أخبار وتقارير
في إطار الفلتان الأمني ضمن مناطق سيطرة الفصائل الموالية للاحتلال التركي… تزايد حالات الاختفاء القسري واختطاف المدنيين
يامن الخالد – حلب
“يكاد لا يمر يوم دون أن يسجل هناك حالات اختفاء قسري بين المدنيين، من بينهم نساء وأطفال، ولأسباب غامضة، في ظل عجز واضح من قبل فصائل الجيش الوطني السوري على ضبط الواقع، بل لديهم دور كبير في الفوضى”، هذا ما يقوله أحد المواطنين الذين يقطنون في شمال غرب سوريا، في مناطق يفترض أنها تسمى “محررة”، أي أنها خارج سيطرة الحكومة السورية وهي بيد المعارضة السورية، التي تبنت “الثورة السورية” على أساس أن تنقل بالبلاد لحال أفضل من سابقه.
وتستمر حالة الفلتان الأمني في مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري، يقول المواطن، الذي يؤكد تنوع حالات الاختفاء القسري في مناطق المعارضة، ويصنفها لنوعين، إما اختطاف على أساس شخصي، أو اختطاف تقوم به شبكات منظمة هدفها الفدية المالية.
وتواصلت شبكة آسو الإخبارية مع العديد من المواطنين وأيضًا متابعين للشأن وصحفيين، في مجمل أجوبتهم، إلى تأكيد حالات الاختفاء القسري وأنها إما بشكل شخصي، أي بفعل الاختطاف أو الاحتجاز أو بشكل ثأري من قبل جهات لديها سلطة بحق أشخاص ليس لديهم سلطة، أو تكون على أساس أسباب شخصية والتي تحصل بحق السكان الأصليين أو المستوطنين، فيكونون عرضة للاختفاء وتكثر هذه ضمن المناطق التي يتواجد فيها السكان الأصليين في مدن مثل عفرين وسري كانيه\ رأس العين المحتلتان، أو لنازحين ومهجرين ومنهم مستوطنين ليس لديهم معرفة بجغرافية المنطقة، أما الاختفاء القسري من النوع الثاني ويشكل خطرًا، وتهديدًا لحياة المدنيين، هو الاختفاء عبر عصابات وشبكات منظمة، تعمل تحت جنح الفصائل، حيث تتدعي الفصائل العجز عن توقيفها لكن في الواقع هذه العصابات تعمل بمعرفة وعلم لدى الاحتلال التركي وفصائل الجيش الوطني السوري.
وفي شهادته “لشبكة آسو الإخبارية” يقول” أحمد أبو العبد” (اسم مستعار لصحفي يقيم في مدينة إعزاز في ريف حلب الشمالي) إن الفصائل الموالية للاحتلال التركي فشلت بشكل كبير في ضبط حالة الأمن والاستقرار ضمن مناطق نفوذها وتشهد جميع المناطق حالة من الفلتان الأمني الذي يرهق المدنيين، وتعد ظاهرة الاختفاء القسري من ابرز ما يواجه استقرار المدنيين في مناطق سيطرة الفصائل الموالية للاحتلال التركي.
مضيفاً، وبشكل يومي هناك العديد من المدنيين من نساء وأطفال وشبان ممن يختفون فور خروجهم من منازلهم ونسبة قليلة جداً ممن يتم العثور عليهم وإعادتهم إلى منازلهم أما البقية فلا يزال مصيرهم مجهول، ولا يوجد احصاءات دقيقة حول عدد المختفين قسرياً إنما تحدث حالة أو أكثر بشكل شبه يومي، في حين توجد صفحات تنقل بشكل يومي عن حالات اختفاء قسري تحدث لمدنيين.
ويشير “أبو العبد”، أن هناك نسبة من هذه الحالات تعود لأسباب تتعلق بالمختفي مثل اضطرابات نفسية أو مشاكل عائلية تدفعه للخروج من المنزل دون عودة، لكن غالب حالات الاختفاء القسري هي بفعل فاعل وبسبب الاختطاف الذي تقوم به شبكات منظمة في المنطقة وهذا الشيء اتضح من خلال عدد من الحالات التي تم تحريرها والإمساك بالفاعلين، فبحسب الشهادات والمصادر، فقد تم إعادة وتحرير عدد قليل من المختفين أو المختطفين وامساك بعدد من الفاعلين، فالإعادة تكون إما بفدية أو أن الشخص المختطف يكون لديه مساندة من فصيل ما يساعد في تخليصه من العصابات التي تكون بالأساس مدعومة من فصائل عسكرية أخرى.
ويؤكد “أبو العبد” أن هذه الشبكات، عجزت جميع الفصائل الموالية للاحتلال التركي أن تضع حد لها رغم وجود الإمكانيات العسكرية والأمنية المتطورة وبدعم تركي (الدعم اللوجستي والمالي للفصائل) وتقوم غالب هذه الشبكات بابتزاز ذوي الضحايا من أجل الحصول على المال أو اختطاف فتيات لأغراض جنسية ومنها أيضاً تصفية حسابات وثأر بين الخاطف والمخطوف أو ذويه، فيما يؤكد أهالي في المنطقة، أن الشبكات، لولا أن الفصائل تسمح لها بعملها لما استطاعت القيام بانتهاكات بحق المدنيين.
ويشدد “أبو العبد” على ضرورة وضع حد لظاهرة الاختفاء القسري والاختطاف وأن تتحمل الفصائل مسؤولياتها تجاه سلامة المدنيين وعدم تعرضهم للخطر، أو أن تعترف هذه الفصائل وأجهزتها الأمنية بعجزها وخروج هذه الظاهرة عد حد قدرتها.
النساء والأطفال لاشك أنهم الضحية الأكثر تضرراً جراء الاختفاء القسري والاختطاف والفلتان الأمني بشكل عام ضمن مناطق سيطرة الفصائل الموالية للاحتلال التركي، إذ تتحدث السيدة “زينب الخالد” (اسم مستعار) وهي سيدة نازحة من بلدة لطمين في ريف حماة الشمالي وتقيم في مدينة إعزاز في ريف حلب الشمالي، عن قصة اختطاف شقيقتها لمدة تجاوزت الأسبوع، فتقول، أن القصة بدأت بتاريخ 30 شباط/ فبراير 2021، بعد أن خرجت شقيقتها (إسراء) “24 عام، في تمام الساعة الثامنة مساءً لزيارة إحدى صديقاتها، وبعد دقائق تبين أنها لم تصل لمنزل صديقتها، وانقطع التواصل معها بشكل كامل، بقي البحث جاري عنها لمدة اسبوع كامل، “لم نترك وسيلة إلا واتبعناها في سبيل إيجادها في الوقت الذي لم تبدِ فيه أجهزة الشرطة في المنطقة أي اهتمام بالقضية”.
وتضيف، بعد انقضاء أسبوع تقريباً تبين وجودها في منزل شخص خطفها ويقيم في بلدة حارم في ريف إدلب الشمالي، حيث بدأت المشاورات معه والتفاوض على إعادتها، حيث تمنع في البداية عن إعادتها وكان قد أكد أنه يريد الزواج منها أو اغتصابها إن رفضت ذلك، قبل أن يتدخل بعض الوجهاء لحد الخلاف وإعادتها بعد أسبوع من اختطافها.
تقول “زينب” أن الجاني لم يحاسب، وقد فلت من العقاب والمحاسبة برغم معرفته من قبل الفصائل، بعد أن تركها على أحد الطرقات، ثم تركها تذهب لأحد الأشخاص الوسطاء في المنطقة الذي قام بدوره بتسليمها لأهلها، بعد أن أخذ الضمان بعدم التعرض لها (عادة ما يتم معاقبة الفتاة بحال خطفت حتى لو كان ذلك قسراً من قبل ذويها وهذا شيء منتشر في بعض المناطق السورية خصوصاً العشائرية ويولد تخوف من قبل الفتاة المخطوفة).
وفي قضايا كهذه تكون المرأة عائبة في المجتمع حتى لو وقع الظلم عليها، حيث يحاسب المجتمع المرأة، خاصة أنها اختطفت من قبل رجل فسيكون الحديث عن شرف المرأة كافيًا من قبل المجتمع لمحاسبتها من قبل أهلها.
ورغم انتهاء قضية شقيقتها لا تزال “الخالد” تتخوف من إعادة اختطافها مرة أخرى أو التعرض لها في ظل وجودها ضمن مناطق أشبه ما تكون بحسب وصفها بـ “الغابة” إذ لا يوجد هناك أي شكل من أشكال القانون وردع المجرمين عن ارتكاب الجرائم ووضع حد للفلتان الأمني الحاصل.
بدوره يروي “أبو مصعب” ( اسم مستعار) من بلدة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي وهو مستوطن يقطن في مدينة عفرين المحتلة، في شهادته “لشبكة آسو الإخبارية”، عن قصة نجاة طفلة من محاولة اختطاف على يد شاب وامرأة يستقلان سيارة (فان) أثناء تواجد الطفل بالقرب من المنزل الذي يستأجره وفي وضح النهار، فيقول إن الحادثة وقعت بتاريخ 5 نيسان/ أبريل 2020، بعد أن ذهب لشراء بعض الاحتياجات تاركاً الطفل بالقرب من المنزل، بينما كانت والدته منشغلة ببعض الأعمال المنزلية، في تلك الأثناء توقفت بجانبه سيارة من نوع (فان)، محاولة اختطاف الطفل، عندما استطاعت الوالدة إدراك ذلك قامت بالصراخ ومطالبة الفزعة ممن يتواجد في الحي. ويضيف “أبو مصعب” أن مدنيين من الحي خلال اختطاف الطفل استطاعوا ابلاغ الحواجز المحيطة بالمدينة ومخفر الشرطة، بالوقت الذي توجه مدنيون لملاحقة السيارة عبر دراجات نارية، وبالفعل تم إلقاء القبض على على الفاعلين وهما شاب وسيدة ثم تم تسليمهما للشرطة.
لم يعد يستطيع أبو مصعب ترك ابنه البالغ من العمر 8 سنوات، مدركًا أن لا قوى قادرة على حماية المدنيين، بل أن القوى العسكرية شريكة مع الخاطفين.
وتكثر حالات الاختطاف بحق الأطفال والكبار لأسباب مختلفة، على حد قول أحد المتابعين للشأن العام، ويعيد ذلك للفلتان الأمني والظروف المعيشية، فيقول إن الكثير من حالات الاختطاف تكون بدوافع مادية، أو تجارة أعضاء، أو بداعي الاغتصاب.