Connect with us

أخبار وتقارير

حليب الأطفال أزمة راهنة بظروف حرب واختلاف في سعر صرف العملة يهدد المنتج

نشر

قبل

-
حجم الخط:

آسو-أحمد دملخي

لحليب الأطفال أهمية وتأثير في كل مجتمع، وهي المادة التي منذ بداية الأزمة السورية تشهد أزمة التوفير بشكل طبيعي، نتيجة الظروف التي تمر بها البلاد.
كل طفل تحت سن العامين يستهلك المادة في حال لم يعتمد الرضاعة الطبيعية، وفي ظل ارتفاع الأسعار وتباين سعر العملة السورية مع الأجنبية وصرف العملات، وبشكل خاص الدولار مقابل الليرة السورية، تتأثر المادة المستوردة.

في مدينة منبج كما مدن سورية كثيرة، يعاني الأهالي من فقدان حليب الأطفال، حيث أن الحليب المتواجد في المدينة نوعان هما، حليب محلي الصنع، تنتجه شركات محلية سورية في مناطق تخضع للحكومة السورية. وحليب أطفال مستورد، من شركات خارجية حيث يتم استيراده من قبل جهتين، الأولى من الحكومة السورية عبر ميناء اللاذقية، وتأتي لصالح شركة جبل علي في مدينة “دبي” حيث يكون استيراده مجاني حتى ميناء اللاذقية. والثانية من الأراضي التركية حيث يأتي من الاتحاد الأوربي بشكل مباشر إلى تركيا وثم إلى شمال سوريا عبر “سرمدا” و”إعزاز”.

وبسبب الأجور العالية للنقل، تكون أسعار الحليب المستورد من الأراضي التركية أغلى من الحليب المستورد من قبل الحكومة السورية.

مراسل شبكة آسو الإخبارية، تواجد في إحدى الصيدليات في منبج والتقى مع “محمد عمر الغانم” ولديه طفل، خلال قيامه بشراء مادة حليب الأطفال، فيقول “لدي طفل في الشهر الثالث من العمر، ولأسباب صحية لا يستطيع رضاعة الحليب الطبيعي، فوصف الطبيب حليب صناعي له، سعر العلبة الواحدة لحليب الأطفال يقدر ب 2500 ليرة سورية، ولا تكفي سوى لأيام، أعاني كثيرًا في تأمين الحليب للطفل، خاصة مع توقف حركة العمل في الأسواق نتيجة الظروف والتهديدات”.

كلما ارتفع سعر الدولار مقابل الليرة السورية، ارتفعت أسعار المواد، من بينها حليب الأطفال، يقول “الغانم” لا يعلمون على عاتق من تقع المسؤولية، الصيدليات التي تبيع الحليب، أم المخازن التي تقوم بتوزيعه، أم على المستوردين أو الشركات التي تقوم بالتصنيع “في السابق كان سعر علبة الحليب 1600 ليرة سورية، اليوم سعر العلبة 2400 والزيادة في استمرار (..)!”.

“مصطفى” وهو صيدلي من منبج، يذكر أن مادة الحليب عادة تتوافر في الصيدليات بشكل رئيسي وفي البقاليات والمحال التجارية، “تتواجد في المدينة جميع الأنواع المستوردة والمحلية، وتأتي من مناطق سيطرة الحكومة السورية، لكن خلال شهر تشرين الثاني كان الطلب على حليب الأطفال ضعيف بشكل كبير بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الصرف السوري، إضافة لضعف المعيشة والظروف التي تمر بها المنطقة منذ (العدوان التركي)”.

ويضيف “مصطفى” بالنسبة للحليب الذي يتم استيراده من مناطق “درع الفرات” وهي عبر تركيا فهو شبه مفقود ونادرًا يتواجد في المدينة بسبب إغلاق معبر التايهة”.

عن عدم استقرار سعر مادة الحليب يقول “حسين عويش” وهو أحد التجار المعتمدين والمسؤولين عن توزيع حليب الأطفال في مدينة منبج وشمال شرق سوريا، إن سعر مادة الحليب يختلف بين نوع وأخر “تتراوح الأسعار بين 1600 ليرة سورية عن سعر العلبة الواحدة إلى 3000 ليرة سورية، ولكن بسبب ارتفاع الدولار أصبح السعر الحالي يتراوح بين 2800 ليرة سورية إلى 4500 ليرة سورية عن العلبة الواحدة”.

ويضيف “عويش” بأن مشكلة الشحن هي كبرى المشاكل التي يعاني منها المستوردون، “أجور الشحن مرتفعة بشكل كبير، لقد جلبنا كميات من حليب الأطفال خلال الأسبوع الماضي، كانت أجور الشحن تقدر بـ 1350 ليرة سورية عن كل طرد حليب من محافظة دمشق إلى مدينة منبج، وفي نهاية ذات الأسبوع قمنا بجلب نفس الكمية من مدينة حلب فقدرت أجور النقل بـ 2500 ليرة سورية عن كل طرد حليب” ويعيد “عويش” ذلك إلى سبب اختلاف شركات الشحن، “الشركة الأولى تبعد نحو 400 كيلومتر عن مدينة منبج، في حين أن الشركة الثانية تبعد نحو 100 كم عن المدينة، ومع ذلك رسوم الثانية للنقل مرتفعة، وهذا الأمر يؤثر بشكل كبير على أسعار الحليب في المدينة “.

ويذكر “عويش” أن المستودعات في منبج تحتوي مادة الحليب لفترة تقدر بنحو 4 أشهر، حيث يوجد 35 ألف علبة حليب، ويتواجد فيها أصناف مختلفة مما تستهلك بمنبج، حيث تصل إلى ألف طرد لكل نوع، إضافة إلى تواجد مراكز أخرى في مدن كبرى مثل الطبقة وقامشلو / القامشلي والرقة والحسكة، يتواجد فيها مستودعات بكميات جيدة يمكن الاعتماد عليها في حال حدوث طارئ.

في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة، وتعدد منافذ الاستيراد، وللتأكيد على مراقبة المواد المستوردة وأصنافها، والخشية من عدم جلب مواد منتهية الصلاحية، قام مراسل شبكة آسو الإخبارية بلقاء “ضياء الحسان” الرئاسة المشتركة لمكتب التموين في منبج، فيقول إن هناك مراقبة دائمة لصلاحية تاريخ وانتهاء حليب الأطفال “يسيّر مكتب التموين دوريات مراقبة لأسعار المواد، وصلاحية المواد بشكل يومي”، مضيفًا “خلال الفترات السابقة تم ضبط عدة مواد لا تحتوي على تاريخ صلاحية وانتهاء محدد فتم اتلافها، كما يقوم قسم مراقبة الأسعار بالاستماع والتحقيق في شكاوي المواطنين على الأسعار التي تباع فيها المواد بسعر مرتفع جداً، مقارنة بالأسعار المتواجدة في السوق”.

يذكر “الحسان” أن عملية المراقبة للأسعار باتت صعبة خلال الفترة الأخيرة نتيجة انهيار الليرة السورية أمام العملة الأجنبية، إضافة لإغلاق معبر أم جلود التجاري، وخضوع تجار منبج لرحمة تجار محافظتي (حلب ودمشق) بشكل عام “.

وعن العقوبات التي يتخذها مكتب التموين في حال تواجد تلاعب بتاريخ الإنتاج أو صلاحية حليب الأطفال، فقد أكد” الحسان” أن العقوبات تكون على شكل عقوبات رادعة في المرحلة الأولية، تقدر بضعف المبلغ المتاجر به، وهي تشمل الزيادة في السعر والتجارة بمواد منتهية الصلاحية، أو مواد تالفة بسبب سوء التخزين، “و ترتفع لأربع أضعاف المبلغ في حال تكرار المخالفة، أما في الحالة الثالثة وعند تكرار المخالفة للمرة الثالثة يتم تشميع المحل المخالف أو المستودع مع إحالته إلى محكمة العدالة الإجتماعية في منبج”.

“أحمد علي” مسؤول قسم مراقبة الأسعار في منبج يتحدث لشبكة آسو الاخبارية عن عملية مراقبة الأسعار بالقول إنه تتم مراقبة الأسعار بشكل دائم، “فهناك دوريات من مكتب التموين تقدم تقارير يومية عن الأسعار إلى قسم المراقبة “حيث يتم تحديد مبلغ يقدر بـ 20 بالمائة من قيمة السلعة على الفاتورة لكل محل تجاري، فلا يمكن التحكم بسعر المواد بشكل كامل لعدة أسباب أهمها، اختلاف المصدر الرئيسي لنفس المادة، كما أن المواد نفسها تخضع للتغير في سعر صرف الدولار”.

يشتكي الأهالي بمنبج بين ارتفاع سعر المواد مقابل سعر صرف العملة، مع الوارد الشهري للأهالي، مع إغلاق الطرق. ساهم ذلك برفع سعر حليب الأطفال من مصادره الرئيسية في الحكومة السورية حيث أن التجار وأصحاب المستودعات وقعوا تحت سلطان تجار الاستيراد الرئيسي في كل من حلب ودمشق واللاذقية، فكيف سيتغير هذا الاحتكار بحق الأهالي!