أصوات نسائية
“أرامل الطبقة” … حكايات من زمن القهر
بتول علي- الطبقة
تحرير: لانا حاج حسن
ينفضّ مجلس العزاء… ويمسح الأقارب والأصدقاء والجيران دموع الحزن على الفقيد، لتبدأ زوجته حياتها الجديدة مع لقب “الأرملة”. اللقب الذي تخشاه النساء لأنه يفتح في مجتمعاتنا التي تربي النساء فيها على أنها “ضلع قاصر”، أبواب العوز والفاقة والنقد الاجتماعي في ظل انعدام مؤسسات تحمي النساء وتأخذ بأيدهن.
“بتول عبد الرزاق” أرملة من الرقة تعيش في مدينة الطبقة أم لأربعة أطفال أكبرهم يبلغ من العمر 10 سنوات، توفي زوجها نتيجة مرض عُضال.
تقول “عبد الرزاق”: “دامت معاناة زوجي مع المرض سبعة شهور، كان علاجه يتطلب جلسات علاج متكررة خارج الرقة ولكني لم أستطع إخراجه بسبب حصار داعش للمدنيين وعدم السماح لهم بالخروج من الرقة حتى للعلاج.”
كانت الأم والأب معاً، فهي المعيل لزوج مريض ولأطفال أبصروا على الحرب ولا يعرفون من الحياة سوى مشقتها. تقول الأم المكلومة: “أعيش من الصدقات ومساعدات الأهل والجيران وبعض المواد التموينية التي توزعها بعض المنظمات”.
وتكمل معاناتها مع ابنتها “لارا” ذات الثمانية أعوام. طفلة شاء قدرها أن تولد بإعاقة وهي تعاني من شلل سفلي نتيجة ولادة مبكرة أدت إلى شلل حركتها وتعاني أيضا من ضمور في الدماغ يحتاج إلى جلسات علاج فيزيائي دائم، ولم تستطع والدتها علاجها بسبب وضعها المادي السيء.
قامت “عبد الرزاق” بالتواصل مع المنظمات والجمعيات من أجل علاج ابنتها ومساعدتها كونها ربة منزل لا تجيد أي مهنة لكن دون جدوى.
“فاطمة العبدالله” باحثة اجتماعية من مدينة الطبقة ذكرت لشبكة آسو الإخبارية أن مساعدة هذه الحالات هو واجب المجتمع بأكمله ويجب أن يتم أخذ هذه الحالات على محمل الجد وأن تكون أولوية.
وأضافت “العبدالله” أنه يجب طرح مشاريع لمساعدة النساء الأرامل اللاتي يعانين من فقدان المعيل، فالمؤسف أنه في مجتمعات عانت ويلات الحرب كمجتمع الطبقة باتت هذه الحالات مشاهد يومية ولم يعد المجتمع يتأثر بها لكثرتها.
وأشارت “العبدالله” إلى خطر كبير يتهدد الأطفال في مثل هذه الحالات هو التسرب المدرسي والانخراط في العمل لإعانة أمهم الأمر الذي ينعكس أيضاً على حرمان الأطفال حق التعليم.
ففي كل الحالتين تجد الأم نفسها في ظروف صعبة بإما أن تبقى بانتظار فرج الله أو أن تزج أطفالها في سوق العمل لتأمين لقمة العيش.
تتعدد مصائر الأرامل اللاتي يقتل أزواجهن في الحرب، من الزواج بآخر (كشقيق القتيل) أو سواه، وبين مواصلة الحياة بظروف صعبة، دون شريك، وخصوصاً بالنسبة لأولئك، اللاتي صار لديهن عدد من الأطفال، يتحولن إلى معيلات لرعايتهم في ظل أوضاع يعيش أغلب الناس فيها تحت خط الفقر.