أصوات نسائية
أمهات الدواعش… ضحايا الغفلة وفقدان الحماية
الطبقة-بتول علي
في غرفة حزينة معتمة تُشبه قلب هذه الأم الثكلى على فقدان فلذة كبدها، مرةً عندما قرر الانضمام لتنظيم داعش ومرةً أُخرى عندما فقد حياته في إحدى المعارك وترك وراءه عائلة بلا معيل.
تتكلم وتخنق صوتها دموع الحسرة على ولدها الذي قامت بتربيته والسهر عليه ليُصبح رجلاً وربُّ أُسرة، وهو نفسه الذي دفعته ظروف الحرب للانضمام للتنظيم اعتقاداً منه أنه سيُحسن وضعه المادي بطريقة سريعة وأبسط مما كان يعتقد.
الحاجه “أم أحمد” من سُكان مدينة الطبقة تبلغ من العمر 60 عام، تعيش مع أولاد ابنها الذي تركهم والتحق بتنظيم داعش.
تقول “أم أحمد” في البداية كان ابني ينوي السفر إلى أوروبا كي يعمل ويحسن وضعه المادي حاله كحال باقي الشباب الذين سافروا ولا سيما أن حالته المادية كانت مزرية بعد انقطاع دام أكثر من عام عن العمل، فقد كان يشتكي من قلة العمل في الفترة الأخيرة بسبب سيطرة داعش على المنطقة وفرض الضرائب على المواطنين واحتكارهم للسوق بهذا حلال وهذا حرام.
تتابع بالقول، “لم يستطع ابني السفر بسبب التكلفة الباهظة، فقرر الالتحاق بتنظيم داعش بهدف جمع المال حيث كانوا يدفعون بسخاء للشباب الذين يلتحقون بتشكيلاتهم وبسبب وضعه المعيشي الصعب الذي كان يعيشه وقلة وعيه أصبح يقاتل مع داعش على الجبهات”.
تقول “أم أحمد” لم أكن راضية عن انضمام ابني للتنظيم ولكن لم أكن أستطيع منعه فأنا بلا حول ولا قوة. وبعد مرور شهور توجه إلى ريف حلب ليقاتل هناك وكنا ننتظر عودته بعد فترة مثل كل المرات التي يذهب فيها للقتال، ولكن هذه المرة فوجئت بخبر من صديقه بأن ابني قد فقد حياته خلال إحدى المعارك وأنه قد دفن هناك”.
تكمل الحاجة “أم أحمد” بحرقة وحزن يعتصران قلب أي أم ثكلى، لم أكن أريده أن يلتحق بهذا التنظيم لأنني كنت أعرف أن النهاية هي موت ابني، تركني بحزن فقدان الابن وشعور بالذنب تجاه الأفعال التي قد يكون ارتكبها وفي مواجهة عدوانية مع بعض الجيران والأقارب لأنه كان مع هذا التنظيم.
تعد الحاجة “أم أحمد” واحدة من مئات الأمهات اللاتي استطاع تنظيم داعش خداع أولادهن بحجة الدين والمال منذ بداية سيطرته على مناطق في سوريا.
تعيش اليوم “أم أحمد” مع أولاد ابنها في بيتها حيث تقطعت بها سبل العيش ولا تستطيع خدمة أطفال ابنها الذين تتراوح أعمارهم ما بين الثامنة والرابعة عشر خاصة بعد أن تركتهم أمهم، إضافة لمعاناة الحاجة من مرض السكر.
*الصورة تعببرية من الانترنت