صوت المغترب
حكايا نازحين ولاجئين سوريين في تجارب الاغتراب
آسو-عبير محمد
تحرير (س. د)
أجبر الكثير من السوريين على الهجرة من موطنهم الأصلي ومن مسقط رأسهم بسبب ظروف الحروب الدائرة في البلاد، فمنهم من سنحت له فرصة اللجوء، ومنهم من نزح من مكان لآخر داخل سوريا نفسها، ليستقر فيه بحثاً عن الأمان، وتبقى الأسئلة عديدة مطروحة حتى اللحظة، فيما كان ذاك المهاجر راضٍ عن هجرته أم لا، وما هي النتائج؟
تحدثت شبكة آسو الإخبارية إلى العديد من السوريين في الداخل والمهجر، لمعرفة المزيد عن حال هجرتهم إذ هي كما كانوا يطمحون للوصول إليها بطابع إيجابي، أم تغيرت الأحوال بهم وهل اتجهت نحو الأسوء!.
لا شك أن يسعى الأشخاص عموماً في البحث عن حياةٍ أفضل خارج البلاد، لكن هذا يتطلب إمكانية مادية كبيرة لتمكنك من إحداث هذا التغيير، لذلك انشطرت هجرة السوريين بين نازحٍ ولاجئ، وكل واحدٍ منهم له حكاية.
انعكاسات النزوح والهجرة…
يرى الشباب “خليل” وهو من سكان مدينة ديريك/المالكية، أن تغيير البلد غيرَ نمط حياته للأفضل، فيقول لشبكة آسو الإخبارية، “أعيش في ألمانيا منذ بداية الأحداث في سوريا تقريباً، السفر كان موضوع حاسم جداً بالنسبة لي، هناك الكثير من الأمور المادية والمعنوية خسرتها بسبب السفر، لكن لست نادماً على هذه الخطوة أبداً، نعم!، حالي كحال جميع السوريين، واجهتني الكثير من المصاعب أثناء السفر وبالأخص في تركيا، لكن عند وصولنا لألمانيا تغير كل شيء”.
باعتقاد “خليل” أن الفرد قادر على تأمين حياته في أوربا والعمل بما يؤمن له من عيش كريم ويحقق بعض الأحلام والطموحات لأي فرد ويقول “على عكس الحياة في سوريا تماماً، ففي سوريا سواءً بالنسبة لي أو لرفاقي أو لعائلتي أو لمجتمعي ككل، لم يكن لدينا أحلام تتحقق دومًا، عدا عن عدم الانضباط والفوضى في الحياة وأيضًا في إدارات الدولة بينما الوضع هنا في ألمانيا مختلف اختلاف جذري، كل شيء مرتب ومنظم، وممكن أن يكون لديك عدة أحلام، ومعظمها تستطيع تحقيقها وتصل إلى نتيجة راضية في حال تم التخطيط لها بشكل جيد”.
من وجهة نظر “خليل” أن الوصول للهدف في الحياة يعتمد على الدفاع الشخصي والطموح والرغبة “هناك أمور يجب تجاوزها مثل اللغة وتقبل التعايش مع الحياة الاجتماعية في البلد الجديد وخاصة قضية العمل”.
من جهتها، تقول “أم مازن” لشبكة آسو الإخبارية، وهي نازحة من دمشق تعيش في قامشلو/ القامشلي منذ أكثر من عامين “تعامل الناس في هذه المدينة جميل جداً، معظمهم متسامح ومتساهل، مرقنا بصعوبات بالبداية من ناحية السكن والمأوى، وهذا شيئ متوقع في الظروف التي نعيشها، لكن فيما بعد تحسن كل شيء مع الوقت”.
استطاعت “أم مازن” العمل في مهنة الخياطة التي تمتهنها، حيث عملت في أحد المشاغل “عملت على تطوير نفسي في هذا المجال بشكل كبير خلال هذه الفترة واكتسبت خبرات أكثر.
بشكل عام الأوضاع بهذه المنطقة أفضل بكثير من الأوضاع التي عشناها في الشام”.
أما الشاب “أحمد” وهو من ريف دير الزور يعيش منذ عام في مدينة القامشلي/قامشلو، بسبب ظروف دير الزور، يقول إنه ليس بشعور جميل أن تغادر المكان الذي تعيش فيه، أن تهجر منزلك وحياتك المعتادة “لكن ما هو إيجابي بالنسبة إلي، أنه من خلال هذه الهجرة استطعت أن أكمل دراستي وأعمل في آنٍ واحد، فأنا طالب حقوق بجامعة الفرات في الحسكة، أذهب إلى جامعتي كل يوم بكل أمان واطمئنان دون التعرض لأية مشاكل تُذكر، ولدي عدة مشاريع تجارية صغيرة استطعت أن أقوم بها في قامشلو بعد مجيئي إلى هنا مباشرةً، واعتقد بكل شفافية لو كنت في مدينتي “ديرالزور” وبهذه الأوضاع التي تمر بها لما وصلت إلى هذه النتيجة من الناحية العملية والدراسية كما هو حالي الآن”.
بصمات سلبية للغربة…
من خلال النقاشات والحوارات التي أجرتها شبكة آسو الإخبارية مع المغتربين، اللاجئين منهم والنازحين، تبين أن الأوضاع قد ساءت وغير مستقرة عند الأغلبية.
حيث أعرب “جوان” عن شعوره تجاه الهجرة وهو من سكان مدينة الدرباسية ويبلغ من العمر 35 عاماً بالقول “أنا لاجئ في ألمانيا منذ قرابة السنتين، ولو لم نأتي لهذا البلد لربما كان حالنا أفضل، الصعوبات والتأقلم مع العادات والتقاليد أمر ليس بالسهل أبداً، ناهيك عن موضوع اللغة والذي يعتبر موضوع معقد جداً لمعظم اللاجئين، لأن الحاصلين على شهادات جامعية ومعاهد يواجهون الصعوبة في اتقان اللغة، نتيجة صعوبتها لفظياً وقواعدياً، فلا عتب علينا نحن الذين لا نملك شهادات، إضافة لمعاناة المعاملة غير العادلة كلياً في السكن والتوظيف والإقامات، وحتى العنصرية منها خاصة في ألمانيا الشرقية”.
في حين يقول “تيسير” من سكان مدينة عامودا، وهو لاجئ في ألمانيا منذ قرابة الـ 5 أعوام بأن أوربا مجتمع جديد وثقافة مختلفة وطبيعة مغايرة لسوريا تمامًا “الحياة في البلد الجديد تحتاج الكثير من الصبر والمزاج، والأعمال صعبة دوماً (ساعات عمل طويلة جداً بالكاد تستطيع أن تنام ساعاتٍ قليلة)، هذه حياتنا وهذه بعض ما نعانيه كلاجئين باختصار”.
في الجانب الآخر لكلام تيسير هناك من استطاع تخطي الصعاب ويعيش الحياة التي يرغب.
أما “نواف” وهو من ريف قامشلو/ القامشلي فيقول “أنا لاجئ في اسطنبول-تركيا، منذ أكثر من 6 سنوات، الشعب التركي طيب في المنطقة التي أقطن بها حالياً، لكن في معظم المناطق يعاني السوريون من تعاملات أرباب العمل الاستغلالية، وأنا من أحد الأشخاص الذين لم يتم إيفاء مقابل العمل لهم من قبل أصحاب العمل، إضافة، إلى أنني طردتُ من العمل عدة مرات لمجرد تكرار طلبي لمستحقاتي، وكنتيجة لذلك، منذ خروجي من سوريا وحتى اللحظة لم استقر في عملٍ معين، وحالي كحال الكثيرين الذين لجأوا إلى تركيا”.
“على الرغم من أن الشعب السوري واحد بغض النظر عن تعدد الثقافات واللهجات، لكن مهما كان الأمر، يشعر الشخص أثناء تغيير مسقط رأسه ومسكنه بأنه ضيف في المكان الآخر. أنا نازحة من حلب، وحالياً ساكنة في مدينة الحسكة، زوجي يعمل ببيع الخضار وأمورنا جيدة نوعاً ما، لكن النزوح كان له تأثير عميق جداً في نفوسنا، لا تستطيع أن تتخيل لحظة هروبك من القصف الجوي والمدفعيات، تاركاً ورائك منزلاً صغيراً بسيطاً سعيت ورائه سنين طويلة لتبنيه، الكثير من النازحين عادوا إلى ديارهم، متمنيةً أن أعود أنا وعائلتي أيضاً بأقرب وقتٍ ممكن”، هذا ما تقوله النازحة “أم أحمد” لشبكة آسو الإخبارية حول الهجرة.
بينما “آفين” من سكان مدينة ديريك/المالكية تقول إن عائلتها باتت مشتتة فيما كانت مستقرة في السابق، اليوم لديها أقارب في دول مختلفة “منهم من ذهب إلى العراق ومنهم من سكن في تركيا، أما أنا استقريت بألمانيا بسبب زواجي من شخص سوري لاجئ في ألمانيا أيضاً، حيث كان وضعنا في سورية جيدًا كعائلة من الطبقة المتوسطة، ولكن سبب الضغوطات النفسية وأوضاع الحرب الراهنة إضافة إلى المعوقات المعيشية من كهرباء وماء وغيرها، اضطررنا للسفر خارج سوريا”.
من وجهة نظر أن هناك من اعتبر أن أوربا توصف بـ “جنة على الأرض” بينما بالواقع “ليست جميلة على الإطلاق” على حد وصفها.
نموذجٌ مبسط وحكاياتٌ مختلفة المضمون عن حال السوريين المهجرين داخل البلد وخارجه.
وهذا الاختلاف صحي في حال قورن بظروف بلد تعيش الحرب مثل سوريا، لكن يبقى تساؤل الناس وأملهم بعودة الحياة مجددا للبلاد.