Connect with us

مجتمع محلي

شابّ أربعينيّ من الرقة باع أدوات منزله لدفع الجزية لداعش

نشر

قبل

-
حجم الخط:

براياته السوداء، دخل تنظيم داعش الإرهابي مدينة الرقة، وأعلن السيطرة عليها في آب 2014، لتبدأ حقبة مريرة من حياة أهالي هذه المدينة.

بادر التنظيم بتسليط السيف على كل شيءٍ مختلف عن عقيدته الظلامية، واعتمد سياسة تقوم على الترهيب، لبثّ الرعب والخوف في نفوس السكان، وتوطيد سلطته التي قامت أركانها على دماء آلاف المدنيين الأبرياء.

جورج يوسف، يبلغ من العمر 37 عام، وهو أحد أبناء الطائفة الأرمنية، يذكر لنا كيف أن جميع أبناء طائفته لاذوا بالفرار من المدينة، خوفاً من بطش هذا التنظيم الذي بات يشكّل مصدر رعبٍ للجميع على حدٍّ سواء.

لكن على خلافهم، اضطرّ جورج إلى البقاء في مدينة الخوف، نظراً لسوء حالته المادية، وعدم امتلاكه المال الكافي للفرار.

“كنّا نشاهد الدماء تسيلُ في الطرقات، كان القتل يُمارس بشكلٍ يومي بدمٍ باردٍ”، هكذا يصف جورج، لشبكة آسو الإخبارية، مشهد المدينة في لقطةٍ موجزةٍ ومكثّفةٍ، تلخص المأساة الرهيبة التي عاشها أهالي الرقة في ظلّ التنظيم.

كان جورج يُعتبر “كافراً” في نظر أفراد التنظيم، لذلك توخى الحذر على الدوام، وآثر اختيار العزلة وعدم مخالطة الناس، فالتنظيم ينتظر من أبناء الطوائف الأخرى هفوة صغيرة ليقوم بإعدامهم بلا هوادة، يقول جورج.

وفي شهر حزيران من عام 2015 أصدر تنظيم داعش قراراً يخير أبناء الطائفة الأرمنية بين دفع الجزية ودخول الإسلام، وما كان من جورج إلّا أن يسارع إلى تأمين المال لدفع الجزية، فهو لا يريد ترك دينه بكلّ الأحوال، وذلك على حدّ وصفه.

يقول جورج: “اقترضتُ مبلغاً من المال، واضطررتُ إلى بيع أدوات منزلي، في سبيل تأمين مبلغ الجزية، واتجهتُ لأوّل مرّةٍ إلى مقر لداعش، لكنّي لم أجد في تلك العيون المليئة بالشرور، سوى نظرات الاستحقار والاشمئزاز”.

ويضيف: “بعد دفع الجزية، منحوني بطاقةً عدم تعرّض، لكن مع ذلك لم تكن تلك البطاقة تبعث على الراحة والطمأنينة في نفسي، ولم تكن تشفع لي كثيراً، فكلّ من كان يراها من عناصر التنظيم، كان يبدأ بإطلاق الوعيد وممارسة أنواع الضغط النفسي تجاهي، كوني أعتنق عقيدةً مختلفة عن عقيدتهم”.

وعلى الرغم من دفع جورج الجزية، إلّا أنّ ذلك لم يشفِ غليل التنظيم، فأجبروه على اعتناق الإسلام مكرهاً، وما كان منه إلّا أن يرضخ لأمرهم بشكلٍ ظاهريّ، حرصاً منه على حياته، إلّا أنّه بقي يمارس طقوس عبادته في الخفاء.

وبقي جورج على هذه الحال إلى حين خروج تنظيم داعش ودحره على يد قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي منتصف شهر تشرين الثاني عام 2018.

ويختتم جورج حديثه لشبكة آسو الإخبارية بالقول: “بعد خروج داعش من المدينة، عدتُ إلى ديانتي وإلى ممارسة طقوسي الدينية، ليس لأنّي لا أحبّ الإسلام، بل لأنّني أحبّ ديني، ولن أتخلّى عمّا أومن به مهما كلّفني الأمر” .