Connect with us

أصوات نسائية

“خديجة”… حياتنا ضاعت بين حكمي داعش والمجتمع

نشر

قبل

-
حجم الخط:

الحكاية رقم 9

من: رائد الوراق
تحرير: لانا حاج حسن

قصة “خديجة” هي قصة من قصص مئات النساء في الرقة، وفي المناطق التي سيطر عليها التنظيم، قصص تحمل في جعباتها الكثير من الألم والحزن والخوف. “خديجة الحمود” امرأة من مدينة الرقة عاشت فيها ولم تخرج طيلة حكم التنظيم للمدينة وتبلغ من العمر 31 عاماً متزوجة وأم لثلاثة أطفال تعيش معهم في إحدى أحياء الرقة الشعبية.

تبدأ الحكاية بالقول:
تعرضت للاعتقال على يد داعش بعد الدفاع عن ابنة جيراننا البالغة من العمر 19 عاماً وذلك بعد رؤية عناصر التنظيم يحاولون اعتقالها لمخالفتها الزي الشرعي الذي فرضه التنظيم. على إثرها استدعى عناصر داعش الحسبة النسائية وقاموا باعتقالي وسوقي إلى بناء الحسبة النسائية في مدرسة معاوية شمال مركز مدينة الرقة بتهمة المجادلة بأمور الدين والوقوف إلى جانب الباطل.

قضيت على إثرها مدة 15 يوما في المدرسة التي حولها التنظيم إلى معتقل كنت أرى بشكل يومي قرابة العشرة فتيات يتم جلبهن إلى السجن ونسب العديد من التهم لهن، كالخروج دون محرم، أو وضع مفاتن وزينة، أو سبّ الذات الإلهية، أو لم تزكي من مالها.

خلال حديثها أشارت إلى تلك الأيام التي عاشتها بخوف لا يفارقها وهي تقوم بالتحزر على مصيرها هل سوف يُقطع رأسها؟ أم تجلد؟ هل تخرج من السجن؟ هل يتم تعذيبها حتى الموت؟ أسئلة أدت إلى دخولها في حيرة وحالة من الهلوسة من قلة النوم وكثرة التفكير في مصيرها.

تضيف “الحمود” بالقول، كنت في اعتقالي أسمع أصوات تعذيب من داخل السجن لنسوة يعتقد أنهن اعتقلن من القرى التي يزحف إليها التنظيم أو أنهن كما يدعي التنظيم زوجات للكفار والمرتدين وهي أصعب ماسمعته طيلة حياتي.

في اليوم التاسع من اعتقالي دخلت علينا إحدى نسوة التنظيم تحمل رشاش وترتدي جعبة مقاتلين وتتدجج بالسواد التام وقامت بالمناداة علي، وثم اقتيادي إلى القاضية الشرعية في السجن التي كانت من أصول مغربية.

حكمت علي بالقيام بدورة شرعية، وهي التي يقومن من خلالها بعملية غسل الأدمغة للأهالي، وعند تكرار الجدال والدفاع عن المخالفين لشريعة الله وجنود الدولة يتم صلبها حتى تموت.

أتمت “خديجة” دورة التنظيم الشرعية نصفها داخل السجن والنصف الآخر خارجه في مسجد النور الذي يتم إعطاء الدروس والشهادات فيه من أجل استعادة بطاقتها الشخصية التي أخذها منها التنظيم.

لم تكن “خديجة” تخاف الموت، بقدر ما كانت تخاف أنها وخلال الدورة داخل المسجد، والتي مدتها ساعتين بعد آذان المغرب، وخلال فترة اعتقالها، أن يتم استهداف المعتقل أو استهداف أي تجمع لعناصر التنظيم، وتفقد حياتها بين عناصر التنظيم، فيظن أهالي الرقة أنها تنتمي إليهم.

تقول، انتهت الدورة الشرعية وحصلت على بطاقتي الشخصية وعدت إلى ممارسة الحياة الطبيعية وكوابيس الاعتقال لا تغيب عن بالي فكلما شربت أو أكلت أو جلست أتذكر المعتقل وأسمع أصوات التعذيب وأرى الجدران ذات اللون الأسود.

بعد خروجي بقيت في عزلة عن العالم الخارجي بعد سماع العديد من الأقاويل التي تتحدث عني وأني سجنت وأنه تم اغتصابي داخل معتقل داعش وأنا مخدرة.

بقيت في الرقة حتى نهاية عام 2016 ومن ثم قرر أبناء “خديجة” وزوجها إرسالها إلى أخوتها خارج مدينة الرقة لترتاح نفسياً بعد تدهورها وانعزالها عن المجتمع الخارجي وعدم الاختلاط بأحد والبقاء لساعات طويلة داخل الغرفة لوحدها مما أدى الى ايجاد مهرب وإخراجها من أجواء الرقة واللون الأسود الذي كان يسيطر على كافة جوانب الحياة فيها.

عادت “خديجة الحمود” إلى مدينة الرقة بعد تحريرها من التنظيم فكان أول من قصدته هو المكان الذي اعتقلت فيه لتراه قد عاد مدرسة فقامت على اثرها بفتح محل لبيع الألبسة لتكون عضو نشط وفعال يساهم بمحو السواد من مدينة الرقة التي اتخذها التنظيم عاصمة له.