مدونة آسو
الإعلاميون في شمال وشرق سوريا في اختبار بوجه “كوفيد19”
آسو – آريا حاجي
لم تعتد عدسة كاميرة “سولنار محمد” على التقاط صورٍ لشوارعَ خالية، لكن لأزمة فايروس كورونا “كوفيد- 19” أحكامًا جديدة على الصحفيين، فكانت تلك أولى التغييرات التي طرأت على محتوى عملها وأولوياته.
صحافيون تسلحوا لتغطية الأزمة:
تعمل “سولنار” مراسلة ميدانية لوكالة نورث برِس الإخبارية من مدينة ديريك / المالكية، فتصف عملها في ظل حظر التجوال لمواجهة “كوفيد-19” من المراحل الصعبة التي عاشتها خلال سنواتٍ من العمل في مجال الإعلام، وترى نفسها أمام تحديين، واجبها في نقل الأخبار والمستجدات من جهة، وكَون طبيعة عملها استثنتها من الحظر، ذلك ما سبب لها قلقاً نفسياً بسبب الخوف من التقاط الفيروس من جهة أخرى نتيجة حركتها لمتابعة الواقع كمراسلة صحافية.
تقول “سولنار” إن المؤسسات الإعلامية تواجه تحدٍّ كبير، ويجب أن تتعامل بمسؤولية تجاه الحفاظ على العاملين/ات معها, كون الصحفي/ة في تغطية هذه الأزمة الصحية لا ي/تتحمل مسؤولية نفسه/ا فقط بل مسؤولية كل من ي/تختلط معهم أيضاً”.
واتخذت الكثير من الوسائل الإعلامية اجراءات وقائية داخل مكاتبها، كتخفيض ساعات العمل، ومنع تجمّع العاملين داخل غرف الأخبار والتحرير.
كان ذلك إلى جانب إطلاق إدارة شمال شرق سوريا قرارات تتعلق بضرورة الوقاية والحجر.
عايشت “لافا أسعد” مراسلة فضائية كردستان 24 هذه التغييرات في مكتب القناة بمدينة قامشلو / القامشلي، والتي اعتادت على العمل في جوٍّ من التجمع مع زملائها، فتقول لشبكة آسو الإخبارية: “تغييرات كثيرة طرأت على عملنا من تغيّر محتوى إلى اعتيادنا على وجود المعقمات وأجهزة فحص الحرارة في كل مكان للوقاية من الفايروس”.
وتضيف “أسعد” بأنها تعمل بضغط أكبر مقارنة مع ما قبل أزمة كوفيد 19، حيث أثّرت الأزمة على جوانب كثيرة من حياة الأهالي القاطنين في شمال وشرق سوريا ما يتوجب عليهم/ن تغطيتها بالكامل.
الصحافة في مواجهة كورونا:
لم تكن أزمة كوفيد 19 لتستثني الصحفيين/ات من التغييرات الكبيرة التي ألمّت بالمنطقة، فباتت التقارير الصحفية مقيّدة بإطار معيّن، ولم يعد باستطاعة الصحفي/ة تجاوزه في مطلق الأحوال.
انتقادات كثيرة توجهت للتغطية الصحفية للأزمة الصحية في شمال وشرق سوريا، فمن وجهة نظر “جهاد درويش” مصور الوكالة الفرنسية، أن غالبية المؤسسات الإعلامية فشلت في تقديم المعلومة إلى متابعيها, سواء من ناحية نشر مخاطر المرض أو التوعية منه في حال انتشاره في المنطقة.
ويضيف “درويش” أنه على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية الالتزام بأدنى معايير العمل الصحفي والتي تقتضي عدم انتهاك خصوصية الفرد، حيث قامت بعض المؤسسات الإعلامية بذكر أسماء لمشتبهين بإصابتهم بالفيروس، وهذا ما دفع الناس بالابتعاد عنهم ونبذهم في كثير من الأحيان، وأيضًا شكل حالة خوف في المجتمع.
في السياق، يرى “رودي سعيد” مصوّر وكالة رويترز أن التغيّر في المشهد الصحفي في شمال وشرق سوريا، لم يكن كبيراً كما كان متوقعاً، لكن الملفت للانتباه على حد وصفه، هو تحوّل الكثير من الوسائل الإعلامية العاملة في المنطقة من إعلام حربي إلى منابر لنشر التوعية فيما يخص كوفيد 19.
من جهة أخرى يعتبر “سعيد” أن أغلب الإعلام في المنطقة كان مقتصراً ولسنوات على معايشة تغطية الحروب والنزاعات، لذا فإنه بحاجة لمرجعية لمعرفة كيفية ومعايير تغطية هذه الأزمة الجديدة، ليتعلم الصحفي كيف لا يكون جزءاً من هذا الوباء.
صحفيو/ات شمال وشرق سوريا غائبون عن التدريبات الخاصة بالأزمة:
فرضت أزمة كوفيد 19 نظام العمل عن بعد، وبتوفّر الانترنت في كل مكان، زادت فرصة الصحفيين في الحصول على تدريبات في كافة المجالات عن بعد.
ونظّمت عدة منظمات دولية معنية بالعمل الصحفي, دورات تدريبية بنظام (الأون لاين) تحت مسمى (ويبينار) بغية تدريب الصحفيين على معايير تغطية هذه الأزمة “الجديدة” على العالم أجمع، ويرى “هيبار عثمان” مراسل قناة الحرة، أن تواجد الصحفيين العاملين في شمال وشرق سوريا ضمن هذه التدريبات قليل جداً رغم توفّرها، قد يكون بسبب مشاكل تقنية على حد وصفه.
ويضيف “عثمان” أنه على الصحفي/ة أن ت/يعلم أهمية حياته/ا وسلامته/ا وتفضيلهما على أية قصة صحفية مهما بلغت أهميتها، حين تشكل خطراً على حياته/ا، ويؤكد هيبار على أهمية خضوع الصحفي/ة لتدريبات تخص إدارة القلق والتوتر الذي قد ينجم عن تغطبة أزمة مثل كوفيد 19.
قد تعتبر أزمة كوفيد 19 اختباراً وتحديّاً مهماً أمام الإعلام في شمال وشرق سوريا ليتمكن من إعادة بناء الثقة بالعمل الإعلامي واعتباره سلطة لها تأثيرها سواء كانت في الحياة الطبيعية، الحروب أو الأزمات الصحية.