أخبار وتقارير
الابتزاز المالي… انتهاك آخر لفصائل الجيش الوطني السوري لحقوق المعتقلين في شمال سوريا
يامن الخالد – شمال سوريا
تحرير (م.ج- ب- س)
تعتمد فصائل المعارضة السورية المسلحة (الجيش الوطني السوري)، الموالية للاحتلال التركي، منذ اجتياح مناطق بريف حلب، ودعم تركيا باحتلال مناطق في شمال وشمال وشرق سوريا، سياسة التهجير والتغيير الديمغرافي، وسياسة الاعتقالات التعسفية، وزج المدنيين في سجونها، وتحدث أبرز الانتهاكات في مناطق عفرين وما حولها، التي تشهد انتشار عشرات السجون المعروفة والسرية. ويستثمر العديد من قياديي الفصائل المسلحة هذه السجون، لكسب الأموال من ذوي المعتقلين، بابتزازهم واتباع العديد من الطرق لسرقة أموالهم بالإضافة الى أساليب التعذيب.
سجون الجيش الوطني السوري إجرام واستغلال لقضية المعتقلين
حصلت شبكة آسو الإخبارية على معلومات من مصادر خاصة من السجون التابعة للفصائل المسلحة الموالية للاحتلال التركي (الجيش الوطني السوري) في مناطق ريف حلب الشمالي، حيث تكثر السجون في مناطق شمالي سوريا المحتل من قبل الفصائل التي تعرف بقسوتها في معاملة المعتقلين، واستغلالهم مادياً.
بات تكريس سياسة الاستبداد وترسيخها من قبل الجيش الوطني السوري بدعم من تركيا، واضحة وتمارس بحق المدنيين، فلا مشاريع تدعم المجتمع سوى الانتهاكات، فيقول الناشط الإعلامي محسن صطوف (اسم مستعار لمصدر خاص لشبكة آسو الإخبارية) في شمال سوريا، واصفًا سجون ومعتقلات الفصائل بأنها أسوء السجون في التعامل مع المعتقلين “لدى الفصائل سجون سيئة الصيت، خاصة السجون التابعة لـ (الشرطة العسكرية) والتي يتواجد لها العديد من السجون في مدن عفرين وتل أبيض/ كري سبي، وسري كانيه\ رأس العين، والباب وجرابلس وإعزاز وراجو المحتلة”.
وبحسب الإعلامي صطوف فإن الاحتلال التركي، يمنح للفصائل مهمة الانتهاكات، ولا يقوم بمحاسبتها، ويبيّن أنّ “كل سجن يشرف عليه مجموعة من القياديين المعروفين بإجرامهم بحق المعتقلين واستغلالهم للمعتقلين والحصول على الأموال”.
ويشير صطوف إلى سجون باتت سيئة الصيت تحت إشراف فصائل الجيش الوطني السوري، “هناك العديد من السجون المعروفة والمشهورة التي تتبع للعديد من الفصائل السوري المسلحة الموالية للاحتلال التركي مثل سجن الباب، وسجن عفرين، وسجن تل أبيض، وسجن إعزاز، وسجن جرابلس، وهي سجون معروفة بينها سجون مركزية تتبع لمختلف الفصائل مثل (الجبهة الشامية) و(فيلق الشام) و(فرقة السلطان مراد) و(فرقة الحمزة) وغيرها”.
وفي الحديث عن التعامل في السجون يقول “صطوف”، إن السياسات التعسفية بحق المعتقلين في السجون مختلفة، وتختلف بدرجات الإساءة، فمثلًا “يعتمد المسؤولون عن سجن جرابلس سياسة تجويع المعتقلين، سيّما بعد افتتاح محل للأغذية داخل السجن، لإجبارهم على شراء الأغذية وبأسعار مرتفعة، فمن لا يشتري من المحل يتم التقصد بأن يتعرض للجوع”، وفقاً للناشط الإعلامي.
ويتابع ” صطوف” بالقول إن “المصدر المسؤول عن سجن (الشرطة العسكرية) في مدينة جرابلس، المدعو الملازم (راكان أبو علي) والمنحدر من ريف حلب الجنوبي، معروف باستغلال المعتقلين الذين غالبيتهم هم من المدنيين، وذلك بعد افتتاح محل لبيع المواد الغذائية داخل السجن، وبيع المواد بأسعار مضاعفة للمعتقلين، بعد تخفيض كمية الوجبات الغذائية الأساسية في السجن لهم، حتى يجبروا على الشراء من المحل الذي تعود ملكيته لمسؤول السجن ويديره أحد أقاربه”.
لا تقف الممارسات التعسفية من قبل فصائل الجيش الوطني السوري، عند الانتهاكات والابتزاز، بل يتجاوز ذلك لأفكار خبيثة، فيتطرق المصدر الخاص لشبكة آسو الإخبارية، إلى الانحطاط الأخلاقي للمسؤولين عن السجون الواقعة في مناطق سيطرة هذه الفصائل. حيث يؤكد أن أحد المسؤولين عن سجن “الشرطة العسكرية” ويدعى “أبو عمر” يأخذ أرقام نساء من أقارب المعتقلين، ويقوم بابتزازهن للحصول على المال، والتحرش الجنسي بهنّ عبر الإنترنت، مقابل الإفراج عن أقاربهن المعتقلين.
كما أنّ المسؤول عن سجن الشرطة العسكرية في بلدة راجو المدعو “فاروق محيميد ” يقوم باستلام مبالغ مالية يرسلها ذوي المعتقلين، حيث يقتطع منها نسبة 30% ويفرض رسوم كهرباء ومياه على المعتقلين، ويطلب مبالغ مالية مقابل الإفراج عن المعتقلين أو نقلهم لسجون أخرى، بحسب المصدر ذاته.
يتابع المصدر حديثه لشبكة آسو الإخبارية أن الانتهاكات تشمل إطار واسع ففي مدينة إعزاز يشرف على سجن (الشرطة العسكرية) ضابط يدعى (هشام دربالة)، “يعتبر السجن مسلخاً بشرياً، كما أن المدعو (هشام دربالة) يعرف بابتزاز ذوي المعتقلين والتواصل معهم للحصول على المال مقابل توفير راحة المعتقل والاهتمام به”.
لا يقف الأمر عند ذلك الحد وحسب، بل يتعداه إلى قيام قادة الفصائل المشرفين على سجن راجو بإطلاق سراح مجرمين متورطين بجرائم قتل وتعاطي وتهريب مخدرات وسرقات، وذلك مقابل دفع مبالغ مالية، حيث وثق المصدر الخاص لشبكة آسو الإخبارية في هذا المجال، اسم “أبو عمر الأوزبكي” وهو من المنتمين لتنظيم داعش في 20 نيسان 2020، وقد أطلق سراحه مقابل /1000/ دولار أمريكي من قبل فصائل الجيش الوطني السوري.
أبرز أسباب الاعتقال في سجون الفصائل والتهم الموجهة
تضم السجون في شمال سوريا المحتل من قبل الفصائل الموالية للاحتلال التركي مدنيين غالبيتهم نشطاء ومثقفون عرفوا بمعارضتهم لسلطة الأمر الواقع، أو انتقاد أحد الفصائل أو القادة العسكريين، وذلك بحسب الناشط الإعلامي “إلياس العلي ” (اسم مستعار) في حديثه لشبكة آسو الإخبارية.
ويقول “العلي”: إن “الفصائل الموالية للاحتلال التركي تعتقل المدنيين عبر حواجزها المنتشرة في المناطق، وتتنوع التهم ما بين الانتماء لتنظيم داعش أو قوات سوريا الديمقراطية، أو التخابر مع التحالف الدولي”.
ويشير إلى أنّ غالبية الأسباب هي انتقامية بالدرجة الأولى، مضيفاً بالقول: إن “الفصائل الموالية للاحتلال التركي تعتقل المدنيين عبر حواجزها المنتشرة دون أي وجود لطريقة قانونية كإيضاح سبب الاعتقال أو السماح لمحامي أن يدافع عن المتهم ويتم توجيه الاحكام بالسجن بحسب ما يريد القاضي”.
ويذكر الناشط الإعلامي، أن السجون يتم فيها ممارسة أبشع أنواع التعذيب؛ من ضرب مبرّح وحرمان من الطعام والصعق الكهربائي وتعليق المعتقل لفترات طويلة وغيره ذلك، مؤكداً أنّ الاعتقالات لا تفرق بين رجل وامرأة أو طفل صغير ومسن بل تجري بشكل عشوائي.
لافتاً إلى أنّ أغلب الاعتقالات تطال المدنيين الكرد، بهدف الاستيلاء على ممتلكاتهم أو لإجبارهم على بيعها أو الضغط عليهم للخروج من المنطقة، على حدّ تعبيره.
تجربة ناجي من سجون الفصائل المسلحة
يتحدث نور الأحمد (اسم مستعار لأحد الناجين من الاعتقال) لصحافي من منطقة ريف حماة الغربي عن تجربته في أحد السجون السرية ضمن منطقة شيه \ الشيخ الحديد الخاضعة لسيطرة فصيل فرقة السلطان سليمان شاه الموالي للاحتلال التركي في عفرين المحتلة، بتهمة عصيان أوامر ضابط على أحد الحواجز، واستمر اعتقاله لمدة شهر ليطلق سراحه بعد دفع مبلغ مالي كبير.
حيث يقول: “اعتقلتُ بسبب عدم السماح لعناصر الحاجز بتفتيش سيارتي وهاتفي الجوال”. ويضيف بالقول: “تم توقيفي عدة ساعات على الحاجز ثم نقلتُ الى مخفر الشرطة التابع للفصيل وبعد تطور النقاش زُج بي في سجن “الزنزانة “.
وعند سماع ذويه بخبر اعتقاله، اتجه عدد منهم إلى السجن للاستفسار عن سبب اعتقاله والمطالبة بإطلاق سراحه، لكن دون جدوى، حيث يذكر المعتقل السابق في سجون فرقة السلطان سليمان شاه، أنّ قائد الفصيل المدعو “أبو عمشة” حينها رفض إطلاق سراحه حينها، ليتم بعدها نقله لأحد السجون السرية، وفقاً لقوله، ويبيّن أنّ السجن كان عبارة عن ثلاث غرف تحت الأرض بعمق مترين، تعرض فيه، لأشد أنواع التعذيب من ضرب بالعصي والصعق بالكهرباء، بشكل شبه يومي على مدار شهر كامل.
ويؤكد “الأحمد” توصل أحد أقاربه، بعد مرور شهر، على اعتقاله، لاتفاق مع “أبو عمشة ” يدفع بموجبه مبلغ 3 آلاف دولار مقابل إطلاق سراحه، ويرى أنّ سبب اعتقاله تم أساساً لابتزاز ذويه، والضغط عليهم من أجل دفع المال لهم مقابل إطلاق سراحه.
لم تترك الفصائل المسلحة الموالية للاحتلال التركي وسيلة للارتزاق وجمع المال في مناطق سيطرتها إلا واتبعتها، فمن إرسال المرتزقة للقتال تحت إمرة تركيا إلى ليبيا وأذربيجان إلى مصادرة وبيع الممتلكات وفرض الضرائب والإتاوات، وابتزاز المعتقلين السجون وذويهم، وكل ذلك يندرج في إطار استمرار الانتهاكات اليومية التي ترتكبها الفصائل المسلحة في مناطق سيطرة الاحتلال التركي في الشمال السوري.