أخبار وتقارير
في الرقة الحاج “خليل” يحافظ على مهنة “الرباب” من الانقراض
آسو-عبير محمد
فيما مضى كانت تعتبر الأوانى النحاسية الأكثر استخداماً وانتشاراً في الحياة اليومية في المنازل واستخدام الطهي، بتعدد أشكالها واختلافها، حيث كانت الأواني تعتبر مادة أساسية في كل منزل.
تعدد استخدام الأواني بين طهي الطعام وغسل الملابس، أيضًا أواني لغسل اليدين، فيما كانت عملية تنظيف هذه الأواني تحتاج دومًا للتبيض عند “مبيض الأواني” أو “الرباب” حيث كانت مهنة منتشرة مع استخدام الأواني النحاسية وبدأت تندثر وتنقرض مع عدم استخدام تلك الأواني إلا نادرًا.
ومهنة الرباب أو مبيض الأواني من المهن التقليدية القديمة، التي يتوارثها الأولاد عن الأباء والأباء عن الأجداد، حافظت على بساطتها والأدوات التي تستخدم في المهنة، لكن هذه المهنة بدأت تفقد كثافتها مثل مهن تقليدية قديمة، نتيجة عدم استخدام الأواني النحاسية لأسباب عدة، منها ظهور أواني خفيفة أكثر، وسهلة الاستخدام والغسيل في المنزل.
مازال “الحاج خليل” يرتاد محله في الرقة ليزاول مهنة “الرباب” وهو في العقد السابع من عمره، حيث يؤمن بعمله ومستمر في تبيض الأواني حيث يعمل في المهنة منذ 55 سنة.
ويقول لشبكة آسو الإخبارية “أنا أعمل في السوق القديم بمدينة الرقة، أقضي نهاري كله في هذا المحل الصغير، أنهي بشكل يومي بين 5 و 10 قطع نحاسية إذا تطلب الأمر”.
وبحسب “الحاج خليل” فإنه يقوم بتبيض الأواني النحاسية (البيض والحمر)، مثل النحاس الأفرنجي والقدور والطناجر والصحون والمناسف، إضافة إلى (الحديد النظيف).
ويعيد حبه للمهنة إلى أنه رغب بها وتعلمها منذ الصغر واتقنها برغم خطورتها “كانت الرغبة تشجعني أن أورث الصنعة من أجدادي”.
تختلف طرق تبيض الأواني النحاسية ويشرحها لنا الحاج خليل فيقول إنه يتم تنظيف القطعة من خلال تسخينها على النار، وجليها بشكل جيد للتخلص من الصدأ والأوساخ العالقة عليها “يستغرق ذلك وقت وجهد كبيرين، ثم يتم تذويب مادة القصدير مع النشادر ويتم فركها داخل الوعاء بواسطة قطعة من القماش، حتى تبيض الآنية وبعدها تغسل بالماء”.
يضيف الحاج خليل أنه في الوقت الحاضر أصبح تبييض النحاس أمراً سهلاً، وذلك باستخدام مواد مساعدة مثل الأسيد ومادة روح الملح.
المواد المستخدمة في عملية التبيض يذكر لنا الحاج خليل أنها تتألف من روح الملح والنشادر والآسيد والقصدير. أما المواد فهي: فرشاة الجلي على البارد والبياض على النار (الحرارة)، إضافة إلى الجلبات (الملاقط) مختلفة الأحجام والأشكال (القطع النحاسية الصغيرة مثل الملاعق ودلات القهوة والكبيرة مثل القدور والطناجر لكل منها ملاقط خاصة بها)”.
ويتحدث الحاج خليل أن مهنة الرباب كان لها مكانة في المجتمع، وكانت تدر ربحًا كبيرًا على من يعمل فيها “في أيامنا انخفض عدد الزبائن وعدد مستخدمي الأواني النحاسية، وذلك لتطور الأواني المنزلية واستخدام أواني (الستانلس) و(الألمنيوم) وغيرها من المعادن الرخيصة الثمن والسهلة الاستخدام والتنظيف”.
ينذر وجود الأواني النحاسية في المنازل اليوم، يقول الحاج خليل لشبكة آسو الإخبارية “بعض العائلات تحتفظ بالأواني النحاسية بغرض الزينة فقط”.
تعتبر مهنة الرباب من المهن التي تشكل الأصالة في المجتمع، لكن هي من المهن التي تقترب من الانقراض، يبين الحاج خليل أن الجيل الحالي لم يعد يهتم كثيرًا بهذه المهنة، ما يجعلها أمام خطر الاندثار.
*الصورة من الانترنت