أخبار وتقارير
الأهالي يدفعون ثمن احتكاره واقع الإسمنت في روجآفا فساد واستغلال
آسو-لورين صبري
قفز سعر كيس الإسمنت أخيرا من 2200 ليرة سورية عن الثمن النقدر للكيس الواحد -بحسب تسعيرة اتحاد تجار مقاطعة الجزيرة التابعة للإدارة الذاتية- إلى 4 آلاف ليرة سورية عن ثمن الكيس الواحد في السوق الحرة، وأحياناً بحسب الأهالي يصل السعر إلى أكثر من ذلك، الأمر الذي يشكل قلقاً لدى أصحاب المشاريع العمرانية والمتعهدين بمناطق روجآفا/شمال شرق سوريا.
احتكار وفساد…
يحاول “كاوا شيخموس” وهو من أهالي قامشلو/ القامشلي، لمدة أسبوعٍ كامل البحث عن طريقة للحصول على 5 أكياس من الإسمنت، لتعمير قبر والده الذي تهدّم بفعل الأحوال الجوية.
يقول “كاوا” إنه لمدة طويلة كان يخرج من بيته فجراً، في البحث عن أكياس الأسمنت، “كنت أعود خاوي اليدين كل يوم، بعد انتهاء دوام مؤسسة الإنشاء والتعمير التابعة للإدارة الذاتية”.
ويضيف “كاوا” لشبكة آسو الإخبارية، أن بعض موظفي مؤسسة الإنشاء والتعمير، يستخدمون عملهم الوظيفي لكسب المال، فيقومون ببيع كميات كبيرة من الأسمنت للمتعهدين. ويذكر “كاوا” أن الرقابة الداخلية غائبة “على كل حال وجودها وجولاتها لا يغيران من الواقع شيئاً”.
ويتابع ” كاوا ” متذمراً بأن من يحق له أن يبكي حاله هم الأهالي الذين يحاصرهم الاحتكار في كل اتجاه… ويقول إن تجار هذه المادة وضعوا تجميع المال نصب أعينهم “على الرقابة والضابطة كما يسمون أنفسهم أن لا يتركوا السوق إلا بعد أن يتم تحريره من هذه الاحتكارات التي تدمر الاقتصاد وتضر بشكل مباشر بمستوى معيشة المواطن.”
ويشتكي “كاوا” من استمرار احتكار استيراد الإسمنت من بعض التجار المحسوبين والمدعومين من قبل شخصيات متنفِّذة في الإدارة الذاتية.
ويعترف بعض التجار بأحقية شكاوى المواطنين حيال عدم إمكانيتهم لتأمين مادة الإسمنت بأسعارٍ معقولة، “الاحتكار هو العنوان الرئيسي لهذه الأزمة”.
“كوران علي” من تجار مادة الإسمنت في مدينة قامشلو يبرر الشكوى التي تصدر عن الأهالي بأن ما يحصل هو “احتكار صريح لهذه المادة حيث يكاد يستحيل أن يحصل الفرد على الكمية التي يحتاجها، إن لم يكن يعرف أحداً داخل المؤسسة، أو يقدم رشوة للحصول على الكمية المطلوبة”.
يضيف “علي” بأنهم يستغربون من تصرفات مؤسسة الإنشاء والتعمير، لأنها في بداية عملها رفعت شعار أنها في خدمة الأهالي، لكن في الواقع لا يمت إلى المصداقية بصلة.
أما المتعهدون فإنهم يعتبرون أن لا مبرِّر أبداً لخلق أزمة الإسمنت طالما تتوفر إمكانيات وجودها وتداولها.
يقول “عبدالرحمن علي ” وهو متعهد بناء في مدينة قامشلو لشبكة آسو الإخبارية، إن عبور الشاحنات الخاصة باستيراد مادة الإسمنت، بات مسموحاً منذ الشهر السابع للعام 2019، “المعروف أن كمية مادة الإسمنت في شركة الانشاءات والتعمير التابعة للإدارة الذاتية تكفي لتلبية متطلبات السوق من هذه المادة ولا مبرر لهذه الأزمة.”
الخنادق المكلفة وغياب الشكوى…
انتشرت في مناطق روجآفا/شمال شرق سوريا في الشهور القليلة الماضية، عمليات تأسيس وحفر خنادق تحسبّاً -كما يقول مسؤولين في الإدارة الذاتية- لأي عمل عسكري محتملٍ من الجانب التركي الذي هدّد علانية بالقيام بذلك، لكن هذه الخنادق أثرت بشكل كبير على توفّر مادة الإسمنت كونها تتطلّب كميات هائلة منها.
يؤكِّد “هوزان محمد” الإداري في مؤسسة الانشاءات والتعمير لشبكة أسو الإخبارية، أن “الضغط الحاصل على المؤسسة لمادة الاسمنت، سببه الواقع العسكري الذي يفرض علينا تجاه التهديدات التركية، فيتطلب أن نستكمل حفر الخنادق وتجهيزها، وهذه المشاريع تتطلب كميات كبيرة من الاسمنت، لأن الأولوية تعطى لهذه المشاريع” .ولكنه لا ينفي وجود احتكار لمادة الإسمنت.
فيقول، “تقوم الضابطة بجولاتها الرقابية على تجار السوق، ولكن لايزال المواطن لايملك ثقافة الشكوى، فنحن لا نستقبل شكاوى مكتوبة وموجهة لجهة معينة حتى نقوم بمعاقبتهم ولا ننكر أن هناك موظفين فاسدين وتم توقيف بعضهم عن العمل أيضاً”.
وعن الحلول لهذه الأزمة نوّه “هوزان محمد” إلى أن الباب سيكون مفتوحاً للتجار باستيراد مادة الإسمنت بكميات كبيرة عبر معبر سيمالكا الحدودي عند إعادة فتحه في المستقبل، وبالتالي رفد المخازن وامتلاؤها وزيادة رصيد المادة في السوق. “هذا سيخفف العبء على المؤسسة ويغلق باب الاحتكار”. بحسب قوله.
يشار إلى أن المنطقة تحتاج إلى خمسة آلاف طن يوميًا، من مادة الإسمنت لتلبية متطلبات الأهالي، حيث الكثير من المشاريع العمرانية قد توقفت بسبب فقدان مادة الاسمنت وغلاء سعرها، ما زاد من سوء عملية توزيعها وصعّب على المواطنين تأمينها بأسعارٍ معقولة.