مدونة آسو
في شأن التحرش الجنسي
مسعود عكو
يعتبر التحرش الجنسي جائحة لا تقل شأناً عن فيروس كورونا، وخاصة إن أصبحت في نطاق العمل. ليكون بوابة للابتزاز واستغلال الأبرياء، أو الصعود في الهرم الوظيفي، وانتهاز الفرص، وحرق المراحل التي تتطلب جهداً وعملاً دؤوبين.
لا يقتصر التحرش الجنسي في قطاع عمل الإعلام، كما صدر مؤخراً تقرير للصحفي حمزة همكي نشر في موقع نورث برس، وسرعان ما حذف دون أي توضيح. بيد أن واقع الإعلام في شمال شرق سوريا وربما في كل سوريا، أصبح الحقل الوحيد الذي يمكن العمل فيه لمن هب ودب. لا معايير واضحة لاختيار الإعلاميين، حيث تنتهج أغلب المؤسسات الإعلامية سياسات غريبة في التوظيف، قليل منها مهنية في الاختيار، وغالبيتها انتهازية نفعية مصلحية وغير ذلك.
المؤسسات التي توظف (حي الله) شخص في مهنة الإعلام، ستصبح مرتعاً للابتزاز الجنسي والاستغلال الوظيفي. مهنة الإعلام باتت تدر ربحاً مادياً كبيراً، قياساً بالرواتب والمعاشات الأخرى. ناهيك عن راتب المؤسسة العاملة فيها الموظف، فإن غالبية عمال الإعلام يقومون ببيع الصور والفيديوهات والمواد لعدة مؤسسات أخرى بمبالغ خيالية. وصل ثمن دقيقة الفيديو الواحد إلى ألف دولار، والصورة الواحدة بثلاثة مائة دولار أحياناً.
ناهيك عن الربح المادي لمهنة الإعلام، هناك عامل هام ألا وهو التفاخر بحمل بطاقة إعلامية، تعطي صاحبها صلاحيات حضور المؤتمرات والتنقل بحرية في الطرقات العسكرية، وتخول حاملها الوصول إلى نقاط ومكاتب ومؤسسات بحرية.
تُستغل الفئات الضعيفة في هذا الشأن، الحاجة لفرصة عمل، أو ربما للفخفخة الجوفاء. فتعطى الفرص لمن هم وهن أقل شأناً من غيرهم. أعرف عدد من الصحفيات والصحفيين فقدوا فرص عملهم، بسبب منافسة من حسناء لا تعِ الخمسة من الطمسة في الإعلام، ولكن لها علاقة مع المشغل.
أحب الإعلام، هكذا ترد بعد الفتيات على سؤالنا لهن: لماذا الإعلام؟ أنت لست أكاديمية في الإعلام، ولا تتميزين بالقدرة الإبداعية كي تثبتِ نفسك، ولا تملكين المال لإنشاء مؤسستك الإعلامية الخاصة. إذن الطريق واضح، وسهل على البعض، خاصة في واقع موبوء، نعم السماح باستغلالهن “جنسياً” للوصول إلى ذلك الهدف.
شرح الواقع لا يعني الموافقة عليه، وكي لا أُفهم بشكل خاطئ، أنا ضد هذا الابتزاز والتحرش قولاً واحداً، ولا يجوز الاستغلال بكل مفهومه، فما بالك بالجنسي. ولكن توظيف الأشخاص عديمي الكفاءة، وتقبل بعض الفتيات استغلالهن، من الطبيعي سيؤدي إلى الابتزاز والاستغلال والتحرش الجنسي.
يجب على المؤسسات الإعلامية العاملة في شرق الفرات، مراجعة سياسات التوظيف، وانتهاج قيم ومبادئ المهنية في هذا الشأن، واحترام القوانين والمواثيق الناظمة للعمل، ومعايير العمل الدولية، وأخلاقيات ومبادئ العمل الإعلامي، وعدم استغلال الفئات العمرية الصغيرة، ومراعاة الجندرة مع التشديد على المهنية في الاختيار والتوظيف، وليس فقط من أجل استكمال الصورة الجميلة والخاوية للمؤسسة الإعلامية.
*المادة تعبر عن رأي صاحب المقال
*المقال نشر بتصرف