صوت المغترب
رسام الكاريكاتير جواد مراد… من ديريك إلى كردستان العراق: رحلة الفن واللا اغتراب
حاوره: روان عكيد
ما بين قريته الصغيرة في ديريك/المالكية في أقصى شمال شرق سوريا ودمشق حيث أتم دراسته وهولير عاصمة كردستان العراق حيث يقيم، ترتسم لوحة كاريكاتيرية في حياة “جواد مراد” منشؤها الإنسان وآلامه…
حتى وهو يمني النفس برسم لوحات ضاحكة، لا يخفي :مراد” أن مواضيع إنسانية ومجتمعية كبيرة تحتلّ مخيلته ولا يستطيع -حالياً- الابتعاد عنها، على الرغم من تحريكه للرسوم الكرتونية…
رسام الكاريكاتير “جواد مراد” من مواليد “ديريك” 1983، خريج جامعة “دمشق” قسم الآثار 2007، درس الكاريكاتير على أيدي أساتذة مختصين، كما درس الفن التشكيلي في “مركز أدهم اسماعيل” 1999، عضو في منظمة الفيكو الدولية لرسامي الكاريكاتير.
نشر في الصحف السورية والعالمية اعتباراً من 1997 ” تشرين، والثورة، والثورة الثقافي، وصوت الشعب وملحقها الشبابي، ومجلة فنون، ومجلة قلم نامة، وجهينة، وجريدة الاعتصام العراقية، وجريدة الاعتدال الأمريكية”.
أقام العديد من المعارض الفردية منها “مشروع دمر 1998، ولبنان جبيل 1998، ومعرض سنوي في جامعة “دمشق” من 2001 وحتى 2006، والمركز الثقافي في مساكن برزة ، وواقع الصحافة السورية 2003، والمركز الثقافي العربي في مصياف 2009″ كما شارك في العديد من المعارض الجماعية منها “معرض عن البيئة في طوكيو 2002، وآخر في صربيا 2010، ومعرض سوري-سويدي مشترك بعنوان وجهاً لوجه مع المناخ 2010، ومعرض أغيثوا غزة في المتحف الوطني بدمشق 2009، ومعرض سوري-مصري في القاهرة بعنوان سكرتون 2009، والمعرض المتجول في “دمشق” 1997، ومعرض مهرجان الشباب الديمقراطي من 2000 حتى 2007.
حصل على العديد من الجوائز العالمية والمحلية منها “جائزة الأمم المتحدة للتنمية السكانية 2002، وجائزة الأمم المتحدة اليونيفيم 2003، وجائزة المستشارية الإيرانية في “دمشق” عن الحرب على العراق، وجائزة وزارة الإعلام للتنمية 2009، والعديد من الجوائز من وزارة التربية.
رسم الكاريكاتير في “الثورة وتشرين والاعتصام وجريدة القنديل، وجريدة صدى الأسواق، ومجلة زهرة المدائن، ومجلة السلامة المهنية، وعمل في الرسوم المتحركة والإخراج في قناة سبيس تون، وشركة النجم للإنتاج الفني وقناة (زارو تي في) في كردستان العراق وقناة سامراء العراقية”. مقيم حاليا في أربيل/هولير عاصمة كردستان.
أجرت ” شبكة آسو الإخبارية” معه الحوار التالي:
– حدثنا بدايةً عن رحلة اغترابك وأين كانت محطة الاستقرار؟
أنا مقيم حالياً في اقليم كردستان العراق في العاصمة أربيل، لا أعتبر هذا اغتراباً للكثير من الأسباب؛ فالاغتراب مصطلح لا ينطبق على أغلب حاملي جواز السفر السوري اعتباراً من 2011.
– ماذا تعني لك ديريك/ المالكية؟
للأسف لم أعش في ديريك، انتقلنا الى دمشق منذ عام 1984 حيث عشت ودرست وعملت، ولم تسنح لي الفرصة أن أزور ديريك إلا قليلاً، لكنني أحمل منها ذاكرة شارك في تكوينها والدي وأقاربي الذين كانوا يأتون إلى دمشق قادمين من ديريك. للأغاني والقصص والشعر دور في تشكيل صورة لديريك في مخيلتي زادها ألقاً خلال أول زيارةٍ لي لها؛ فأذكر إني حين زرتها أول مرة كي أستخرج (إخراج قيد الأجانب) بكيت على باب الحافلة بسبب تراكم الشوق الدفين داخلي كي أزور المكان الذي ولدت فيه… قرية “كنكلو ” القرية الصغيرة والجميلة والمكتنزة بالحكايا.
– كيف وأين ترى ديريك في عملك؟
ربما تغيب ديريك شكلاً عن رسوماتي لسببين: الأول أنني أرسم الكاريكاتير، وثانيها لأني لا أحمل مخزوناً بصرياً يفيض على ما أرسمه… لكن الوجوه التي أرسمها والقضايا التي تتعلق بالريف والزراعة وصراع الإنسان كي يعيش حياة كريمة في تلك المدن المنسية والمهمّشة… أظن أنها تنعكس بشكل أو بآخر في رسوماتي. في النهاية الإنسان ليس ابن ذاكرته الفردية فحسب، بل هو خليط من الذكريات المحيطة به من أب وأم وأجداد انحدروا من تلك المدن والقرى.
– ما سبب اختيارك للكاريكاتير ودخولك في عوالمه؟
بدأت رسم الكاريكاتير فعلياً منذ المرحلة الإعدادية لكنني لم أختر هذا الفن؛ التقينا في مكان ما وأتممنا طريقنا معاً، علّمني أشياءً كثيرة وصقلته في نواحٍ عدة بما يناسبنا.
– هل كان دخولك إلى عالم الكاريكاتير عن تخصّص أم عن موهبة؟
ليست هناك مؤسّسة أو مكان يعلِّمك الكاريكاتير أو يجعل من الرسّام رساماً كاريكاتيرياً… الكاريكاتير فن فطري برّي بطبعه، لكن التدرّب المستمر وتعلم التقنيات يساعد في قوته، لذا فقد اعتمدت الموهبة قبل أن ادخل “مركز أدهم اسماعيل” وهو للفنون التشكيلية، وبعد تخرجي من كلية الآداب كلتا الدراستين ساعدتني في الخطو نحو الأمام في مجال الكاريكاتير.
– ماذا عن تجربتك في تصميم الإنيمي واختلافه عن رسم أي نوع آخر من الكاريكاتير؟
الأنيمي هو أحد الطرق في رسم الرسوم المتحركة ولها صبغة يابانية؛ لذا فأنا رسام ومخرج للرسوم المتحركة بدأت فيها منذ عام 2005 وما أزال. في كثيرٍ من الدول يسمون الكاريكاتير بالكارتون وبينها صلات قوية من حيث السخرية والمبالغة والتبسيط… تختلف في مواضيعها وتقنيات تنفيذها… والحقيقة أنني طوّرت من أدواتي في الكاريكاتير بعد دخولي في عالم الرسوم المتحركة، وكان لتحريك الرسوم تأثيراً على رسوماتي الكاريكاتيرية… أعتقد أن من ينظر إليها يكاد يرى فيها الحركة.
– تتميز رسوماتك بسمة التبسيط ما السبب؟
أكثر ما يتمناه رسام الكاريكاتير أن يصل إلى البساطة وأشكرك فهذه الكلمة تشعرني بالغبطة… على أن لا يقع الرسام في مطبّ السطحية والابتذال بحجة البساطة. أما لماذا البساطة؟ فلأنها إحدى السمات التي تشكل هوية الكاريكاتير وإحدى أهم وأقصر الدروب التي أكسبت هذا النوع من الفن هذا الانتشار والاهتمام بين الناس.
– وما أهم القضايا التي تركز عليها غالباً؟
قضيتي الأولى والأهم هو الإنسان في مواجهة القمع والتهميش والظلم والتطرف الديني وسلب الحقوق. ثم تلك النتائج التي تنعكس على الإنسان وسلوكه في صورة قمع المضطهدين لبعضهم واضطهاد النساء والأطفال وتلك الأنا المتضخِّمة لشعوبنا هروباً من واقع يدعو للخجل، علماً أن الكاريكاتير لدى العديد من الرسامين المهمين هدفه رسم الضحكة وهو هدف نبيل بعيداً عن القضايا الكبرى… كم كنت أتمنى لو كنت أقدر على ترك تلك القضايا وأنشغل بالسخرية البيضاء البحتة التي ترسم البسمة ولا تعصر القلب.
– ما أهم التحديات التي تواجهك والصعوبات التي واجهتك خلال مسيرتك في رسم الكاريكاتير؟
في المقام الأول الحق في التعبير عن الرأي، تتبعها صعوبات تتعلق برداءة الوضع الإعلامي الكردي وإهماله للكاريكاتير كأحد أهم الأنواع الصحفية، ثم ندرة الوسائل التي تتقبل أفكاراً أرسمها لا تناسب السائد في الإعلام.
-هل يقلل عدم التكريم أو حصد الجوائز من شأن الفنان ونتاجه… على الأقل كرديا؟
قطعاً لا… فكلّ عمل فني يحمل جائزته في ذاته… كي لا يتحول الفنان من مبدع إلى صائد جوائز.
– هل لمدينتك حيز في رسوماتك؟
عن أية مدينة تسألني؟ تلك التي ولدت في قرية تتبع لها وخرجنا منها نتيجة لإهمال الريف وسياسة ترييف المدنية، فكبرنا على هوامش العاصمة ولا أدري بأي قدرة وأية إرادة استطعنا الخروج متعلمين ولدينا شيء من الطموح والموهبة؟ أم تلك المدينة التي كبرت فيها وأحببتها ثم رأينا الحرب وتجّارها يضنون علينا العيش فيها كل يوم فلفظتنا وبكل إرادتنا خارجها؟ وها أنا ذا في عاصمة أخرى أعطتني كثيراً ولا أعرف ما الذي ستأخذه مني!
لكن لا شك أن هذه المدن تركت أثرها، ولست المخوّل في الحديث عنها، هذه مهمة الناقد والناظر لرسوماتي.
*الصورة من الانترنت