مدونة آسو
هل مواقع التواصل الاجتماعي حليفة الإعلام في تغطية قضايا متعلقة بحقوق الإنسان؟!
هذه المادة منشورة بالتعاون بين شبكة الصحفيين الكرد السوريين (SKJN) وشبكة آسو الإخبارية في برنامج تعاون ضمن مشروع “المرأة” حول حقوق الإنسان والحريات العامة.
نور الأحمد
تحاول وئام كل يوم أن تمنع المنشورات غير المرغوب فيها بالنسبة لها على الأقل، والتي تظهر أمامها على تطبيق “فيسبوك” أو “ميتا”، دون أن تبحث عنها، أو أن تكون تلك المنشورات في قائمة اهتماماتها.
وئام التي تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي كغيرها من فئة الشباب السوري، الذي عاش هذه المرحلة العمرية، التي من المفترض أن تكون من أجمل مراحلهم/نّ في ظل ضغوطات الحرب والنزاعات في بلادهم/نّ، يستخدمون الإنترنت بغية الترفيه والابتعاد عنها وعن أجواء الدراسة والعمل إن وُجد، تقول: “أحياناً كثيرة لا أرغب بمعرفة ما يجري من حولي، أحاول تجنب ما يتعلق بالسياسة وأخرى متعلقة بالحرب السورية، لكن ولأسباب أجهلها، أجدها أمامي رغماً عني.”
يعود السبب وراء ما يحدث مع وئام، ذات العشرين ربيعاً وتدرس في كلية الهندسة الزراعية بمدينة الحسكة السورية، ومع أغلب من تواصلت معهم/ن من مستخدمي/ات لمواقع التواصل الاجتماعي المختلفة لعدّة عوامل.
سُبل لاستثمار التكنولوجيا بقضايا حقوق الإنسان
بحسب موقع هوت سويت المتخصص في شؤون مواقع التواصل الاجتماعي من أهم العوامل التي تساعد في وصول معلومات دون أخرى لمستخدم/ة وسائل التواصل الاجتماعي هو تفعيل أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل براند ووتش وغيرها، للحصول على رؤى عميقة لأفكار ومشاعر الجمهور أو المستخدمين/ات لتلك الوسائل، وبذلك يمكنك الاطلاع على تحليل المشاعر في الوقت الفعلي حتى تعرف الموضوعات التي يجب التعامل معها والأخرى التي يجب تجاهلها.
حيث يمكنك أيضاً معرفة من هم المؤثرون/ات في أي محادثة، وكيفية تخصيص المحتوى الخاص بك لتحقيق أقصى قدر من المشاركة. بالإضافة إلى مراقبة اتجاهات الصناعة وأنشطة منافسيك تلقائياً، بحيث تكون دائماً في صدارة حسابات الناس الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.
تساءلت مفوّضة الأمم المتّحدة الساميّة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت عن ذلك فقالت: “هل نحتاج إلى أدوات جديدة تضمن أنّ العمليات التي تحركها الآلات تدعم المساواة بين البشر وتعزّز كرامتهم؟ هل توفر لنا التكنولوجيا الرقميّة أملاً جديداً لإعمال حقوق الإنسان – أم أنّ الأوان قد فات؟”
كما وأكدّت ميشيل على ذلك خاصة فيما يتعلق بسوريا معقبة على ما سألت أنّ “نتائج هذا العمل لا تُقدَّر بثمن بالنسبة إلى أسر المفقودين؛ وفي بعض الحالات بالنسبة إلى الضحايا أنفسهم؛ وبالنسبة إلى عمل المدّعين العامّين أو لجان تقصّي الحقائق وغيرها من آليات المساءلة الأخرى.”
وفي حين أن التطرق للمواضيع الحقوقية ما زالت خجولة إذا ما قورنت بمواضيع أخرى في سوريا، إلّا أنّ استغلال العاملات/ين في المجال الإعلامي والمؤسسات الإعلامية سواء أكانت رسمية أو مستقلة، للفضاء الرقمي الموجود اليوم والاستفادة من تلك التقنيات الموجودة للوصول لأكبر عدد ممكن من الناس، والرأي العام المحلي والدولي، ليطّلعوا على موادهم الإعلامية خاصة تلك المتعلقة بالمواضيع المرتبطة بتعزيز ودعم السلام، كقضايا “حقوق الإنسان” ونبذ “خطاب الكراهية”، يعتبر من أسهل وأسرع الطرق.
حيث أكد المهتمين/ات بهذا الشأن، ممن حاولوا دمج الإعلام التقليدي بالحديث أو الرقمي” أن وسائل التواصل الاجتماعي تحديداً ساعدت العديد من الأفراد على إيجاد أرضية مشتركة مع الآخرين عبر الإنترنت مما جعل العالم يبدو أكثر ترابطاً وفي متناول اليد بطرق مبتكرة وفريدة.
هل السُبل نافعة بالفعل؟!
أشارت دراسة نشرت في موقع داتا ريبورتال (data reportal) فإن أكثر من نصف تعداد سكان العالم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، والأرقام بتزايد مستمر كل عام، وأن ساعات استخدام أي شخص بحسب برودباند سيرش (broadband search) لتلك التطبيقات لا تقل عن ثلاث ساعات تقريباً كل يوم، أي أن العالم يقضي 10 مليارات ساعة يومياً يستخدم تلك التطبيقات.
كما وأكدت دراسة أخرى على ستيتس برو (status brew)، أن نسبة للذين يقولون إنهم يستخدمون وسائل التواصل لاكتشاف المحتوى الإخباري والوصول إليه هم 44% على “فيسبوك” و29% على يوتيوب و13% على تلغرام.
تؤكد تلك الدراسات التي تم ذكرها على أن الإنترنت أصبح اليوم تقريباً يوازي الحياة الواقعية للبشر وربما يفوقها عند بعض مهم/نّ، وهو ما استخدمه السوريين والسوريات لصالحهم طوال أكثر من عقد من الزمن، منذ بداية الحرب، حيث اعتبرت تلك الوسائل منفذ وحيد في بعض الأحيان لإيصال ما يجري في البلاد لكل دول العالم، من خلال تلك الشاشة الصغيرة.
الحكومات في المناطق المختلفة تلجأ إلى أدوات المراقبة الرقميّة كي تتعقّب وتستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان والأشخاص الذين يُعتَبَرون من المنتقدين – بمن فيهم المحامين/ات والصحفيّون/ات والناشطون/ات في مجال حقوق الأرض أو البيئة، بحسب ميشيل.
وبحسب مقالة لكتّاب على موقع الأمم المتحدة، فإن إصدار قوانين جديدة لقمع النقد والمعارضة، يؤدي إلى إغلاق المجال بشكل فعال للحديث الحر والمفتوح على الإنترنت. حيث ينتهك قمع الخطاب النقدي المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يمنح الحق في حرية الرأي والتعبير، والوصول إلى المعلومات “عبر أي وسيلة إعلام وبغض النظر عن الحدود”، وكذلك المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تشارك فيه 172 دولة.
وعلى الرغم من لجوء العديد من الوسائل الإعلامية المحلية و العالمية، والمنظمات الحقوقية اليوم لوسائل التواصل الاجتماعي، خاصة بعد انتشارها بشكل غير مسبوق في السنوات العجاف الاخبرة في سوريا تحديداً، و الاستفادة منها كطريقة مهمة، حديثة، سريعة الانتشار وسهلة ولربما باتت أساسية في عملهم/نّ الإعلامي إلّا أن التحديات ما زالت موجودة وتتزايد في بعض الأوقات في ظل واقع إعلامي سوري مقيّد إلى حد ما وهذا ما أثبته تقرير لمراسلون بلا حدود عن حرية الصحافة نشر هذا العام 2023 وجاءت بها سورية في مصاف الدول حول العالم.
ورغم التحديات الكبيرة التي تواجه الإعلاميين/ات في سوريا، خاصة إذا ما اختاروا/ اخترن وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة للتعبير عن الرأي أو لنشر مادة إعلامية حقوقية معينة ” إن استطاعوا أساساً الكتابة عن الحقوق”، إلّا أن دور تلك الوسائل الهام في عمل هؤلاء وطبيعة تأثيرها في صناعة الرأي العام؟ وتعزيز السلم الأهلي ودعم السلام؟ أمور تستحق المجازفة ولو قليلاً.