Connect with us

مدونة آسو

أيام الفن والثقافة الكردية في برلين: الكرد يعرفون بقضيتهم عبر الفنون

نشر

قبل

-
حجم الخط:

استطاعت إيصال الرسالة لقلوب شعوب متعددة…
سردار ملادرويش
(المانيا- برلين)

وصف القائمون على “أيام الفن والثقافة الكردية في برلين”، بأنها الأولى من نوعها في برلين، معتبرين أن الثقافة والفن، بوابتان، من الممكن أن تساهما بخدمة القضية الكردية، وإيصالها لمجتمعات وشعوب متعددة.

أحد أسس إيصال رسالة القضية الكردية جاءت من قبل القائمين باختيار مركز “موزاييك” الواقع في حي ببرلين، وهو يعود لمنتدى القدس الفلسطيني، ويشرف عليه فلسطينيون.

على مدى ثلاثة أيام، الجمعة والسبت والأحد بين 27 و29 آيار الماضي، أقام مجموعة من الفاعلين الكرد، بالتعاون مع مؤسسات مدنية وثقافية ومجتمعية كردية وعربية، أيام الفن والثقافة الكردية في برلين، عبر برامج (فنية وثقافية وأدبية وموسيقية وتراثية)، لإظهار الثقافة الكردية للأخرين، باللغتين الكردية والعربية، وبمشاركة كردية وعربية في محتوى البرامج.

واستطاع القائمون تضمين فنون عديدة من الفنون السبعة التي صنفها “إيتيان سوريو”، بينها الفنون البصرية (الرسم والصور) والموسيقى والمؤلفات الأدبية والقصصية والشعر إضافة لعروض سينمائية.

بحسب “يوسف مجيد عيسى” عضو اللجنة المنظمة لأيام الفن والثقافة الكردية في برلين، فإن الهدف من المهرجان على مدى ثلاثة أيام، آتى لأجل الحفاظ على الثقافة والتراث الكرديين، وإظهار التفاصيل الغنية حول ثقافة المجتمع الكردي بصورة مؤثرة للمجتمعات الأخرى التي يتعايش الكرد معهم.

ويعتبر “عيسى” أن الثقافة والفن والتراث، أدوات هامة في القدرة على التعريف بالشعب الكردي، وربما تأثيرها أكبر بكثير بالتعريف من الجانب السياسي، الذي اندمج مع صراعات خلقت في الحرب في سوريا.
من جانبهم القائمين على مركز موزايييك في منتدى القدس الثقافي، يصنفون المهرجان في سلسلة يقدمها المركز لتعزيز الثقافات في المانيا، عبر تعزيز النقاشات والحوارات، التي شهدها المهرجان بالفعل.

تخلل المهرجان أيضًا نقاشات وحوارات، تطرقت للشرخ والتفرقة الحاصلة بين مختلف الأطياف السورية وفي المنطقة بسبب الحروب والصراعات، وضرورة فتح حوارات بين الثقافات السورية وغير السورية المختلفة، وربما يكون الفن والثقافة قادران على أن يكونا بوابة لذلك، في الدول الغربية.

شكل المهرجان
في أحد أحياء برلين، يتواجد مركز “موزاييك” الذي يشرف عليه تجمع من الفلسطينيين العرب.
واجهة المركز خلال المهرجان عبارة عن محل عرض يظهر فيه رسوم تراثية ومكتبة وماليكان تتوزع فيه الكتب والآلات الموسيقية والأعمال اليدوية التراثية، حيث تم إعداد منصة للمحاضرات، بمحيطها تتوزع المقاعد للحضور، وفي خلف المركز ساحة تخللها عرض منتجات تراثية كردية، ومجموعة عرض لأزياء كردية تراثية نسائية ورجالية، وخيمة مليئة بكتب باللغتين الكردية والعربية تعود لمكتبة “شانا” التي يشرف عليها مجموعة من الشباب والشابات الكرد، إضافة لمساحة صغيرة مغطاة، تتواجد فيها أعمال يدوية تعود للتراث الكردي من كردستان تركيا وكردستان إيران، بين حقائب نسائية صغيرة وكبيرة، وشالات وأحزمة مصنوعة يدوية، يشرف عليها مجموعة فتيات يدرسن في جامعة بريمن في المانيا، أكدن أن الهدف من عرض وبيع المنتجات هو لدعم الطلبة الذين يدرسون في الجامعة، بينهما كان ستاند عليه مجموعة زجاجات من منتج النبيذ باسم “كوباني- Kobanî” -المدينة التي عرفت برمزيتها بمحاربة التطرف والإرهاب- الذي ينتج في المانيا، ويشرف عليه مجموعة من الشباب، المنتج تختلف آلوانه بين الأصفر والأخضر والأحمر، بينما ديزاين اللوغو عبارة عن صورة لتمثال المرأة الحرة في كوباني.

في داخل المركز زينت لوحات الفنان “خضر عبد الكريم” من كرد سوريا، جدار المركز، وبجانبها صور متنوعة تمثل مجتمع شمال وشرق سوريا للمصور الكردي السوري “رودي تحلو”، تعددت الصور بين إظهار الزي التراثي لمكونات شمال وشرق سوريا من عرب وكرد وسريان وكلدو آشوريين، إضافة لمكتبة تعود لمركز موزاييك تتعدد فيها الكتب والمؤلفات الأدبية، كذلك شهد المهرجان مشاركة من مركز سالار للموسيقى، بعرض نماذج من آلات موسيقية في المعرض

الثقافة تقرب الشعوب
يرى “يوسف عيسى” أن الفكرة الأساسية من تنفيذ المهرجان، هي الابتعاد عن السياسة، باعتقاده أن السياسة تفرق بين المجتمعات، لكن الثقافة والفن تقرب الشعوب من بعضها البعض، معتبرًا أن دولة مثل المانيا تحترم الحريات والديمقراطية، وتشجع الاندماج في المجتمع الجديد، لكن هذا لا يلغي تمسك المجتمعات اللاجئة بثقافتهم الأم، “على العكس في دولة ديمقراطية مثل المانيا هناك أرضية لتعزيز ونشر الثقافة الخاصة بكل مجتمع”.

وبرغم أن الثقافة والفن يعتبران بين أهم حقوق الشعوب في أي مجتمع، لكن في كثير من دول منطقة الشرق الأوسط، يُمنع على الأقليات والاثنيات إحياء ثقافاتها تحت هيمنة سلطات تكافح الحريات والتعددية وترسخ الاستبداد.

وحول سبب اختيار جهة فلسطينية، وغير كردية لاستقبال المهرجان، يرى “عيسى” أن الثقافة الكردية يجب أن تخرج من حديث الكردي للكردي فقط، وأن تداول أي قضية وعبر جميع البوابات يجب أن تصل للمجتمعات الأخرى، “كان خيار الشراكة مع مركز موزاييك الذي يشرف عليه أصدقاء فلسطينيون من أجل إقامة جسور التواصل بين الشعبين الكردي والعربي في برلين، على أن تكون التجربة ناجحة وربما تعمم في المانيا وعموم أوربا”.

ويؤكد “عيسى” أن أرضية التعريف بالقضية الكردية للشعوب الأخرى، كانت غائبة في بلادهم (سوريا)، “كنا نفتقد الأرضية المناسبة في بلدنا لنتشارك في هكذا فعاليات، وانعدام وجود مساحات للحوار، ورحب الأصدقاء الفلسطينيون بالفكرة واعتبروا أن مقر موزاييك هو مقر للشعب الكردي وثقافته وفنونه”.

تكمن آسس الحريات بالتعددية وحرية الرأي، وتقبل الأخر، ومع اختلاف وتعدد الثقافات المجتمعية في سوريا، يبقى ترسيخ الحقوق والعيش المشترك أبرز السمات القادرة على إحياء مجتمع ديمقراطي.

خطة الإعداد والتنفيذ للمهرجان
في مساحة نقاشية، مجموعة من الشباب والشابات، بدأت الفكرة لإعداد مهرجان يتيح الفرصة للتعريف بالقضية الكردية، وهذا ربما يحتاج لجهد ومدة زمنية، وهو ما حدث بالفعل على حد قول “يوسف عيسى”، الذي أكد أن الفكرة بدأت من مجموعة من الشابات والشباب، انضم إليهم نشطاء عرب فلسطينيون وسوريون، “عملنا على مدار شهر ونصف، للإعداد للمهرجان، حيث تم تنظيمه بدعم من تبرعات عينية من مؤسسات وشركات، وتبرعات من أصدقاء وصديقات من عموم ألمانيا وقارة أوربا، حيث فتح القائمون حملة للتبرع لاقت النجاح لاتمام المهرجان وتغطية تكاليفه”.

لوحظ أن المهرجان اعتمد بشكل واسع على فئة كبيرة من جيل الشابات والشباب، وهذا النجاح الذي ربما نستطيع القول أنه يعود لجيل الشباب، يرسخ في القادم ضرورة الاعتماد على فئة الشباب، المغيبة عن جميع الأطر، نتيجة عدم رغبة القادة السياسيين بمشاركة الشابات والشباب في مستقبل البلاد.

الحضور الجماهيري والإعلامي
استطاع القائمون على المهرجان باستقطاب فئة جماهيرية متنوعة بين الكرد والعرب، وهذا بحد ذاته يترك بصمة نجاح من الهدف الحقيقي للمهرجان بإيصال القضية الكردية للشعوب الأخرى، وكان لوسائل التواصل الاجتماعي والإعلام دور في إيصال صورة إيجابية عن المهرجان وترك صدىً جيد عن مضمون المهرجان.

على مدار الأيام الثلاثة للمهرجان تواجد ناشطون وإعلاميون وفاعلون ومثقفون كرد وعرب في المهرجان، حيث شهد اليوم الثاني تواجد كثيف لناشطات سوريات، وتحولت فترة البرنامج الموسيقي لإظهار التراث والدبكات الكردية للجمهور، التي شارك فيها العرب والكرد سوية.

شهد المهرجان أيضًا تواجد كثيف لصحفيين ومؤسسات إعلامية، عكست صورة المهرجان للجمهور، ما ساهم بشكل إيجابي بنجاح المهرجان.

ففي اليوم الثاني بينما زينت ألوان الزي الكردي التي ترتديها سيدات كرديات، والزي الذي يرتديه الرجال الكرد، ويعبر عن ثقافة وتراث المجتمع الكردي، شهد المهرجان رقصات مختلفة على موسيقى “الدف\الطبل والزرنا\ الزمر)، إضافة لتقديم وجبات وموكلات تعبر عن الثقافة الكردية مثل “الكوتلك- Kûtilk” و”مير- Meyir” ووجبات أخرى كردية وسورية.

كما قدم المهرجان سلسلة حوارات ونقاشات، بينها حوارات آدبية وحوار الأديان وتخصيص محاضرة عن الأدب الكردي للروائي والكاتب الكردي “جان دوست”، ومحاضرة خاصة عن الإيزيدين والتعريف بالديانة الإيزيدية وإزالة العديد من الصور النمطية حول الديانة الإيزيدية.

استطاع المهرجان تقديم أفلام سينمائية، إضافة إلى تكريم أحد أبرز القائمين على جمع التراث الكردي الأستاذ “صالح حيدو”، والتكلف بطباعة خمسة كتب له.

النتائج
من وجهة نظر القائمين كانت نتائج صدى المهرجان جيدة بحسب الإمكانيات البسيطة التي استخدمها القائمون في المهرجان، ولاقى المهرجان احتفاءً وحضورًا، تم نقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كان ردة الفعل من الجمهور الحاضر وعبر وسائل التواصل الاجتماعي إيجابية بحسب القائمين.

لم تخلُ التجربة من تحديات عديدة، وإن كانت ناجحة من حيث الشكل والمضمون والتقنيات الفنية، ما يدفع القائمين على المهرجان بالتشجيع لإعادة الفكرة مجددًا، بتجاوز التحديات وببوابة أوسع في المضمون والمشاركة.

*الصور من تصوير “سعد ياغي” وهي منقولة بتصرف من القائمين على المهرجان