أخبار وتقارير
إطلاق الرصاص العشوائي من الإصابات إلى الآثار النفسية والمجتمعية
لم يعد الشاب “مسعود محمود خلف” من بلدة تل تمر (35 كم شمال غرب مدينة الحسكة)، يعيش حياة طبيعية، بعد إجراء عملية جراحية له إثر إصابته برصاصة طائشة، اخترقت ظهره واستقرت في صدره.
أصيب مسعود بتاريخ 24 كانون الأول من العام الفائت، في تل تمر برصاصة بندقية من نوع كلاشينكوف في ظهره، بعد إطلاق رصاص كثيف احتفالاً بإحدى المناسبات في البلدة، وقال “مسعود” لشبكة آسو الإخبارية، إنه كان قد أغلق محله للتو بعد الانتهاء من عمله، وحلول ساعات المساء، وحين كان في طريقه إلى المنزل برفقة صديقه، بدأ إطلاق رصاص كثيف داخل البلدة وخارجها احتفالاً بإحدى المناسبات في البلدة.
وأضاف بالقول: “فجأة شعرت بشيء ما قد اخترق ظهري مُحدثاً ألماً كبيراً، وإذ بصديقي يقول لي إنني أصبت برصاصة طائشة في ظهري، وليسعفني على إثرها إلى مستشفى خاص في البلدة، حيث خضعت لإجراء عملية “تفجير صدر” لإخراج الرصاصة التي استقرت في صدري داخلة من ظهري، وبقيت بعدها تحت المراقبة المنزلية لمدة 5 أيام”.
وأشار “مسعود” بأنه يحب الاحتفال بالمناسبات لكنه يعارض إطلاق الرصاص الحي فيها، فهي قد تكون سبباً في وقوع ضحايا أبرياء، أو تتسبب لهم بإعاقات دائمة.
وتعتبر بلدة تل تمر واحدة من البلدات التي انتشرت فيها ظاهرة إطلاق الرصاص بشكل كبير مؤخراً، حيث تشهد البلدة في أي مناسبة عامة كانت أو خاصة، إطلاق الرصاص الحي بشكل عشوائي تعبيراً عن الفرح، من قبل الأهالي وخاصة الشبّان.
وكثيراً ما يتسبب إطلاق الرصاص الحي بإصابات بين المدنيين قد تودي بحياتهم، وقد تتسب لهم بإعاقة دائمة أو مؤقتة.
عدا عن الإصابات المباشرة التي يسببها الرصاص العشوائي، فإن أهالي البلدة يشعرون بالهلع عند سماع صوت إطلاق الرصاص وخاصة الأطفال، ولا سيما أن البلدة تقع على خطوط التماس مع فصائل “الجيش الوطني” التابع للاحتلال التركي، وتشهد بين الحين والآخر هجمات على المدنيين.
كما يستنكر “نواف عبد الله جابر”، من ريف البلدة إطلاق الرصاص للتعبير عن الفرح، ويتساءل: “ألا توجد أساليب أخرى سوى الرصاص للاحتفال؟”
ويشير إلى حالة الذعر التي تنتاب أطفاله حين يسمعون أصوات إطلاق الرصاص في ريف البلدة “سواءً كان سببها احتفالات الأهالي أو حدوث اشتباكات مع الفصائل المسلحة”، على قوله.
ودعا “جابر” من خلال شبكة آسو الإخبارية، قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية (الأسايش) لـ “وضع حد” لهذه الظاهرة ومحاسبة الفاعلين.
وتكرس ظاهرة إطلاق الرصاص العشوائي آثاراً سلبية في المجتمع، فهي قد تتسبب بحالات قتل غير متعمد، وما قد ينجم عنها من حدوث حالات ثأر وانتقام من ذوي الضحايا، عدا عن حالة الهلع التي تخلقها لدى الأهالي والقلق والخوف الدائمين لدى الأطفال الصغار، وذلك بحسب ما أوضحه الدكتور “برزان سليمان” أخصائي علاج النطق والتخاطب، لشبكة آسو الإخبارية.
وانطلقت عدة حملات خلال العام الفائت تدعو لعدم إطلاق الرصاص في الاحتفالات، حيث نشرت وسائل إعلام محلية رسائل توعوية للحد من ظاهرة إطلاق الرصاص في المناسبات، كما دعا العديد من الناشطات/ين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بالتوقف عن إطلاق الرصاص، لتتصدر “لا لإطلاق الرصاص الحي في الاحتفالات”، ” لا تجعل فرحك يتسبب بحزن الآخرين” مواقع التواصل الاجتماعي.
كما دعا الناشطون/ات قوى الأمن الداخلي للقيام بمهامها بضبط حيازة الأسلحة ومنع انتشارها بشكل عشوائي، وإلقاء القبض على مطلقي الرصاص في الاحتفالات وتقديمهم للمحاكمة.
وانتشرت ظاهرة إطلاق الرصاص في المناسبات في معظم المدن والبلدات السورية، نتيجة الصراع المسلح بين المعارضة والحكومة منذ 2011، حيث لجأ الكثير من الأهالي إلى حيازته بسبب انعدام الشعور بالأمن على مستوى البلاد.
*الصورة من النت