Connect with us

أخبار وتقارير

خطابات عنصرية وقرارات جائرة تضيق الخناق على اللاجئين السوريين في تركيا

نشر

قبل

-
حجم الخط:

يامن الخالد – تركيا
مقدمة
صدرت خطابات كراهية عن مسؤولين في الحكومة التركية ضد اللاجئين السورين في السنوات الأخيرة، حتى أضحت قضية الوسم والتحريض ضد السوريين، واضحة، من قبل رأي عام تركي واسع.

في الجانب الرسمي، صدرت أيضًا قرارات تعسفية من قبل الحكومة التركية بحق السوريين، ظهرت أكثر مع تراجع الواقع الاقتصادي في تركيا، حيث يتهم الأتراك الحكومة أنها سبب الغلاء المعيشي وسوء الواقع الاقتصادي في البلاد، وكرد فعل شعبي على الحكومة يتم محاسبة السوريين على أساس أن الحكومة تدعمهم، في حين لا تقر الحكومة التركية بالأموال المرصودة من الأمم المتحدة في دعم السوريين بتركيا، فبات تضييق الحكومة التركية، إضافة للغضب الشعبي التركي، يشكل نبرة عنصرية وخطاب كراهية تجاه السوريين، تمثل في كثير من القرارات الحكومية والمواقف الشعبية.

وشهدت عدة مدن وولايات تركية تصعيد من جانب أتراك ضد السوريين، فيعتبر رأي عام تركي واسع أن السوريين باتوا يشكلون تهديداً لهم، وأنهم يساهمون في إضعاف الاقتصاد التركي، وشهدت الآونة الأخيرة العديد من حالات طرد لسوريين، وترحيلهم إلى سوريا من قبل السلطات، برغم قانونية الوجود بين المرحلين.

السوريون في فك السياسة التركية
مع انطلاق الحراك في سوريا آذار 2011، ومع اشتداد الحرب والصراع، بدأت حالات النزوح باتجاه الدول الحدودية مع سوريا، فكان لنصيب تركيا الحصة الأكبر، باستقبال اللاجئين من جهة، وتسلمها ملف المعارضة السورية في تركيا من جهة، ووصل عدد اللاجئين لمئات الآلاف من السوريين، حتى أضحى الحديث في البداية من قبل تركيا، أنه استقبال للأشقاء السوريين حتى وصفت القيادة التركية وجود السوريين بـ”المهاجرين” والأتراك بـ”الأنصار”.

وكان مقابل الضخ تجاه استقبال السوريين، بطابع إنساني، أن أصبحت تركيا راعية لتواجد المعارضة السورية، ومنح مساحة لها على أراضيها، عبر تحالف حزب العدالة والتنمية مع الإخوان المسلمين (سوريا)، حيث أثمر هذا التعاون هيمنة تركيا على قرار المعارضة السورية، في حين ردة الفعل من قبل المعارضة التركية، اعتبر أن حزب العدالة والتنمية يسعى لاستغلال اللاجئين السوريين، فشكل هذا صراع سياسي جديد، روج له السوريين الموالين لتركيا بأن المعارضة تعمل ضد وجود السوريين، بينما الحكومة تدعم هذا الوجود، حتى ظهرت حقائق الضغط على السوريين من قبل تركيا وحكومتها في العديد من المواقف.

خطابات المسؤولين الأتراك العنصرية والمتطرفة تجاه السوريين
شكلت خطابات وتصريحات المسؤولين الأتراك خلال الآونة الأخيرة حالة من ردة فعل سلبية من قبل المواطنين الأتراك تجاه اللاجئين السوريين، فبدا مشهد حالة عدم تقبل وجود السوريين بين المجتمع التركي واضحة، وتكوين فكرة سلبية عن السوريين وإشعارهم بالدونية أكثر وضوحًا، فبات الأتراك ينظرون للسوريين على أنهم عبء كبير على كاهل دولتهم وحكومتهم، وبدأت صيحات الرأي العام التركي وقوى سياسية تركية بأنه على السوريين أن يعودوا لبلادهم، وهذا بدا في عدد من التصريحات لمسؤولين أتراك، وعلى رأسهم” رجب طيب أردوغان”، حيث حملت في طياتها لهجة عنصرية تجاه السوريين، وتصويرهم على أنهم باتوا يشكلون عقبة أمام نمو الاقتصاد التركي، فيما كان موقف الرأي العام التركي أن الحكومة التركية تتحمل أعباء كبيرة لتغطية احتياجاتهم.

التغيير في خطاب أردوغان يعود للضغوطات التي يعيشها حزبه الحاكم في تركيا، وأيضًا ضغوطات دولية، وتوافقات سياسية جرت مع روسيا وإيران والنظام السوري، وكأنه لم يعد مستفيد من ورقة المعارضة السورية، ليبدأ برميها وبدل استخدامها على طاولة المفاوضات بات يضحي بها على طاولة المساومات، ولمصلحة تركيا على حساب السوريين.

بداية تصريحات الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” والتي تحدث فيها عدة مرات عن ذات القضية، لدرجة أن كلمات هذه الجملة المشهورة باتت محط سخرية وتعليق لدى اللاجئين السوريين في تركيا، وهي قوله “أن تركيا تحتضن أربعة ملايين لاجئ سوري”، ومن خلال تكرار هذه الجملة في عدد من الخطابات خلال الآونة الأخيرة، كانت الحكومة التركية تريد إيصال رسائل لدول الاتحاد الأوروبي، بضرورة تكثيف الدعم المالي لتركيا، لسد احتياجات اللاجئين السوريين وتأمين معيشتهم.

شخصية تركية مسؤولة أخرى عرفت بتصريحات عدائية وهو “تانجو أوزجان” رئيس بلدية مدينة بولو التركية، الذي عرف عنه تصريحات ومواقف عنصرية تجاه السوريين، حيث طالب عدة مرات كان آخرها بتاريخ 26 تموز 2021، بفرض تكاليف معيشية كبيرة على اللاجئين السوريين، وطالب بأن تكون أسعار الخدمات المقدمة للسوريين من إنترنت وكهرباء ومياه شرب، بأسعار أعلى من الأسعار التي تؤخذ من المواطنين الأتراك، بل وحدد أن يكون السعر مضاعف 10 مرات، فقال في أحد تصريحاته إن “إقامة السوريين طالت، فليذهبوا، إلى متى ستتحملهم تركيا؟”، وقال في تصريح آخر “أنهم لم يذهبوا عندما قطعنا المساعدات، ولم يذهبوا عندما توقفنا عن إصدار تصاريح العمل، لذلك قررنا الآن اتخاذ إجراءات جديدة”، في إشارة منه للاجئين السوريين، وهذه التصريحات اعتبرها اللاجئون السوريون تحريض ضدهم وخطاب عنصري ويحض على الكراهية تجاههم.

وكردة فعل على خطابات” أوزجان” المتكررة والمثيرة لغضب السوريين في تركيا، تقدم نحو 22 محامي وناشط سوري ومعهم أتراك بتاريخ 2 شباط الفائت بدعوى قضائية في محكمة “Çağlayan” التركية ضده، بسبب تصريحاته العنصرية المتطرفة والعدائية ضد اللاجئين السوريين وسعيه لطردهم من المدينة والتضييق عليهم.

أما زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض “كمال كليجدار أوغلو” فقد تعهد هو الآخر عدة مرات بإعادة السوريين إلى بلادهم خلال مدة زمنية لا تتجاوز السنتين، في حال استطاع الوصول إلى كرسي الحكم مستقبلاً، ويعرف “كليجدار أوغلو” أيضاً بكراهيته لوجود اللاجئين السوريين ومواقفه الرافضة لهم.

وقال في أحد تصريحاته بتاريخ 29 أيلول 2021 “أن السوريين أقرباؤنا وهم سيكونون سعداء في الأرض التي ولدوا فيها، لذلك سوف نعيدهم إلى بلادهم بسلام”، مشيراً إلى أنه “يوجد في تركيا 3 ملايين و600 ألف لاجئ سوري وفق الإحصائيات الرسمية الحكومية.

ويعيد البعض موقف المعارضة التركية إلى صراع سياسي هدفه المباشر ضد الحكومة التركية التي تظهر أنها ترعى السوريين، وليس ضد السوريين مباشرة، فيما يراه موالون للحكومة التركية، أن موقف المعارضة التركية نابع من موقفهم من الحكومة التركية، وعدم وجود عداء تجاه النظام السوري.

اللاجئ السوري ضحية مزاج الرأي العام التركي
وعن التغير الجذري بطريقة تعاطي الأتراك مع اللاجئين السوريين قالت سمر الأحمد (اسم مستعار) البالغة من العمر 48 عاماً، وهي لاجئة سورية من منطقة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، وتقطن في إحدى القرى المجاورة لمدينة أنطاكيا جنوب تركيا، لشبكة آسو الإخبارية، إنه خلال السنوات القليلة الأخيرة أصبح اللاجئ السوري عرضة للضرب والإهانة، وضحية لتقلبات مزاجية المواطن التركي، فكل حادثة تحدث في تركيا يتحمل السوريون تبعاتها ولا يفرّق بين من له صلة بالحادثة، وبين من لا دخل له بها، فأصبحنا نخاف على أولادنا من الخروج ليلاً بسبب تعرضهم للتوقيف والشجار مع الأتراك دون أي سبب يذكر.

وتروي الأحمد قصة قريبة حدثت مع أحد أولادها في مطلع العام الجاري، فتقول “حدث شجار بين مختار القرية وشخص سوري بسبب اتهامه بسرقة مبلغ مالي من محل صغير لبيع الخضار، وتطور الخلاف للضرب بينهما، فبدأ الأتراك يترصدون للسوريين على الطرقات وحدثت عدة حالات شجار بينهم، وقد تعرض أحد أولادي للضرب دون سبب على يد شبان أتراك، كانوا يقفون على الطرقات وأحياناً يرمون الحجارة على منازل السوريين”.

وأضافت أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فقط، بل طالب مختار القرية التركي بخروج السوريين منها والبالغ عددهم نحو 50 عائلة، وبعد أيام من النقاشات “تم الاتفاق على عدم إخراجنا وهنا كانت المعاناة، فأصبح أولادنا يتحاشون الحديث مع الأتراك ولا يخرجون إلا للضرورة”.

وتعرب سمر عن أسفها لما وصل له الحال بالسوريين في تركيا، والفرق الشاسع في معاملة الأتراك معهم ما بين بداية الحرب في سوريا والوقت الحالي، وتوعز سبب ذلك التغيير، لاتهام السوريين بأخذ دور الأتراك وحقهم في العمل والمساعدات الإنسانية وغيرها، ثم تعود وتأمل أن تنتهي هذه المأساة ويعود السوريون لبلدهم.

العمال السوريون ضحية العنصرية
تركت العنصرية آثاراً سلبية على العمال السوريين أيضاً، قال صفوق الحسن وهو شاب من ريف حماة الشمالي لشبكة آسو الإخبارية، إنه يعمل منذ عدة سنوات في مدينة أزمير التركية في معامل لتصدير الخضروات، وقد لاحظ خلال الثلاث سنوات الأخيرة تغير كبير طرأ على معاملة الأتراك للسوريين، وتزداد حدتها مع كل حادثة تحدث في تركيا أو خطاب لأحد المسؤولين وخصوصاً “أردوغان” فالعامل السوري مسلوب الحقوق بشكل كامل ولا يجرؤ على المطالبة بها.

وأضاف “الحسن” بأنه شهد بنفسه العديد من حالات التعدي من قبل الأتراك على السوريين في عدة معامل تنقل بينها، وعندما يحدث خلاف بين سوري وتركي يهاجم الأتراك جميع العمال السوريين ويتعرضون لهم بالضرب، في حين لا يستطيع العامل السوري التحرك أو الدفاع عن نفسه، كما لا يستطيع ترك العمل لأنه سيتعرض لسلب راتبه لعدم وجود عقود رسمية للعمل فلا يمكنه التوجه للقضاء للمطالبة بحقوقه.

ولا يوجد قانون رسمي يحمي السوريين بسبب أن تركيا تعتبرهم ضيوف وليسوا لاجئين، لذا في حال حدوث أي انتهاك بحق السوريين لا تتدخل الشرطة التركية وإن تدخلت يصبح القانون مع التركي، فكثيرًا ما أشار قادة رأي عام أتراك موالون للحكومة، أن على السوريين احترام الشعب التركي!

يقول الحسن “لقد تعبنا من النظرة السلبية والدونية لنا كشباب سوريين لاجئين في تركيا، فهذه النظرة تلاحقنا في العمل وفي الشارع وفي المؤسسات الحكومية وعند تعاملنا مع الأتراك في المحلات التجارية وحتى من قبل الجيران وأبناء الحي، لا نعلم متى ستنتهي هذه المعاناة وإلى متى سنبقى تحت رحمة الأتراك وتسلطهم بحجة إيواء اللاجئين”.

قرارات تعسفية ضد اللاجئين السوريين خلال الأشهر الأخيرة
وفي إطار استمرارها بالتضييق على اللاجئين السوريين في أراضيها والذين يكسبون بجهدهم وعملهم وبالدعم المقدم لهم من أقراءهم في الدول الأوروبية، صدرت العديد من القرارات والإجراءات بحق اللاجئين السوريين خلال الفترة الأخيرة من قبل السلطات التركية، والتي أثرت لحد كبير على حياة السوريين وزادت من معاناتهم، كان آخرها ما عرف باسم قرار “خطة التخفيف”، وينص القرار على منع الأجانب في تركيا بما فيهم اللاجئين السوريين الذين يشكلون الأغلبية، من تقييد نفوسهم ضمن 16 ولاية تركية ونحو 800 حي في ولايات أخرى، وهي أنقرة، أنطاليا، أيدن، بورصة، تشاناكالة، دوزجة، أدرنة، هاتاي، اسطنبول، إزمير، كركلاريلي، كوجالي، موغلا، سكاريا، تكيرداغ ويالوفا

وينص القرار أنه بحال وصلت نسبة الأجانب في ولاية من هذه الولايات لحد 25 بالمئة فحينها يتم وقف تقييد نفوسهم فيها، وهذه الخطة تهدف لتقليل عدد الأجانب ولا سيما السوريين في الولايات التركية.

وفي وقت سابق رحّلت السلطات التركية بشكل قسري الكثير من السوريين من أراضيها بحجج وذرائع مختلفة، ففي 31 كانون الثاني من العام الجاري، تم ترحيل نحو 150 شاباً سورياً معظمهم من حملة الشهادات الجامعية والعمال والموظفين في تركيا من حاملي أذونات عمل وبطاقات الحماية المؤقتة ( الكملك)، حيث جرى ترحيلهم عبر معبر “باب السلامة” المتاخم لمناطق سيطرة فصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا بعد احتجازهم في مركز”توزلا” بمدينة إسطنبول لمدة 10 أيام، ما دعاهم للخروج بتسجيل مصور يشتكون ترحيلهم بشكل قسري، فيما لا تزال عائلاتهم داخل تركيا، وجرت عملية الترحيل بذريعة عدم امتلاكهم إذن سفر إلى مدينة إسطنبول.

وسبق لتركيا أن رحّلت للداخل السوري عشرات السوريين بشكل تعسفي خلال شهري تشرين الأول وتشرين الثاني من العام الفائت، بسبب ما أسمته بالاستفزازات منهم لمشاركتهم في “ترند الموز” الذي بدأ بتاريخ 17 تشرين الأول، وذلك بعد أن ظهر مواطن تركي في برنامج تلفزيوني يشتكي من عدم قدرة الأتراك على شراء الموز، في حين أشار إلى أن السوريين يشترونه بكميات كبيرة على حد وصفه، لترد عليه فتاة سورية بالقول” بأنها لولا الحرب في سوريا لما اختارت اللجوء خارج بلدها”، ما آثار موجة تعاطف معها وسخرية من المواطن التركي وبدأت تنتشر فيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للسخرية من الأتراك وشراء الموز وأكله، فقامت السلطات التركية بالسعي لإرضاء الشعب التركي عبر قرارات بمنع تداول هذه الفيديوهات ومعاقبة من ينشرها، واعتقال مجموعة من السوريين الذين يعيشون في تركيا وروجوا لترند الموز.

وبتاريخ 20 أيلول 2021، أصدرت السلطات التركية قراراً بحق المرضى السوريين الذين يتلقون العلاج في المشافي التركية بشكل مجاني بدعم من دول الاتحاد الأوروبي، حيث نص القرار حينها على وقف منح بطاقات الحماية المؤقتة للمرضى السوريين داخل تركيا والتي كانت تؤهلهم للحصول على تلقي العلاج مجاناً، وأصبح العلاج بشكل كامل على نفقة المرضى، في حين أوقف معبر “باب الهوى” الحدودي منح إذن دخول للمرضى السوريين ( إحالات طبية) مهما كانت حالاتهم الصحية، ما ساهم في مضاعفة سوء أوضاع المرضى في تركيا والداخل السوري جراء هذا القرار.

يعاني الطفل ياسر الحاج راغب البالغ 13 عاماً من منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي، من مرض الضمور في الدماغ وشلل كامل، وهو بحاجة للعلاج في تركيا بحسب ما أكد الأطباء لوالده، فيقول والد ياسر لشبكة آسو الإخبارية، إن حالة الطفل تزداد صعوبة يوماً بعد آخر وهو بحاجة للانتقال للمشافي التركية لتلقي العلاج بأسرع وقت، “لكن جاء قرار منع الإحالات الطبية وتم رفض دخوله”.

وأوضح بأن رغم القرار فإن هناك من يدخلون عن طريق “باب الهوى” بعد دفعهم للرشاوي لفريق الفحص الطبي التركي على الباب الذين يتقاضون رشاوي تقدر بنحو 2000 دولار أمريكي من المرضى لقبول دخولهم لتركيا، وهذا القرار يعتبر وسيلة ضغط جديدة من قبل السلطات التركية على السوريين في تركيا، إذ توقف الكثير من المرضى في المشافي التركية عن العلاج بسبب تحملهم نفقته.

يوجد في الشمال السوري حالات مرضية صعبة جداً مثل مرضى السرطان وأمراض القلب والشلل لابد من دخولهم لتركيا لتلقي العلاج، ونحن نشعر بالصدمة جراء هذا التغير في تعامل الأتراك حكومة وشعباً مع السوريين ورفضهم لوجود مزيد من السوريين داخل الأراضي التركية، على حد وصف والد ياسر.

وفيما يخص التعليم أيضاً صدر قرار من السلطات التركية بتاريخ 1 تموز 2021، نص اعلى إيقاف عقود عمل نحو 13 ألف مدرس ومدرسة من السوريين في جميع المدارس التركية، علماً أن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “UNICEF” تتكفل بتمويل رواتب المدرسين السوريين ضمن اتفاق رسمي بينها وبين السلطات التركية، ومع ذلك فإن المدرسون يتقاضون راتباً يقدر بنحو ألفي ليرة تركية فقط، وهو أقل من نصف رواتب المدرسين الأتراك باعتبار أن جميع المدرسين السوريين في تركيا يعملون بصفة “متطوعين” بناءً على بنود الاتفاقية بين تركيا ومنظمة “اليونيسيف”.

“قاسم الدالي” شاب من مدينة حمص ويقيم في مدينة الريحانية التركية منذ عام 2014، وعمل مدرساً لطلاب المرحلة الابتدائية قبل أن يطاله قرار الفصل وتوقيف العمل، قال بأن المعلمين السوريين كانوا يعملون دون أي حقوق مقارنة بالمدرسين الأتراك، فعند حدوث أي مشكلة في المدرسة لا يستطيع المدرس السوري أخذ حقه باعتباره غير موظف رسمياً، والراتب قليل جداً ويساوي أجرة عامل عادي لدى الأتراك.

مشيراً أن المدرسين اعتبروا قرار الفصل قراراً تعسفياً وعنصرياً وغير مبرر، ولا تتحمل تركيا دفع حتى دولار واحد للمدرسين، وقد جاء قرار الفصل في ظل عدم توفر فرص للسوريين بسبب حملات التحريض والعنصرية التي يتعرضون لها من قبل المسؤولين الأتراك وانعكاسات ذلك على تعامل الأتراك، وبات المدرس كغيره من اللاجئين السوريين يعاني من تغطية مصاريف إيجار المنزل وتكاليف المعيشة واشتراكات الكهرباء والإنترنت والمياه.

وبعد مدة من قرار فصل آلاف المدرسين ادعت الحكومة التركية بأنها ستعيدهم للعمل في التدريس، لكن في الحقيقة الذين عادوا للعمل لا يتجاوزون العشرات اضطروا لدفع رشاوي للمسؤولين الأتراك لإعادتهم للعمل، ولا ندري إلى متى سيستر هذا التضييق على المدرسين السوريين.

تستمر معاناة اللاجئين السوريين داخل الأراضي التركية التي تستغل حكومتها وجودهم لكسب ملايين الدولارات من الدول الداعمة والمنظمات الدولية، في حين يمارس بحق اللاجئين السوريين أبشع صور العنصرية والتضييق عليهم بهدف دفعهم للعودة إلى بلدهم، كما ولا تزال خطابات الكراهية والعنصرية تصدر بين فترة وأخرى من مسؤولين في الحكومة التركية، وتصدر القرارات الظالمة التي تقيد اللاجئين وتزيد من سوء أوضاعهم المعيشية رغم هروبهم من وطأة الحرب الدائرة في سوريا.