Connect with us

أصوات نسائية

قضايا النساء بمخيم الهول… معاناةٌ متعددة الجوانب ومستقبل مجهول

نشر

قبل

-
حجم الخط:

في إطار عملها المتواصل لرفع وعي النساء ودعم تمكينهن الاجتماعي قامت مؤسسة تاء مربوطة بإدارة “ميساء حسين” بمتابعة مشروعها في توعية النساء في مخيم الهول ورفع احتياجاتهن ودعم اشراكهن بحوارات تساهم بتسليط الضوء على مشاكلهن والتحديات التي يواجهنها في يومياتهن داخل المخيم سواء كن أمهات أو زوجات أو بنات، وذلك بهدف تطوير واقع المخيم، ووضع خطة تدخل لرفع مستوى الحياة الاجتماعية للنساء فيه وبناء أسس حوار ومناقشات وتبادل الآراء، لإيجاد حلول مشتركة لمشاكلهن، نظمت كلاً من “مؤسسة تاء مربوطة” بالتعاون مع “وقفة المرأة الحرة في روجآفا”، جلسة نقاشية نسائية داخل “مخيم الهول”، الأحد 17 تشرين الثاني.

تضمنت الجلسة نقاشًا حول القضايا المتعلقة بالمرأة في مخيم الهول، ظروفها، وآمالها، وآفاق حريتها، والمشاكل المحيطة بها والتي تواجهها في حياتها بالمخيم.

تأتي هذه الجلسة من ضمن النشاطات التي تقوم بها مؤسسة تاء مربوطة بالشراكة مع وقفة المرأة الحرة في روجآفا، للوصول بكافة المكونات والشرائح الموجودة داخل مخيم الهول، إلى مستوى من الوعي والإدراك للمتطلبات العصرية والذهنية الواعية، وقدر من الإدراك للأخطار الاجتماعية والصحية التي من شأنها أن تؤثر على دورها في المجتمع كونها أم ومربية لأطفال، وخاصة داخل مجتمع المخيمات.

شاركت في الجلسة الحوارية 20 امرأة، من المخيم (من النازحات السوريات واللاجئات العراقيات)، تراوحت أعمارهن بين الـ 18 والـ 38، حيث استمرت الجلسة قرابة الساعتين.

الإدارية في وقفة المرأة الحرة “ياسمين عثمان” ذكرت أنه يتوجب على جميع المنظمات العاملة في المجتمع المدني، ومن خلفها الدول الداعمة، تحمل المسؤولية الكاملة لإنشاء جيل نسائي معزز بالقيم والمبادئ الأخلاقية والتعليمية في جميع مجالات الحياة، وتشجيعهن على الخروج من تلك الضغوطات النفسية التي مرت بها النساء في ظل حكم داعش على بعض المناطق بسوريا، والتي ما تزال تأثيراتها الجانبية موجودة حتى اللحظة.

وشجعت “عثمان” الاستمرار في النشاطات التي تتضمن حوارات ودعم نفسي واجتماعي، لسكان المخيم، وركزت على النساء والأطفال، مؤكدة أن “فيها فائدة حقيقة لتقويض فكر الإرهاب والتطرف، الذي تم غرسه في نفوس شريحة كبيرة من المجتمع الذي كان قد سيطر عليه تنظيم داعش الإرهابي”.

وبالحديث عن تفاصيل الجلسة، تقول “عبير محمد”، المنسقة العامة لمشروع تاء مربوطة والمسؤولة المكلفة عن تنظيم النشاطات بين تاء مربوطة ووقفة المرأة الحرة، إن الجلسة تناولت عدة محاور وبمجالاتٍ مختلفة ومنها، دور الأم في الرعاية والاهتمام، والذي يعتبر المدرسة التعليمية الأولى والأهم في توعية الفتيات وسيرهن نحو عملية التعليم والاجتهاد، والمضي قدماً بمبادئ وقيم أخلاقية تتناسب مع مجتمعاتنا التي نعيش فيها.

وبحسب “عبير محمد” تمت مناقشة مسائل عدة خلال الجلسة مثل زواج القاصرات وتعدد الزوجات، كظاهرتان منتشرتان بشكلٍ كبير وملحوظ داخل المخيم في الآونة الأخيرة.

وذكرت “بشرى حامد” المشرفة التنفيذية في مشروع تاء مربوطة، أن هناك ردود فعل إيجابية من قبل المشاركات، تهدف إلى السعي للحد من هذه الظاهرتين، كما أبدت العديد من السيدات المشاركات رأيهن تعقيبا على هاتين الظاهرتين،

فتقول “نغم” إحدى المشاركات وعمرها 16 سنة بأن هناك الكثير من الفتيات في سنها متزوجات، ولديهن أطفال “هذه حالة شائعة تتعرض لها الفتاة لعدة أسباب منها إجبار الأهالي للفتيات وغصبهن على الزواج، حتى ولو كان الزوج أكبر منها بعشرات السنين، لعدم قدرتهم على تحمل مسؤولية تربيتها أو طمعا بالمال أو بحكم الأعراف والتقاليد أو كنتيجة للفكر الذي تم غرسه في نفوس الأهالي خلال فترة سيطرة داعش باسم الدين”.

من جانبها تقول “رغد” وهي أم لـ 4 أطفال “لدي ضرة عندها 3 أطفال يقطنون ضمن خيم منصوبة بجانب بعضها البعض، فمسألة تعدد الزوجات موجودة وبكثرة” وتضيف “دعيني أخبرك أن المرأة بحكم مشاعرها وعاطفتها لا تقبل التشارك بأصغر التفاصيل الخاصة بها، فماذا لو كان هناك شراكة بزوجها، لكن بحكم الظروف التي مررنا بها والواقع الذي نعيشه اليوم، بتنا نتقبل كل شيء على مضض تحت شعار (أن نعيش لأجل أطفالنا وكرامتنا)”.

وتعددت المواضيع التي طرحت داخل الجلسة، تدرجت لحدود حساسة مثل الحديث عن “التحرش والاعتداء الجنسي”، فقد تم الحديث عن تواجد الظاهرة في المخيم، فتقول “رغد” الظاهرة منتشرة “انتشار ظاهرة التحرش الجنسي والاعتداء اللفظي والجسدي من قبل أشخاص ملثمين وغير معروفين من ضمن المخيم”.

وتقول “أم محمد” إحدى السيدات المشاركات في الجلسة إنهن يتعرضن لكثير من الاعتداءات من قبل أشخاص ملثمين “لا نستطيع أن نبلغ أو نتحدث عن الموضوع لأننا نتعرض لتهديدات”. وتضيف “تكثر هذه الحالات مساءً، في محيط عوائل تفتقر لرجال”.

“ليلى” اسم مستعار لفتاة كانت جريئة بالقول إنها تعايش ضغوطات لعدم ارتدائها النقاب، تقول “أنا لا اقتنع بالنقاب لم نكن في سوريا نرتديه لذا اتعرض لمضايقات من نساء داخل المخيم”.

“بشرى حامد” تذكر أن أن الجلسة قد تناولت دور المرأة العاملة في المجتمع، بأن عملها في المجتمع يعكس انطباعاً متميزاً بالتعايش المشترك بين المرأة والرجل، ويمنح شعور بالمساواة، من دون تفضيل أي منهما على الآخر، إضافة إلى تعزيز قدرات المرأة وترسيخ جهودها في تطوير الذات للرقي نحو الأفضل سواء كانت داخل المخيم أو حتى خارجه، مؤكدة على ضرورة تحفيز النساء لأن يكن شريكات للرجل، وكسر الحواجز التي زرعها داعش في مجتمعاتهن”.

تحدث بعض السيدات عن تجربتهن في العمل داخل المخيم فتقول “أم عامر” التي توفي زوجها قبل عام وتاركًا لديها 3 أطفال “أعيش مع أمي وأختي وأطفالي في خيمة صغيرة، هذه الخيمة الورقية المهترئة التي تفتقر للأمان والدفء ولكل شيء، اضطررت أن أتحمل مسؤولية عائلتي وأنا بعمر صغير، لم يكن لدي خيار آخر إلا العمل بائعة لبعض المواد والألبسة، أما الآن فقد خضعت لدورة خياطة وتمريض ضمن مكتب وقفة المرأة وسأبحث عن عمل يكون وارده أكثر وأفضل”.

“أصبحت شخصيتي قوية وبدأت أعتمد على نفسي، عملت في عدة مجالت ضمن المخيم كالخياطة والعمل كمتطوعة لدى عدة منظمات تعمل في المخيم، من خلال هذا العمل استطعت أن أعيش مع عائلتي الصغيرة بكرامة، لأن الحياة وضعتني ضمن محطات ومواقف خسرت فيها الكثير لكن كان لابد لي أن أقف وأنهض لأبدأ حياة جديدة لأمحي كل الماضي الأسود الذي عشته خلال فترة سيطرة داعش، العمل يزيد المعرفة ويفتح لنا مجالات وآفاق كبيرة، كما ينمي قدراتنا ويجعلنا نطمح دومًا لتحقيق الأفضل”

في حين تتحدث النساء عن مطالبهم، تم التطرق لظروف المخيم، وأيضًا انتشار فكر التنظيم، ومعاناة إدارة المخيم، والحراس، من الاستهداف الدائم لهم من قبل المنتمين لداعش داخل المخيم.
فيقول إداري في المخيم (لم يكشف عن اسمه)، إن المخيم فيه أكثر من 70 ألف انسان، يوجد داخل المخيم منتمون لفكر داعش ويحملون فكرًا متطرفًا، العمل على تقويض فكر التنظيم، وضبط هؤلاء يحتاج لجهد كبير وقدر كبير من العمل دوماً “هذا ما نحاول العمل عليه لخطورة الفكر الذي يحملونه”.

وأشارت “بشرى حامد” إلى أنه دار خلال الجلسة حديث حول الأوضاع الصحية حيث اشتكت النساء من الوضع الصحي المتردي والأمراض المنتشرة بين النساء والأطفال بسبب سوء التغذية والمياه الملوثة وغير المعقمة، حيث روت “أم يوسف” أطفالي ال 3 مصابين بأمراض جلدية وذلك نتيجة للمياه غير النظيفة التي نشربها، بالرغم من التقيد بالتعليمات حول كيفية تعقيم المياه لكن لا فائدة، وهناك الكثير في المخيم يعانون من حالات الإسهال إضافة إلى أمراض التهاب الأمعاء بسبب المياه والمواد الغذائية الفاسدة ومنتهية الصلاحية التي يتم توزيعها علينا”.

في نهاية الجلسة عبرت المشاركات عن سعادتهن بالمشاركة في الحديث عن مشاكلهن، وعن إيجابية عقد مثل هذه الجلسات الحوارية بشكل دوري لنساء المخيم، وتحدثن عن ارتياحهن للتعبير عن ضغوطات نفسية يتعرضن لها قد أثارت التعب والإرهاق في نفوسهن، تتلخص بالأساليب التي كانت تُتبع بحقهن في فترة سيطرة داعش على مناطقهن، إضافةً إلى معاناتهن من ظروف حياتية سيئة ضمن المخيم الآن، وطالبت النساء الجهات المعنية بتغيير نوع الخيام إلى نوع أفضل، وطالبن بحراسة مشددة خاصة بأوقات الليل، وكذلك طالبن بزيادة فرص العمل المولدة للدخل داخل المخيم لمواجهة الاحتياج الاقتصادي.