صوت المغترب
“ديانا كنجو”… الرسم مرآة روحي
آسو-عبير محمد
هي ابنة مدينة عفرين من مواليد 1989، في الشهر العاشر من عمرها أخذها والداها إلى المستوصف كحال أي طفل لأخذ اللقاح، على أمل أن تتجنب هذه الطفلة مرض شلل الأطفال إلا أن هذه الحقنة كانت السبب الرئيسي في بقائها على كرسي متحرك لأعوامٍ كادت أن تتجاوز العقدين.
ومع مرور الزمن لم تزدها إعاقتها، إلا إصرارا، فحلمها في افتتاح معرض لرسوماتها أوشك أن يصبح حقيقة، وظرفها الذي منعها من الذهاب إلى المدرسة كباقي الأطفال الذين في عمرها، زادها حبا في التعلم، وبمساعدة أختها الكبيرة استطاعت كسر كل الحواجز، ومن هنا بدأ حبها للرسم لأنها وجدت من خلاله القدرة على التعبير عما يجول بداخلها.
تقول “ديانا سلام كنجو” لشبكة آسو الإخبارية عن ظروفها وحياتها منذ الصغر وحتى يومنا هذا، قائلةً: “بدايةً، تم إعطائي اللقاح على أيدي ممرضين من دون اتخاذ إجراءات الفحص في حال كانت هناك حرارة أو حساسية أو حتى إذا كنت مصابة بمرضٍ ما، وربما كان نصيبي أن أكون الأولى في تجربتهم البائسة التي جعلتني على ما أنا عليه”.
أن تفعل الخطأ وتدمر الآخرين فهذه مصيبة، وأن تهمل ما فعلته متجاهلاً إياه فهذه مصيبةٌ أعظم”، هكذا تعامل قسم التمريض والكادر الطبي مع ديانا في ذاك الوقت، فلم يعيروها أية أهمية على الإطلاق من دون أدنى مساعدة، بحجة أنه قضاء وقدر ولا أمل من علاجه بتاتاً، فكان لا حول ولا قوة لها ولعائلتها، والأمل بالله كبير.
رحلة شاقة بظروفٍ قاهرة
بعد سنين مريرة عاشتها الشابة مع وضعها الصحي، انتقلت هي وعائلتها إلى تركيا تحت ضغط الحرب الدائرة في البلاد، إلا أنها ذاقت الأمرين هناك لبقائها قرابة العامين وهي بين جدران المنزل، تذهب إلى الحديقة المجاورة مرة واحدة فقط كل ثلاثة أشهر لترى نور الشمس، وذلك بسبب أوقات عمل أخويها الطويل جداً وضعف الحالة الصحية لدى والديها أيضاً.
خلال تلك الفترة من بقائها في تركيا تحدت ديانا ظروفها واستطاعت أن تتعلم مهنة “الكوافيرة” التي عملت بها رغبة منها لتمضية وقتها في شيء مفيد، هذا الفراغ الذي تعايشت معه ديانا رسمته من خلال لوحات، وكل لوحة تمثل حالتها من حزن وفرح وغضب، فكانت ترسم الوجوه تعبيرا عن حالتها النفسية.
وشاء القدر فيما بعد أن تغادر ديانا مع عائلتها إلى الدانمارك، برحلة بحرية قاسية ولساعاتٍ طويلة مليئة بالمخاوف مع العشرات من الأشخاص من حولها، في قارب صغير كاد أن يغرق عدة مرات.
طموحاتٌ تلوح في الأفق
تقول “كنجو”: “منذ الصغر وعلى الرغم من عمليات البحث الطويلة للعلاج، وأنا أهوى الرسم، وعند مجيئي للدانمارك، طورت من نفسي في هذا المجال من الفن، فعملت على رسم الشخصيات والوجوه بالرصاص والألوان المائية، كلوحات تعبيرية تحاكي القصص والحكايات الموجعة التي قد مررت بها.
لاقت لوحاتي وبفترةٍ وجيزة صدى كبير وإعجاب الكثير من الأهل والأقارب والأصدقاء، هذا ما دفعني إلى الارتقاء في التفكير نحو معرض يضم ما صنعته يداي، على أملٍ أن أقوم بهذه الخطوة بعد العملية التي سأجريها للعمود الفقري بالمستقبل القريب، والذي بات يضغط على القلب بسبب الانحناء، وحلمي هو أن يكون المعرض بيوم 21 آذار 2019، كيومٍ تاريخي لي بيوم النوروز.
إعاقة دائمة… طموحات كبيرة على أملٍ أن تتحقق… حياةٌ تحتاج إلى المعجزات بسبب خطأ طبي فادح… من يدفع الثمن؟