أخبار وتقارير
تخشى على لعبتها من القصف… فاطمة طفلة نازحة تشتاق سريرها الزهري
آسو-لورين صبري
تحرير (س.د)
تمام الساعة (النزوح والقصف التام)، مواقيت الساعة الحالية لأهالي سري كانيه/رأس العين. للنازح بينهم وغير النازح، ذلك بعد أن توقفت عقارب الساعات الاعتيادية أمام ناظرهم، هروبًا قسريًا، من قصف العدوان التركي على المدينة.
يتبارى لذهن “فاطمة” (8 سنوات) سريرها الزهري، الذي اشتراه والدها لها، بعد أن جمعت ثمنه من هدايا نقدية لها في يوم عيد ميلادها الثامن.
تحاول الأم أن تقنع “فاطمة” على النوم، في وقت مبكر قبل الليل، فهذا ليس الموعد المعتاد للنوم، لكن للأم غاية فتريد أن تنسي ابنتها أن العائلة نزحت من مدينتهم سري كانيه/رأس العين، باتجاه قامشلو/القامشلي، وأنهم يقطنون في مأوى بمدرسة في قامشلو.
جدران المكان باردة على العائلة، المكان تبدل، ليس هناك جدار مثل جدار المنزل، كما تقول “أم فاطمة” التي تحاول أن تخفي حزنها وخجلها خلف كبريائها، وتقول لم نعتد على الحياة هذه “أحاول جاهدة الاقتناع وإقناع أطفالي لكن هذا صعب جدا”.
تفكر “أم فاطمة” بـ “حمود” وهو ابن عم فاطمة، شاب في الـ 25 من العمر، مدلل لدى الأسرة و “فاطمة” متعلقة به، تقول إنه مفقود “لقد ظننا أنه سبقنا إلى تل تمر أثناء النزوح، لكن بعد وصول الجميع لهناك تبين أن حمود مفقود”.
في اللحظة التي تتساءل فيها “فاطمة” عن سريرها، تقوم الأم باسكاتها وإخبارها “العائلة الآن تبحث عن” حمود” وأنت تفكرين بسريرك”.
حلم “فاطمة” هو العودة والنوم على سريرها، فهي لا تدرك من الحياة القسوة التي كتبت لها، ولا تستطيع أن تدرك ذنبها وذنب الأطفال الذين يضطرون للعيش في مأوى داخل مدرسة، بعيدًا عن مدينتهم التي أخرجهم منها العدوان التركي.
هي الليالي الأولى التي تنام فيها فاطمة خارج المنزل، بعيدًا عن مدينتها ومدرستها، تقول الوالدة “الحمد لله أننا خرجنا أحياء هربًا من القصف المرعب”.
براءة “فاطمة” تدفعها للسؤال عن “حمود” ابن عمها بينما والدتها لا تزال تقنعها بالنوم في وقت مبكر. فتقول “فاطمة” “أمي أظن أن” حمود” في الفرن فقد وصيته أنت ليقوم بشراء الخبز لنا (فهل بقي هناك)”. تجيب الوالدة “فطوم (كناية عن اسم فاطمة)…. الأفران لا تعمل تحت القصف، لم يبق أحد في المدينة ليشتري الخبز، الأفضل أن تنامي ابنتي فاليوم كان شاقًا علينا”.
تقول “أم فاطمة” إن العيش ليومين في المأوى داخل جدران مدرسة في صف مدرسي، من الصعب أن يستطيع الإنسان البقاء بعقل سليم فيه، “فاطمة تخبرني أن اتصل بـ” حمود” ليجلب لها لعبتها فهي طفلة لا تدرك من هذه الحياة شيء، كيف ستتعود على هذا الحال!”.
وتضيف بأن اشتياق “فاطمة” للعبتها، جاء بعد الحديث عن القصف بأنه يقتل الناس، فهي تخشى على لعبتها لاعتقادها أيضًا أن اللعبة قد قتلت في القصف.
خلفت الحرب في سوريا أرقامًا مهولة من الضرر الذي لحق بالأطفال وهم الشريحة الأكثر تضررًا.
عائلة “فاطمة” نزحوا من مدينة سري كانيه/رأس العين بسبب العدوان التركي وفصائل المعارضة السورية على المدينة بتاريخ 09 تشرين الأول 2019.
*الصورة تعبيرية من أرشيف الشبكة