأب والأم، وتبذل قصارى جهدها لتوفير سبل العيش الكريم لطفلتيها.
وتوفي زوج “أم أحمد” وهو من سكان الرقة منذ عام 2011
” أم أحمد” مثل كثير من النسوة والأمهات اللاتي لم تستلمن من ممارسات إرهاب داعش، فقد تعرضت للتوقيف من قبل ما يعرف بـ “جهاز الحسبة” في الرقة في عام 2016، لأنها خرجت من المنزل ولم تكن ترتدي “النقاب/ البرقع” الذي كان يفرضه التنظيم على النساء في المناطق التي كان يسيطر عليها.
كانت حياة الإنسان مرتبطة بالحظ في الخطأ من حيث فكر داعش، فكان خطأ صغير في ارتداء لباس مفروضة على الناس، كافٍ لإنهاء حياة الناس.
وتقول “أم أحمد” حاولت منع جهاز الحسبة من توقيفي، وتوسلت إليهم بأن أذهب إلى منزلي، لأن لدي ابنتان صغيرتان، وليس لدي أحد يرعاهما في غيابي، لكن محاولاتي باءت بالفشل، فأصدروا الأوامر إن لم أركب السيارة أن يضربوني بالخيزران، فاضطررت الركوب مع تسعة نساء أخريات للامتثال لأوامرهن، “تم اقتيادنا إلى مكان واجبرونا على دفع ثمن الخمار لكي نرتديه، ولم يأبه عناصر (الحسبة) أن هذا المال هو مال بناتي اليتيمات والذي أجنيه بصعوبه، عندما حاولت إيصال ذلك لهن، لكن خروجي من الحسبة بدفع المال فقط أخبرني كثيرون أن عمرًا جديدًا كتب لي، فمن يدخل لدى هؤلاء لا يُعلم مصيره ثانية”.
وزادت معاناة “أم أحمد” مع الحرب على الرقة، والغارات الجوية على المدينة، حيث كانت تهرب مع ابنتيها إلى خارج الأحياء السكنية المستهدفة، حيث كانت تقطن بشارع (تل أبيض) “كانت الطفلتان تصابان بحالة من الذعر والهلع، وما إن تهدئ الغارات نعود إلى البيت لنجد أن قطعاً من أثاث منزلنا قد تمت سرقتها”.
وتعرضت للكثير من المواقف المؤلمة، إذ كثيراً تقع في الشوارع وعلى الطرقات على وجهها وهي تركض، بسبب ارتدائها للخمار وهي تعاني من مرض قصور في النظر أساسًا.
استطاعت “أم أحمد” الخروج مع طفلتيها من الرقة خلال الحرب، بعد دفع مبالغ مالية كبيرة للمهربين، كي تستطيع الهروب من داعش، فاتجهت إلى مدينة سري كانيه، لتبدأ مرحلة جديدة من الحياة لكن لا تخلو من المعاناة، فلم تجد يد المساعدة تمد لها ولأطفالها، حتى من الأقرباء، على الرغم من أن الطفلتين لديهما أخ غير شقيق يقيم في تركيا منذ سنوات، إلا أنهما لم تلقيا مساندة منه، ولم تحصل “أم أحمد” وطفلتيها على الحقوق من ميراث زوجها المتوفى إلى الآن، وتقول “يقوم صديق زوجي وهو مغترب، بإرسال مبالغ مالية للطفلتين بين الحين والآخر”.
لم تستطع “أم أحمد” الصبر وابنتيها تحتاجان لواقع مادي، فقامت ” أم أحمد” بافتتاح مشغل صغير للخياطة بمدينة سري كانيه، بعد استئجار مكينة خياطة ومحل، لتقوم بإعالة ابنتيها وارسالهما إلى المدرسة، ولا تكاد الابتسامة تفارق وجهها، رغم ماعانته من ظروف قاسية تحت حكم تنظيم داعش.
*الصورة تعبيرية من الإنترنت