أخبار وتقارير
شركة “إنرجي” التركية أحد أدوات الهيمنة والتتريك في الشمال السوري المحتل
يستمر الاحتلال التركي في بسط هيمنته على جميع مفاصل الحياة في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل السورية التابعة له، ويتجلى ذلك من خلال عشرات الشركات الخاصة التي تسعى إلى استغلال الاحتياجات الأساسية للأهالي، ومنها الكهرباء.
حيث عمل الاحتلال التركي على التفرّد بتزويد هذه المناطق بالطاقة الكهربائية عبر شركة “إنرجي” التي تتحكم بأسعار الكهرباء مستغلةً الظروف الحياتية الصعبة للأهالي بعد تضرر قطاع الكهرباء.
وكانت شركة “إنرجي” بدأت أعمالها بتوصيل واستجرار الكهرباء من الأراضي التركية إلى مناطق سيطرة الفصائل التابعة للاحتلال التركي، وكانت انطلاقتها من مدينة عفرين المحتلة، عام 2018، بعد تمديد أكبال التوتر العالي عبر معبر “باب السلامة” الحدودي مع تركيا، ويعمل في الشركة الآن موظفون سوريون وأتراك ولها العديد من الأفرع في الشمال السوري المحتل.
ويشتكي الأهالي المقيمون في مناطق ريف حلب الشمالي وسري كانيه/رأس العين وتل أبيض، من ارتفاع أسعار الكهرباء الواصلة إلى منازلهم ومحالهم التجارية من هذه الشركة، كما يشتكون من الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي ومن السلوك السيء الذي يتعامل به موظفو الشركة مع المشتركين، ما دفع بالأهالي لخروج العديد من التظاهرات المنددة باستغلالهم نتيجة رفع الشركة أسعار الكهرباء بشكل مستمر.
حيث شهدت العديد من المدن والبلدات مثل عفرين وإعزاز ومارع، خلال شهر حزيران/يونيو الفائت، خروج مظاهرات حاشدة بالآلاف، هجم فيها المتظاهرون على مقرات الشركة في عدة مناطق، وحرقوا مبنى الشركة في عفرين، وكذلك مبنى “المجلس المحلي” التابع للحكومة المؤقتة، وقوبلت المظاهرات بالقمع من قبل عناصر “الشرطة العسكرية” وحراس “المجلس المحلي في عفرين، وذلك وفقاً لما ذكرته مصادر خاصة لشبكة آسو الإخبارية، تحفظت على ذكر أسمائها لضرورات أمنية.
وتقول السيدة “عبير الأبرش” وهي نازحة من ريف إدلب الجنوبي، لشبكة آسو الإخبارية، إنّ الشركة بدأت في الآونة الأخيرة بتقنين الكهرباء لتصبح بمعدل 4/4 ساعات، كما تشتكي من ارتفاع أسعار الاشتراك حيث “وصل سعر الكيلو واط الواحد المنزلي إلى أكثر من 4 ليرات تركية”.
وبيّنت أنّ العائلة الواحدة تحتاج بشكل متوسط إلى أكثر من 200 كيلو واط، بسعر 800 ليرة تركية، أي ما يعادل 50 دولاراً أمريكياً، ودعت إلى ضرورة العمل على ما وصفته بـ “وضع حد لاستغلال المدنيين وجمع الثروات للشركات التركية”، متهمةً الفصائل المسلحة والمجالس المحلية بالوقوف وراء عملية “استغلال الأهالي” بحسب تعبيرها.
وتعبر “الأبرش” عن استيائها من استغلال شركة الكهرباء التركية لحاجة الأهالي، ومن التقنين الذي باتت تتبعه ومن الأعطال المستمرة، ومن تعامل موظفي الشركة مع الأهالي، موضحةً أنّ “من يريد تعبئة العداد يجب عليه الانتظار لساعات طويلة أمام باب الشركة تحت أشعة الشمس”.
وتوضح أنّ ما يدفع الأهالي إلى الحصول على الكهرباء من هذه الشركة وعدم اعتمادهم على الطاقة البديلة، هو وجود مساوئ للأخيرة، ومنها الخطر الذي تشكله البطاريات على العوائل في ظل ارتفاع درجات الحرارة، سيما بعد حدوث العديد من حالات انفجار البطاريات وحدوث إصابات بين الأطفال والنساء.
كما تشير إلى ضعف جدوى ألواح الطاقة الشمسية خلال فصل الشتاء، وبالتالي فإنّ الأجدى لهم هو الاعتماد على الكهرباء النظامية من خلال الشركة، بحسب قولها.
في سياقٍ متصل، يقول الناشط الإعلامي “خالد اليوسف” (اسم مستعار)، يقيم في بلدة جنديرس بريف حلب الشمالي، يقول لشبكة آسو الإخبارية، “هذه الشركة هي واحدة من بين عشرات الشركات التركية الأخرى التي فرضت نفسها في الشمال السوري وأصبحت الشركات التركية الخاصة تسيطر وتهيمن على جميع منافذ الحياة من خدمات وإنترنت وكهرباء ومواد غذائية وسيارات وغيرها، وقد تسبب هذا الغزو للشركات التركية بتوقف الكثير من الشركات السورية وتراجع عمل الكثير منها.”
سياسة الشركة التركية “إنرجي” المتبعة، دفعت مؤخراً بالكثير من العائلات لإلغاء الاشتراك بخدمة الكهرباء المنزلية بسبب عدم قدرتهم على تحمل الأعباء المادية، سيما بعد وجود مؤشرات بارتفاع أسعار الكهرباء خلال الأشهر القادمة، مثل زيادة عدد ساعات التقنين، والتذرع بكثرة الأعطال، بحسب “اليوسف”.
كما يقول “محمد الصالح” (اسم مستعار) وهو معيل لأسرة من 6 أفراد، يقيم في إعزاز بريف حلب الشمالي، لشبكة آسو الإخبارية: “ليس فقط غلاء أسعار الكهرباء وساعات التقنين الطويلة وسوء معاملة الموظفين في أفرع الشركة هو ما يثير الاستياء بين المدنيين ويزيد من تكاليف الكهرباء، بل تقوم الشركة بفرض غرامة مالية قدرها 15 دولار أمريكي بحال أراد صاحب العداد تغيير مكان سكنه، سيما وأنّ غالبية المشتركين هم من المهجرين والنازحين ويضطرون في كثير من الأحيان إلى التنقل من مكان إلى آخر، وكل ذلك في سبيل زيادة أرباح الشركة من قوت الأهالي الذين يعانون ظروفاً معيشيةً شديدة الصعوبة.”
سلوك الهيمنة المتبع من قبل الاحتلال التركي، على المناطق المحتلة، عبر أذرعه من الفصائل المسلحة، من خلال فرض الضرائب على الحركة التجارية وعلى الزراعة والتعليم والصحة ومحال السوق، وغزو الشركات التركية لهذه المناطق، يزيد من معاناة الأهالي ومن حالة الاحتقان الشعبي ضد هذه الممارسات، ويرجّح العديد من الأشخاص الذين التقت بهم شبكة آسو الإخبارية انفجار الأوضاع، وحدوث ثورة شعبية داخلية قريباً ضد الهيمنة التركية على مناطق الشمال السوري المحتل