مدونة آسو
شهادات ناجين: الذكرى الواحدة والستين لحريق سينما عامودا
في ذكرى حريق سينما عامودا الـ 61 والذي راح ضحيته ما يقارب 200 طفل من أبناء المدينة، يستذكر بعض الناجين وقائع اليوم الذي يصفه أهالي المدنية بـ “المشؤوم” ويعيدنا معه لأحداث كارثة أليمة حلت على المدينة.
“صالح سيد شاكر” هو أحد الناجين من الحريق، يروي الحكاية المؤلمة التي عايشها ولا زالت في ذاكرته، يقول لشبكة آسو الإخبارية “كنت في الصف الثالث الابتدائي يومها، حين ذهبت برفقة ابن عمي (فوزي) لمشاهدة فيلم (جريمة في منتصف الليل)”.
يضيف “صالح”، كانت مقاعد السينما مصنوعة من اللُبّن (الطين)، جلست في الصف الأمامي، وبينما أجواء السينما بدأت، فجأة ودون سابق إنذار بدأ جهاز العرض بالاحتراق، وأشعل معه المكان حتى باتت جدران وسقف السينما كأنها قد بنيت من نار”.
ويتساءل” صالح”، “كان للسينما أربعة أبواب، ولا أعلم لليوم لماذا لم تفتح لنخرج جميعنا سالمين؟”
تساؤول” صالح” هو جزء من اتهام السلطات بافتعال الحريق، هذا ما يورد من المؤرخين والكتاب والسياسيين في المنطقة.
وفي حديثه مصورًا مشهد النجاة يبيّن “صالح” كيف تمكن هو من النجاة بالقول، “سبب نجاتي هو أنني توجهت نحو الباب المطل على بئر السينما، حيث تلقاني أحد معارفي هناك وقام بسحبي للخارج ونجوت أنا، لكن ابن عمي (فوزي) توفي حرقاً، حتى بالكاد تعرفت على جثته، وذلك من خلال علاقة معدنية كان يضعها على بنطاله”.
وفي شهادة “محمد أمين عبد السلام” من أهالي عامودا الناجين من الحريق الذي عاد بنا إلى يوم احتراق السينما يقول لشبكة آسو الإخبارية، “كنا نتردد إل السينما لأنها كانت ملاذنا الوحيد للترفيه عن أنفسنا، فقد كنت حينها في الصف السادس الابتدائي عندما ذهبت لحضور العرض، وبعد مضي بعض الوقت على بداية الفيلم سمعت صوت أحد الأشخاص وكان يدعى (شويش) يصرخ: (حريق… حريق)، وعندها هرعنا جميعا باتجاه الأبواب التي كانت قد أغلقت فلفت انتباهي دكان كان في داخل السينما، فركضت إليه لأحتمي به من النيران المستعرة التي حولت السينما إلى كتلة مشتعلة من النار”.
ويضيف محمد ” عندما خرج صديقي (محمد) مسرعاً خارج السينما تشجعت وحذوت حذوه لكني أصبت بحرق في قدمي”.
ويتذكر “محمد” ذلك اليوم بمرارة في قلبه “كان الأهالي خارجاً يرشون الأطفال الناجين بالمياه، فطلبت من سيدة هناك أن تصب الماء على قدمي لشدة الألم فقالت بحسرة: (النار التي بقلبي من يطفئها)؟
وحتى يومنا هذا، يستذكر أهالي المدينة هذه المأساة التي حصدت أرواح العشرات من أبناء المدينة الأبرياء، ويوقدون الشموع في موقع السينما الذي تحول إلى حديقة صغيرة.
الحديقة تضم نصباً تذكارياً لأحد أعلام المدينة، وهو ينقذ الأطفال من بين النيران، ويدعى “محمد سعيد آغا الدقوي”، والذي قضى حرقاً أيضاً بعد تمكنه من إنقاذ عدد من الأطفال، كما تطالب العديد من التيارات السياسية والحقوقية الكرديةو بإجراء تحقيق عادل وشفاف، يزيل ملابسات القضية التي بقيت مجهولة حتى الآن.
ويذكر أن حريق سينما عامودا الذي وقع عام 1960 وراح ضحيته مايقارب الـ 200 طفل بحسب مصادر محلية، كان قد تمّ إبلاغ مدراء المدارس حينها بضرورة مساندة ثورة الجزائر عبر (أسبوع دعم ثورة الجزائر) وكان من ضمن برامج الأسبوع هو تخصيص يوم واحد من أجل عرض أفلام لأطفال المدارس، على أن يذهب ريعها للثورة الجزائرية.