أعمال
سوق البالة بمنبج…. ملاذ آمن لأصحاب الدخل المحدود
أصبحت محال البالة محط أنظار عدد متزايد من المواطنين في مدينة منبج، خاصة من ذوي الدخل المحدود، أو ممن اضطروا للنزوح، عن أماكن سكنهم، بسبب ظروف الحرب الدائرة في البلاد.
حيث توفر هذه الأسوق الملابس والأحذية وحتى الألعاب بنوعية جيدة وأسعار أرخص بكثير من السوق العادي. حيث تملك «البالة» مقدرة تنافسية من خلال قدرتها على تحقيق فارق مالي، بحيث يستطيع رب العائلة شراء عدد كبير من القطع بسعر اقتصادي، قد يوازي قطعة واحدة أو قطعتين من الألبسة المحلية الجديدة. هذا الفارق يسهم في تحقيق وفر مالي يوجه في أمور حياتية أخرى.
“أبو عبد الله” أحد أصحاب المحال المتخصصة في بيع هذه الألبسة يتحدث بداية عن مهنته: “بدأت هذه المهنة منذ عام ونصف حيث كانت البدايات بعد التحرر من داعش. اعتمدت في انطلاقتي على نظام أقوم فيه بفتح بضائعي كل أسبوع في يوم محدد، وذلك لاستقطاب الناس، وباقي الأيام أصرف ما تبقى من البضاعة التي لم تابع في ذلك اليوم”.
ويضيف أبو عبد الله : “معظم البضائع نشتريها من محلات الجملة الموجودة في منبج، ويختلف سعرها بحسب الموسم والنوعية، حيث تكون الألبسة الشتوية أغلى من الصيفية وأكثر تنوعاً، وأعتمد على جلب جميع الأنواع والأصناف، من ألبسة رجالية ونسائية وألبسة الأطفال، إضافة إلى الأحذية وحقائب اليد للسيدات”.
وعن الإقبال يتحدث “أبو عبد الله”: “معظم أهالي منبج من أصحاب الدخل المحدود إضافة إلى النازحين هم زبائننا، ويكون الإقبال أكبر على الألبسة الأوربية لجودتها ورخصها، مقارنة مع البضاعة المحلية الجديدة التي يتم استيرادها من حلب أو عزاز، حيث يمكن بسعر قميص أو بنطال جديد شراء عدد من القمصان والبنطلونات الأوربية، يصل إلى ثلاثة أو أربعة، وتستمر مع المشتري لمدة أطول من الجديدة”.
وتحدث “أبو عبد الله” عن المشاكل التي يواجهها: “يعاني معظم أصحاب المحال المتخصصة، في بيع هذه الألبسة من تحكم تجار الجملة في بعض الأنواع، حيث يقومون بإجبارنا على شراء أنواع كاسدة، يكون الطلب عليها شبه معدوم في أفضل الأحوال لكن تكون أسعارها منخفضة بشكل كبير”.
بالنسبة لفاطمة أم لخمسة أولاد فقد كانت هذه الألبسة ممتازة جداً، وخاصة أن أولادها كثيرو الإتلاف بسبب نشاطهم الزائد حيث تقول: “أصغر أولادي يبلغ من العمر ثماني سنوات وهو حركي ومشاكس، يحب الكرة وتسلق الأشجار، لذلك أحتاج لأكثر من مجموعتين من الثياب في الشهر الواحد له”.
وتضيف “فاطمة”: “حالي كحال الكثيرين في منبج نعتمد بشكل دائم على شراء هذه الألبسة ونتجنب الجديدة ونتجول بين المحلات لاختيار القطعة المناسبة وذات الشكل الجيد والنوعية الممتازة وأغلب النساء من حيي يجتمعن في يوم محدد عندما يتم فتح الطرود الجديدة لتكون خيراتنا أوسع.”
“أبو محمد” تاجر جملة للألبسة الأوربية يتحدث عن طبيعة هذا العمل:”معظم هذه البضائع من مصادر أوربية وخليجية وتقسم لثلاثة أقسام:
نخب أول : وتكون فيه البضائع ذات جودة عالية وماركات عالمية وأسعارها مرتفعة مقارنة بغيرها.
نخب ثاني: تنخفض جودتها وبالنسبة للماركات شبه معروفة وأسعارها تناسب أغلب الناس وهي الأكثر طلباً من بين الأصناف.
نخب ثالث: تكون جودتها مقبولة ولا تندرج تحت أي ماركة معروفة قليلة الطلب ومنخفضة السعر.”
يعاني “أبو محمد” خلال هذه الفترة من نقص في البضائع بسبب الأوضاع وإغلاق الطريق الذي تأتي منه هذه الألبسة فيقول: ” تأتي معظم هذه الألبسة من تركيا مناطق بورصا ومحيطها فهي تحتوي على مستودعات التجميع لكن هذه الفترة بسبب الوضع تتأخر البضائع للدخول إلى المدينة بالإضافة إلى مشاكل النقص التي يمكن أن تحصل للبضائع على الطريق لكن خلال الفترات الماضية كانت الحركة على هذه الألبسة تصل لمناطق عديدة وخاصة المحررة من داعش حديثاً “.
غزت أسوق الألبسة المستعملة في سوريا العالم الافتراضي، من خلال إنشاء عدة مجموعات عبر موقع “فيسبوك” للترويج عن الألبسة، أو الحاجيّات التي يريد أصحابها بيعها، بسبب عدم حاجتهم إليها، بداعي السفر، أو تحت ضغط الضائقة الاقتصادية، فهل تدخل أهالي “منبج” هذا النوع من التجارة الافتراضية التي باتت تلقى إقبالاً متزايداً.