أخبار وتقارير
على وقع ما حدث في أفغانستان… فصائل عسكرية وجهادية تبارك “لطالبان”
يامن الخالد – إدلب
ما إن أعلنت “حركة طالبان” عن سيطرتها الكاملة على أفغانستان، وتغلبها على القوات الحكومية، وبدء انسحاب القوات الأمريكية، بدأت العديد من الفصائل في الشمال السوري (التابعة للمعارضة السورية) إظهار فرحها ومباركتها “لطالبان” وتسمية سيطرة طالبان على أفغانستان بـ “الإنتصار العظيم”، وبدأ صدور البيانات التي تهنئ وتبارك للحركة بإنجازها، ما أثار موجة من الاستياء من قبل شريحة من المدنيين في الشمال السوري، فيما تعاطفت شريحة مع التضامن مع طالبان.
ومن أوائل الذين التي سارعتوا لإصدار بيان مباركة لحركة “طالبان” هو ما يعرف بـ “المجلس الإسلامي السوري” حيث أصدر بتاريخ 17 آب/ أغسطس بياناً عبر فيه عن فرحه بما اسماه “انتصار الشعب الأفغاني على المحتل الأمريكي” وتهنئة حركة “طالبان” بهذا الانجاز الذي يعد بحسب البيان “انتصار للأمة الإسلامية” (بحسب تعبير المجلس).
وتبع ذلك صدور بيان آخر من قبل “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقًا) يبارك أيضًا بانجاز حركة “طالبان” ثم انهالت العديد من الفصائل والتشكيلات العسكرية بإصدار بيانات مشابهة، مثل “تنسيقية الجهاد” و “فرقة الغرباء” و “جنود الشام” (فصيل غير معروف كثيرًُا ويتواجد في ريف إدلب الغربي في مناطق جسر الشغور)، في حين شهدت مدينة إدلب أفراحًا، أقامتها “هيئة تحرير الشام” تمثلت بتوزيع الحلويات على المدنيين والخروج بأرتال من السيارات، التي جالت في معظم أحياء المدينة فرحاً، بتغلب حركة “طالبان” على قوات الجيش الأفغاني والجيش الأمريكي، وإحكام سيطرتها على كامل أفغانستان، (هذه الأفراح أقامها أمنيون يتبعون لتحرير الشام فقط)
هذه البيانات المباركة ومظاهر الفرح، لاقت حالة استياء وغضب شعبي من شريحة من المدنيين في الشمال السوري الذين رفضوا ذلك وطالبوا تلك الفصائل والجهات المعنية الأخرى بضرورة صب اهتمامها بالشأن السوري وتحسين الواقع المعاش، وعدم الانشغال بما يجري في افغانستان، كما يعتبر جزء كبير من المدنيين في الشمال السوري “حركة طالبان” جماعة إرهابية وأن ما جرى في افغانستان يعد بداية لتحكم هذه الجماعة بالشعب الأفغاني، وأن انتصارها لن يحسن أوضاع الأفعان بل سيزيد من معاناتهم، في حين شاركت شريحة من المدنيين في الأفراح واعتبرت ذلك انتصارًا للأمة الإسلامية (..)!،.
“اسماعيل خليف” وهو خريج جامعي من منطقة “جبل شحشبو” في ريف حماة الغربي ويقطن في مدينة إدلب، في شهادته “لشبكة آسو الإخبارية” يقول، كان الأحرى بهذه الفصائل ولا سيما الجهادية المتشددة منها أن تحسن من واقع الداخل السوري، عبر تركيزها على مقاومة النظام، واستعادة المناطق التي خسرتها خلال الفترة الأخيرة، فهذا أفضل من مباركة “طالبان”.
مضيفاً، أن انتصار “طالبان” أو خسارتها لن يفيد بشيء لما تعاني سوريا منه في الوقت الراهن، فيجب على الفصائل ان تراجع حساباتها في كثير من المسائل، ومنها تأييدها لحركة “طاليان” ويجب الكف عن تسليم زمام أمورها للدول الداعمة، وعدم السماح لها، بتوجييهها فهذا سيطيل من أمد الأحداث الجارية ويزيد معاناة السوريين.
مؤكداً أخيراً أن هذه الفصائل المحسوبة على المعارضة السورية، أصبحت مرتهنة لما تمليه عليه الدول الداعمة مثل تركيا، وأنها غير قادرة على اتخاذ أي قرار من تلقاء نفسها دون الموافقة والمباركة التركية. ( في إشارة للفصائل الموالية لتركيا والمسلوبة القرار العسكري).
كذلك يتحدث الصحفي “جواد عبد الله” من ريف إدلب الجنوبي، ويقيم بمنطقة سرمدا في ريف إدلب الشمالي، لـ “شبكة آسو الإخبارية” بأننا “نرفض وبشدة تأييد فصائل المعارضة السورية لحركة “طالبان” وتسمية انتصارها بانتصار كبير وعظيم، فهي جماعة مارست الكثير من الانتهاكات بحق أبناء الشعب الأفغاني ولا تختلف عن الجماعات الجهادية المتواجدة في الشمال السوري”.
ويشير العبد الله، أن على هذه الفصائل أن تعي حقيقة ما حدث بأنه ليس بانتصار على الإطلاق، بل هناك تغير وتضارب مصالح لعب دوره في تسلم “طالبان” لزمام السيطرة في أفغانستان، حيث تختلف إدارة الرئيس الأمريكي “بايدن” عن غيره من الإدارات الامريكية، فلذلك شهدنا هذا الحدث في هذا التوقيت.
ويضيف، أن جميع مظاهر الفرح التي عمت إدلب ليس للمدنيين علاقة بها أبداً، بل هم مجموعة من الذين يعملون في “الجهاز الأمني” لدى “تحرير الشام”، قاموا بالاحتفال دون مشاركة مدنية، فالحراك المدني في الشمال السوري والذي بدأت منه الثورة السورية السلمية يبرأ من جميع أشكال الإرهاب ويعارض الأفكار المتشددة لدى الجماعات، على حد وصفه.
ويختم العبد الله قائلاً، لابد من أن يأخذ النشطاء والمؤثرين دورهم في رفض تأييد ومباركة العنف والإرهاب، ويجب أن يبرز دورهم بشكل أكبر، برغم وجود التضييق الشديد عليهم، من قبل جهات السيطرة في الشمال السوري، فالمهم ألا نترك هذه الجماعات تصور مناطقنا على أنها حكراً فقط على الأفكار المتشددة وأنها تخلو من الديمقراطيين والنشطاء السلميين (من ناشطات ونشطاء مجتمع مدني وصحفيين وحقوقيين ومثقفين).
وعن سبب تأييد هذه الجماعات والفصائل لحركة “طالبان” وفرحها بسيطرتها على أفغانستان، يتحدث “أحمد طيفور” وهو “باحث بشؤون الجماعات الإسلامية” في شهادته “لشبكة آسو الإخبارية” قائلاً، إن الارتباط بين هذه الجماعات ينبع من كونها جميعها بذات التوجه الديني، ومهما اختلفت في الجزئيات فإنها تتفق مع بعضها في أفكار مسلم فيها فيما بينها مثل “الجهاد” و “طرد الاحتلال” و “تطبيق الشريعة” وغيرها من الأمور المتفق عليها ضمنيًا فيما بينها.
مضيفاً، الجميع يعلم مدى الترابط القديم بين القاعدة وطالبان ويعلم أن “تحرير الشام” التي غيرت ثوبها عدة مرات هي ذاتها “جبهة النصرة” التي تعتبر جناح تنظيم القاعدة في سوريا، أما بالنسبة لباقي الفصائل مثل فصائل “الجيش الوطني” فهي تحمل الفكر ذاته وإن كانت تركيا تحاول نفي ذلك، ويوجد بين صفوفه الكثير من القياديين ممن كانوا سابقاً جهاديين في تنظيم داعش و “تحرير الشام” ومنهم من جنسيات غير سورية أيضاً
في المقابل، شهدت مناطق خاضعة للمعارضة السورية وأخرى محتلة من قبل تركيا، وأيضًا مناطق هيئة تحرير الشام، تضامنًا مع حركة طالبان، ويظهر ذلك بالتناغم الفكري، حيث يسيطر فكر راديكالي متطرف على تلك المناطق، حولت الحياة لقوانين تشريعية بدل القوانين المدنية التي يفترض أن تتناغم مع مطلب السوريين.
ويشير أخيراً أن هذا التأييد ليس مستغرباً بل وتؤكده تركيا الداعمة “للجيش الوطني” والتي لا تزال تعيش على بقايا الفكر العثماني وأنها ستكون يوماً من الأيام الدولة العظمى والتي تقود “العالم الإسلامي” فكل هذا النسيج المترابط لا بد أن يؤدي إلى مباركة هذه الجماعات لفصيل يحمل ذات الطابع والأهداف مثل “طالبان”.
ويجدر الذكر أن حركة “طالبان” استمرت بحربها في أفغانستان طيلة 20 عاماً قبل أن تعلن الولايات المتحدة الأمريكية أخيرًا سحب جميع قواتها ما أدى لسيطرة طالبان على العاصمة الأفغانية “كابول” وتبسط نفوذها على كامل أفغانستان في حادثة تعد الأبرز خلال العام الجاري 2021.