أخبار وتقارير
تزايد انشقاقات عناصر “الجيش الوطني السوري” بسبب عدم دفع الرواتب
تستمر حالة الانقسامات الداخلية والخلافات بين صفوف فصائل المعارضة السورية المسلحة الموالية للاحتلال التركي، وذلك بسبب تراجع الدعم المالي المقدم لها وتدني مستوى الأجور الشهرية التي يتقاضاها العناصر، في ظل ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة اليومية في مناطق الشمال السوري.
وتتشكل غالبية عناصر هذه الفصائل من فئة الشباب العاطلين عن العمل والدراسة، ولا يملكون مصادر دخل ثابتة.
تدني مستوى الأجور الشهرية، وانقطاعها بشكلٍ كامل عن بعض الفصائل والحصول عليها بشكل متقطع لدى البعض الآخر، أدى إلى حدوث انشقاقات فردية وجماعية بين هذه الفصائل، وذلك رغم الوعود التركية بتقديم الرواتب الشهرية في أوانها لهم.
وذكر حسام المحيميد (وهو اسم مستعار لأحد مصادر شبكة آسو الإخبارية في الشمال السوري) أنّ فصيل “الجبهة الوطنية لتحرير سوريا” المنضوي تحت راية “الجيش الوطني السوري” الموالي للاحتلال التركي، يشهد منذ قرابة 8 أشهر انشقاقات فردية كبيرة بين عناصره، وبلغت أعداد هذه الحالات ما يقارب/1700/ حالة انشقاق، على حدّ قوله.
ويعزو “المحيميد” سبب الانشقاق إلى انقطاع الرواتب الشهرية للعناصر، لثلاثة أشهر في البداية، ليتحول الأمر بعد ذلك إلى دفع تعويض شهري رمزي للعناصر لا يتجاوز /400/ ليرة تركية (ما يقارب 28 دولار أمريكي) بحسب قوله.
وبحسب المصدر فإنّ القسم الأكبر من عناصر “الجبهة الوطنية لتحرير سوريا” يتواجدون ضمن مناطق سيطرة “هيشة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً)، ما سهّل من عملية انشقاقهم وانضمامهم لصفوف الأخيرة بسبب الرواتب المغرية التي تمنحها لعناصرها والتي تتراوح بين /600-1400/ ليرة تركية، وفقاً لاختصاص كل عنصر.
كما يبيّن المصدر أنّ بعض العناصر المنشقين عن هذه الفصائل، اختاروا العودة إلى منازلهم والبحث عن فرص عمل أخرى بعيداً عن العمل المسلح، أو الهروب إلى تركيا عبر طرق التهريب، بحثاً عن فرص للعمل.
وفي السياق يقول “حسن العمر” /30/ عاماً، وهو اسم مستعار لأحد العناصر المنشقين حديثاً عن فصيل “جيش إدلب الحر” الموالي للاحتلال التركي، يقول لشبكة آسو الإخبارية، إنه أعلن عن انشقاقه عن الفصيل المذكور أواخر عام 2021 بسبب انقطاع رواتبهم الشهرية لمدة 5 أشهر، وعدم وجود بوادر لحل هذه المشكلة “رغم مطالبات العناصر المتكررة بحلها”، وفقاً لقوله.
ويتابع بالقول إنه كان يتواجد على خطوط التماس مع مناطق سيطرة قوات الحكومة السورية في ريف إدلب الجنوبي، حيث انقطع تزويد العناصر بالرواتب الشهرية في شهر أيار/ مايو 2021، واستمر حتى تشرين الثاني/ نوفمبر من العام ذاته، ليعلن انشقاقه عن الفصيل، بعد فقدانه الأمل بعودة الرواتب، ويبحث عن فرصة عمل تمكنه من تحمل أعباء وتكاليف المعيشة وسد حاجة عائلته المكونة من أربعة أفراد.
ويشير “العمر” إلى عدم وجود جدول رواتب شهري منتظم، وأن الرواتب تنقطع لعدة أشهر أحياناً، ويتوقف تسليمها لأجل غير مسمى، أحياناً أخرى.
“ولا يتجاوز سقف الرواتب /400/ ليرة تركية، وهي لا تكفي لسد احتياجات عائلة متوسطة التي تحتاج إلى /2500/ ليرة تركية شهرياً، بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية” بحسب “العمر”.
الحاجة هي سبب الالتحاق بصفوف الفصائل
يؤكد المصدر السابق، لشبكة آسو الإخبارية، إنّ سبب التحاق الكثير من الشبان بهذه الفصائل هو الحاجة المادية لتأمين جزء من احتياجات عائلاتهم وأهاليهم، وأن التحاقهم بصفوف الفصائل ليس دافعهُ القتال أو الثورة أو ما شابه، والدليل هو حالات الانشقاقات الكثيرة بعد انقطاع الرواتب على حد تعبيره.
كما يتطلع إلى تأمين عمل في أي مجال آخر بعيد عن الفصائل ليؤمن من خلاله متطلبات المعيشة اليومية لعائلته، وذلك رغم محاولات قاد الفصائل إقناع المنشقين بالعودة إلى العمل العسكري معهم ووعدهم بالالتزام بدفع الرواتب الشهرية وزيادتها.
“هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) وجهة المنشقين
يختار الكثير من العناصر المنشقين عن الفصائل الموالية للاحتلال التركي التوجه إلى “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) وذلك نظراً للرواتب العالية- مقارنةً برواتب الفصائل الأخرى- التي تقدمها الأخيرة لعناصرها ودعمهم بالسلال الغذائية.
ويقول الناشط الإعلامي، المقيم في تركيا، أيهم المحمد، لشبكة آسو الإخبارية، إن “هيئة تحرير الشام” تركز منذ بداية تشكيلها على دعم الملتحقين بصفوفها وتعمل على تطوير كفاءاتهم العسكرية من خلال الدورات العسكرية المستمرة.
ويشير “المحمد” إلى أن “هيئة تحرير الشام” تعتمد بشكل كبير على كثافة العنصر البشري في صفوفها، وذلك “لبسط نفوذها على كافة المناطق التي تسيطر عليها في مناطق إدلب وريفها وأجزاء من ريف حلب الغربي وريف حماة الغربي وريف اللاذقية الشمالي.”
ويضيف “المحمد” بالقول: “تبدأ رواتب هيئة تحرير الشام بـ 100 دولار أمريكي أو 1400 ليرة تركية إلى حد 600 ليرة تركية، وذلك بحسب التراتبية التي تعتمدها، فهناك من يطلق عليهم “العصائب الحمراء” وهم بمثابة “قوات خاصة” يخضعون لتدريبات نوعية جداً ويلتزمون في المعسكرات مدة 20 يوم شهرياً، وهؤلاء يحصلون على الراتب الأعلى وهو 1400 ليرة تركية إضافة لسلة غذائية شهرية بقيمة 50 دولار أمريكي، أما بقية العناصر المتواجدين على خطوط التماس فيحصلون على راتب شهري 600 ليرة تركية وأيضاً يحصلون شهرياً على سلة غذائية بقيمة 50 دولار أمريكي”.
ويتابع قائلاً: “ومن ناحية أخرى تجري “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) بشكل دائم دورات تدريبية على الأسلحة المتوسطة والخفيفة والثقيلة أحياناً وتجري مسابقات بين عناصرها ومن يتحصلون على المراتب الأولى تمنحهم جوائز وحوافز مالية أيضاً، فهذه المغريات التي تقدمها لعناصرها تدفع جميع العناصر في الفصائل الأخرى للانضمام لصفوها وهذا ما تسعى إليه وهو استقطاب أكبر عدد ممكن من العناصر في سبيل بسط نفوذها على المنطقة وإضعاف باقي الفصائل المنافسة لها”.
وبحسب “المحمد” فقد قدمت “هيئة تحرير الشام” في الآونة الأخيرة، تسهيلات عديدة للراغبين في الانضمام لصفوفها، عبر افتتاح “شعب تجنيد” في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها في الشمال السوري، ليتمكن المئات من عناصر “الجبهة الوطنية لتحرير سوريا” من الانضمام إليها.
محاولات تركية يائسة لحل مشكلة الانشقاقات
من جهتها حاولت استخبارات الاحتلال التركي الحيلولة دون اتساع رقعة الانشقاقات بين صفوف “الجبهة الوطنية لتحرير سوريا” من خلال تمرير دفعة مالية كانت عالقة منذ مدة طويلة، حيث تم تسديد رواتب شهرين سابقين للعناصر وهما رواتب شهر تشرين الثاني وكانون الأول من العام الفائت، لتعود الرواتب إلى الانقطاع من جديد، ووفقاً لما أكده المصدر الخاص لشبكة آسو الإخبارية، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لضرورات أمنية، فإنّ القسم الأكبر من الدفعة المالية ذهبت للقياديين ولسداد ديون متراكمة على الفصيل المذكور أعلاه.
الانشقاقات إلى اتساع
وبحسب معلومات تمكنت شبكة آسو الإخبارية من الحصول عليها، فإنّ الكثير من العناصر المنضوين تحت راية “الجبهة الوطنية لتحرير سوريا” يرون أن استمرار انقطاع الرواتب التي يستعين بها العناصر في تأمين احتياجات عائلاتهم اليومية، يعني، في نهاية المطاف، تزايد حالات الانشقاق، وتصدع الفصيل، الذي يعتبر من أبرز التشكيلات العسكرية التابعة لـ”الجيش الوطني السوري” الموالي للاحتلال التركي.
يُذكر أن “الجبهة الوطنية لتحرير سوريا” تشكلت في أيار/مايو 2018، وهي تضم أكثر من 10 فصائل مسلحة، أبرزها “جيش إدلب الحر” والفرقتان الساحليتان؛ الأولى والثانية، و”جيش النصر.